بدأ الموسم الدراسي الجديد وعاد الطلبة والعمال إلى مقرات أعمالهم ومدارسهم، وازدحمت الطرقات بالتالي بالسيارات والمواطنين، وصارت الشوارع الرئيسية والفرعية مكتظة خاصّة في ساعات الذروة، على الخامسة مساءً والثامنة صباحاً، وساعات الإفطار. هو الأمر الذي دفع ببعض المواطنين الذين سئموا من الازدحام الذي يعانونه طيلة النهار، دفع بهم إلى التخلي عن سياراتهم، و تركها في المرأب، واستعمال الحافلة ووسائل النقل المختلفة بدلاً عنها، وذلك لتفادي الشجارات التي تنتج بصفة أوتوماتيكية عن الازدحام الذي يسبب النرفزة، فيحاول كل مواطن، أو كل سائق المرور، ولهذا فان المواطنين، خاصة سريعي الغضب، لا يستطيعون الصبر على تلك المواقف، وعوض أن يتشاجروا ويتخاصموا كل يوم، يفضلون استعمال وسائل النقل، التي ورغم أنها بطيئة وتتأخر أو لا تأتي كلية، إلاّ أنها قد تجعل البعض يتفادى تلك المواقف التي تفسد اليوم كله كما وقال لنا بعض المواطنين. تحدثنا إلى إسماعيل الذي يعمل في شركة خاصة من الثامنة صباحا إلى غاية الرابعة والنصف مساء، فقال لنا عن الموضوع: "املك سيارة كنت آتي بها، او لا استعملها إلاّ في الصيف او في العطل الربيعية او الخريفية، او ربما في العطل الأسبوعية حيث تخف حركة المرور قليلا، أما أن اخرج وأزاحم البشر في الطرقات، واسمع الشتائم وارى الناس يتسابقون ولا يحترمون أحدا، فهذا ما لا أستطيعه، او على الأقل إن أنا فعلت فسأضطر إلى التشاجر بشكل يومي، وهو الأمر الذي أتفاداه ولا أحب الخوض فيه، فالحافلة ارحم ولو أنها تتأخر بشكل دائم، ولا تصل إلاّ بعد ساعتين، في الوقت الذي أصل فيه بسيارتي خلال ساعة، لكن لا باس، وكما يقول المثل الشعبي: "اللي يحب الشباح ما يقول اح". أما نسيم، فهو كذلك اتخذ قراراه بعدم اخذ السيارة، وان يستعمل بدلاً لها الحافلة، ولكن ليس لأنه يغضب بسرعة، وإنما لأنه يجد أنّ نفقات السيارة من وقود ستجعله يدفع أكثر مما يحصل عليه آخر كل شهر من ماهيته، يقول: "الازدحام يجعلنا اصرف في اليوم الواحد أكثر من أربعمائة دينار، وهو مبلغ إذا ما حسبناه على عدد الأيام في الشهر نجد انه كبير، ولا استطيع دفعه، او لا يتبقى لي حينها الشيء الكبير، لهذا قررت أن استعمال الحافلة خاصّة وأنني اسكن بالقرب من المحطة، أي أني لا اتعب كثيرا في الذهاب والإياب، وهو أمر لا بد أن يفعله غيري، ليس ممن يجد نفسه غير قادر على الدفع فقطن بل حتى الأشخاص الذين لا حاجة لهم إلى السيارة، وذلك كي تخف حركة المرور من جهة، وكذلك لكي نحافظ ولو بالقليل على بيئتنا التي أهلكناها بمختلف الأشياء التي نصنعها والتي تعتبر الفاعل الأول في الاحتباس الحراري".