توتر في الأعصاب ، أصوات منبهات السيارات والحافلات ، الانتظار لساعات طويلة أمام طوابير المركبات التي لاتنتهي ، مناوشات وشجارات بسبب أجواء المشاحنات والتي كثيرا ما تتسبب في حوادث مرور خطيرة .. تلك هي الصورة الحية التي عادت من جديد إلى شوارع و طرقات العاصمة بعدما ركنت إلى الراحة خلال فترة العطلة الصيفية ، ولم تفلح جميع السياسات والاستراتيجيات المتبعة لتنظيم حركة المرور في العاصمة أو قطاع النقل بصفة عامة. عادت حركة المرور لتخنق طرقات العاصمة من جديد بعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة و ذلك بعد هدوء لازمها طيلة موسم الصيف الماضي في الوقت الذي عاشت فيه مختلف محاور ومسالك الطرقات بالعاصمة لأكثر من شهرين راحة تامة وذلك طيلة العطلة السنوية الصيفية ، وخلال شهر رمضان المعظم مما جعل المواطن يتنقل عبر مختلف أرجاء العاصمة بكل حرية و راحة. وأصبح الإزدحام أكبر هاجس للمواطنين في تنقلاتهم اليومية منذ بداية الدخول الاجتماعي ناهيك عن عودة كامل المستخدمين إلى مناصب عملهم بعد انقضاء عطلتهم السنوية التي فضل الكثيرون أن يستفيدوا منها خلال شهر رمضان المعظم ليزداد الأمر تعقيدا بعد انطلاق السنة الدراسية الجامعية بالنظر إلى عدد حظيرة النقل الجامعي التي هي في تزايد مستمر. وتشتد حركة المرور في الفترة الصباحية على مسافة طويلة من المدخل الشرقي وصولاً إلى وسط العاصمة، حيث تسير المركبات القادمة من الناحية الشرقية للعاصمة ومن شرق البلاد ببطءٍ شديد ، وهو الأمر الذي يتكرر في الصباح والمساء خاصة في الساعات الأولى من الصباح أي مواعيد إلتحاق العمال بمناصب شغلهم وأوقات الخروج يومياً ما عدا نهاية الأسبوع حيث تخف قليلا ، ويعكس هذا الاختناق تركز الأنشطة والإدارة وأماكن العمل وسط مدينة الجزائر . ولا يقتصر الازدحام على محور شرق العاصمة فحسب بل يشمل العديد من النقاط السوداء على غرار شوفالي- بوزريعة، باب الواد - ساحة الشهداء ، البريد المركزي - ساحة أول ماي ، بن عكنون- الأبيار العاشور، عين الله دالي ابراهيم شراقة حيث يشهد الازدحام داخل النسيج العمراني على مستوى المحور الممتد بين مركز بئر مراد رايس ومحولها، باعتباره أحد مداخلها ومخارجها الرئيسية، والذي يربطها مع غرب البلاد مروراً بمدينة البليدة، كما يتصل هذا المحّول مع الحزام الجنوبي الذي يلعب دوراً مهماً في الربط بين الجزء الشرقي للعاصمة مع جزئها الغربي دون المرور بوسط المدينة، وكذلك على مستوى عدة نقاط أخرى منها شاطوناف -الأبيار، واد كنيس -القبة وتعود أسباب هذا الازدحام إلى تزامن خروج العمال من مؤسساتهم أو انطلاق العمل في وقت واحد بالإضافة إلى إلتحاق المتمدرسين بمدارسهم والطلبة بجامعاتهم . وعلى ما يبدو فإن العاصمة لن تتخلص من مشكل الاختناق عبر طرقاتها إلا بعد الانتهاء من الأشغال الجارية حاليا على قدم و ساق على مستوى كل من مشروع الترامواي و المترو اللذان ينتظرهما المواطن العاصمي بفارغ الصبر قصد التنقل بكل حرية في الطرقات و الوصول إلى مقصده في الوقت المحدد ، وبما أن هاتان الوسيلتان تابعتان للقطاع العمومي فإنهما المتنفس الحقيقي للمواطن العاصمي بالنظر إلى المواعيد المضبوطة التي ستسير عليها وسائل النقل تلك لاحترامها لمواقيت الانطلاق و الوصول إلى جانب عدم سيرها في الطرقات المخصصة للسيارات التي عادة ما تكون مكتظة ، وسوف يرتاح المواطنين حقا من مشاكل النقل التي يتحكم فيها الخواص الذين يغلب على عملهم منطق الفوضى ، ناهيك عن الممارسات السلبية الكثيرة التي تطبع سلوكات الأغلبية الساحقة . قد يطول الحديث ولا ينتهي عن معاناة مستعملي النقل العمومي من سكان العاصمة على مستوى مختلف الخطوط سواء بالناحية الشرقية أو الغربية من العاصمة، حيث تعرف أغلب محطات النقل الموزعة عبر الجزائر العاصمة فوضى عارمة بسبب تراكم عدة مشاكل حالت دون ضمان راحة المسافر وسلامته، هذه المشاكل التي تمثلت أساسا في انعدام أدنى المرافق العمومية وقدم الحافلات المستعملة، ومشكل اللاأمن الذي بات يؤرق الكثيرين، وكذا مشكل الاكتظاظ والازدحام الذي زاد الوضع تفاقما، إذ تعرف معظم محطات نقل المسافرين اكتظاظا غيرعادي ، ناهيك عن الازدحام الواقع على مستوى مختلف الخطوط بين بن عكنون- بني مسوس ، شوفالي- بوزريعة، عين الله - درارية، ولاد فايت - شراقة ، ولاد فايت- دالي ابراهيم ، موقع النخلات ببرج الكيفان، ومفترق الطرق باب الزوار ، رايس حميدو الحمامات وغيرها . وفي هذا الصدد ، عبّر الكثير من المواطنين الذين تحدثنا إليهم بمحطة الحافلات عن استيائهم الشديد من الوضعية الصعبة التي يعيشونها منذ انطلاق موسم الدخول الاجتماعي وقد حمّل المواطنون أصحاب الحافلات المسؤولية الكاملة للازدحام الواقع بالطريق السريع ''لاكوت''، وحتى على مستوى شوفالي بوزريعة ، وقد أجمع هؤلاء على منطق الفوضى الذي يطبع سلوكات الناقلون الخواص الذين يتسببون في عرقلة حركة المرور بمختلف الاتجاهات من جهة، وفي كثرة الاكتظاظ بمختلف المحطات. أصحاب الحافلات من جهتهم أرجعوا مشكل الازدحام على مستوى مختلف الطرقات وحتى الطرق السريعة الى كثرة الحواجز الأمنية المنتشرة بكثرة والتي تزيد من مشكل الازدحام تعقيدا و إن كانت هذه الأخيرة ضرورة حتمية للمحافظة على أمن و سلامة المواطنين إلا أن عددها يعتبر بالنسبة لمستعملي الطرقات جد كبير فلا تتنقل مسافة إلا و يصادفك حاجز أمني سواء التابع لمصالح الشرطة أو الدرك الوطني وهو ما يضطر السائقين التوقف عند مختلف نقاط التفتيش لوقت معتبر بدء بمدخل العاصمة ثم وسطها إلى غاية مخرجها و هنا يكون السائق قد مر عبر العديد من الحواجز الأمنية قصد الوصول إلى الوجهة المقصودة . أما عن الطرقات السريعة فأكد بشأنها المواطنون والناقلون واصحاب السيارات أنها أصبحت بطيئة بالنظر إلى العدد الكبير من السيارات التي تدخل العاصمة يوميا، وقد ساهم في زيادة حجم حظيرة السيارات صيغة البيع بالتقسيط التي شجعت العديد من الأفراد على اقتناء السيارات لدرجة أن أصبحت كل عائلة تمتلك ثلاث سيارات أو أكثر .