وسط الاستقطاب الحادّ الذي تشهده الساحة السياسية المصرية حاليا، طفت إلى السطح حركة احتجاجية تسلك طريقا (ثالثا) بين الرّافضين لخارطة الطريق التي وضعتها القيادة العامّة للقوّات المسلّحة وعزلت بموجبها الرئيس محمد مرسي من منصبه والمؤيّدين لها، معلنين تدشين حركة جديدة (ضد العسكر والفلول وجماعة الإخوان المسلمين). يتزعّم هذا التيّار الثالث عدّة أحزاب وحركات سياسية ومجموعات ثورية، لكنها تعمل في خطوط متوازية وسط غياب لافت للتنسيق في المواقف والفعاليات. فبينما يتصدّر فكرة (الميدان الثالث) حزب مصر القوية وعدد من أفراد حركتي 6 أفريل والاشتراكيين الثوريين وحزب التيّار المصري، تسير حركة (أحرار) بشكل منفرد حاملة شعار (ضد العسكر والفلول والإخوان) الذي يتطابق تماما مع شعار الميدان الثالث. ويسعى أنصار الميدان الثالث لأن يكون ميدان سفنكس مهد حركة معارضة جديدة رغم قلّة أعدادهم مقارنة بأعداد المتظاهرين المعارضين لخارطة الطريق التي وضعها الجيش أو المؤيّدين لها ولوزير الدفاع عبد الفتّاح السيسي، أمّا حركة أحرار فتعتمد على تنظيم مسيرات مفاجئة في أماكن مختلفة للتعريف بأهدافها. وتعلن الصفحة الرّسمية للميدان الثالث على موقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) ما أسمته (انحيازها) بصورة واضحة، حيث تؤكّد على (فشل) نظام مرسي خلال عام من الحكم وتعزو هذا الفشل إلى أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، كما تنبّه إلى وجود معركة (قديمة، طويلة، وأساسية مع نظام حسني مبارك الفاسد القاتل المجرم)، معتبرة أن أيّ تنازل عن حقّ الشعب المصري لدى هذا النظام وأعوانه هو تفريط في حقّ الشهداء، وتشدّد على وجود معركة راهنة مع العسكر باعتبار أن الثورة قامت لأجل (حكم مدني، لا عسكري، ولا ديني). تشتمل أهداف الحركة على وجود معركة أساسية مع وزارة الداخلية (التي عذبت الشعب المصري لعقود طويلة)، وتعتبر أن المطالبة بتطهيرها والرقابة الحقوقية عليها وعلى أفرادها مطلب أساسي غير قابل للنّسيان، وأضافت أن الإعلام المصري بشكل عام يفتقد إلى المهنية ويعاني من الانحياز السياسي ويمارس التحريض، لا فارق في ذلك بين القنوات الدينية التي أغلقت وقنوات رجال الأعمال. وفي سياق مسيرة لحركة أحرار، انطلقت من شارع التحرير بحي الدقي في الجيزة. وجابت المسيرة -التي شارك بها مئات- شوارع حيّي الدقي والمهندسين في أجواء حماسية ساعد في خلقها صغر أعمار المشاركين بها وسيطرة طريقة روابط تشجيع الأندية الرياضية (ألتراس) على الهتافات والرايات التي يحملونها. وردّد المشاركون هتافات تندّد بالعسكر والإخوان، مثل (انزل واسترجل ما تخافشي.. انزل قول للعسكر يمشي)، و(مش إخوان ولا عايز مرسي.. بس السيسي ينسى الكرسي)، و(الإخوان بيقولوا شرعية والعسكر بيقول إرهاب والثورة ثورة شباب). ويقول أحد منظّمي المسيرة ويدعى يحيى دولة إنهم يرون أن الحكم العسكري عاد في 3 جويلية لتسليم الدولة إلى فلول نظام مبارك مرة أخرى، مشيرا إلى أن ثورة يناير لم تنجح إلا في إزاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي لم يكن يمثل سوى 10% من النّظام، حسب قوله. ويعلن يحيى أن الحركة تطالب بقيام ثورة من جديد لهدم الدولة العميقة التي قال إنها تعرقل أيّ تحوّل ديمقراطي حقيقي ولا تتعاون سوى مع أذناب النّظام القديم، ويضيف أن إستراتيجية تحركاتهم تعتمد على تنظيم أكبر عدد من المسيرات في أحياء مختلفة من القاهرة لتعريف الناس بمطالبهم، بعدها سيتمّ الدعوة إلى الدخول في اعتصام مفتوح قد يكون مقرّه ميدان سفنكس في حي المهندسين.