لم تستقطب مقابلة تلفزيونية على شاشات التلفزة الأمريكية كما استقطبت مقابلة قناة (فوكس نيوز) الأمريكية المثيرة، بما تناولته من قضايا جدلية مع الأكاديمي والباحث الأمريكي (الإيراني الأصل) رضا أصلان أهمها رسم صورة مغايرة للمسيح. كانت القناة وجّهت الدعوة إلى أصلان للحديث عن كتابه (المتعصِّب: حياة وزمن يسوع الناصري - Zealot: The Life and Times of Jesus of Nazareth)، الذي يناقض من خلاله الصورة السلمية السائدة عن يسوع المسيح مثيرًا نقاشًا جدليًا. فهو يؤكد أن يسوع من دعاة السلام، بل مناضل شرس من أجل الحرية، يهودي قومي، يريد تحرير الأرض المقدسة من حكم الرومان من أجل إرساء مملكة دينية يهودية نقية!. لم تمض ساعات حتى انتشر تسجيل المقابلة على شبكة الأنترنت، وحقق ملايين المشاهدات، وكانت المقابلة بثت أصلًا على موقع (فوكس نيوز)، والقناة تعتبر من المحطات الإخبارية الأكثر مشاهدة في الولاياتالمتحدة. بعدها، بيعت من كتاب أصلان نسخًا جمة، ما استدعى الناشر طلب طبعة جديدة. وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) إن الكتاب احتل المرتبة الأولى في قائمة الكتب الإلكترونية الأكثر مبيعًا، وحقق مراتب متقدمة في فئات أخرى من القائمة. الأديان مصدر رزقي وكانت مقدمة البرنامج ملكة جمال أمريكا السابقة لورين غرين أرادت أن تعرف كيف يمكن له، وهو المسلم، أن يتجرأ ويؤلف كتابًا عن نبي المسيحية؟. وعلى الفور أجابها: (لأن هذا عملي كأستاذ جامعي. أنا أستاذ في تاريخ الأديان، بما فيها الإنجيل. هذا ما أفعله من أجل لقمة العيش. إن الأمر مشابه للطلب من مسيحي أن يكتب عن الإسلام). وأضاف أصلان: (أنا عالم أديان، أحمل أربع شهادات، واحدة منها في العهد الجديد، وأتقن اليونانية القديمة. درست نشأة المسيحية لعقدين، وإن كنت مسلمًا). وحيث لم تقتنع مذيعة (فوكس نيوز) بإجابة أصلان، سألت مجددًا: لكن لماذا تكون مهتمًا بمنشأ المسيحية؟. هنا أجاب أصلان: (لأن تلك وظيفتي كأكاديمي. أنا أستاذ في علم الأديان، ومن ضمنها المسيحية. هذا مصدر رزقي، في الحقيقة). كررت المذيعة أسئلتها لأصلان بشكل خطف المشاهدين والقراء، حيث لا تزال إجاباته أقل من مقنعة للمذيعة، المتخصصة في تغطية قضايا الأديان، لمدة تسع دقائق متواصلة.. السؤال عينه، والإجابة عينها، تقريبًا!. في ختام المقابلة، التي اتهمت المذيعة أصلان ضمنها بأنه أخفى حقيقة إسلامه، رد أصلان أن (الصفحة الثانية في الكتاب تقول إني مسلم. هذه حقيقة معروفة لم أنفها قط). وعلّق متابعون للبرنامج بقولهم إن الكاتب أصلان لم يسجل أية نقطة لمصلحته، بينما بقيت غرين متجهمة بعض الشيء من جانبها، ولم تغيّر قناعتها بأن أصلان لديه أجندة خفية لتشويه المسيحية. وفي أحد أسئلتها، اقتبست غرين قول أحد المشاهدين للبرنامج إن الكتاب يمثل وجهة نظر إسلامية تعتبر أن يسوع نبي متعصب، وليس ابن الله، كما ادّعى. حينذاك، أجاب رضا أن الإسلام لا يقول ذلك أبدًا عنه (كتابي يعارض أيضًا ما يقوله الإسلام عن يسوع. هذا ليس رأي مسلم، بل عمل أكاديمي عن شخصية تاريخية، عاشت منذ 2000 سنة على الأرض، التي كانت تدعى فلسطين الرومانية). يذكر أن أصلان قد تحوّل إلى المسيحية، وهو مراهق، ثم عاد إلى الإسلام شابًا، وحقق شهرة كعالم أديان وكاتب مشارك في دوريات عدة.