مختصون في الصحة: "إنها مخدرات مباحة تؤدي إلى الإدمان" سال الكثير من الحبر حول المشروبات الطاقوية التي تروج بشكل ملفت للانتباه عبر الأسواق والمتاجر الكبرى ونفاد رفوفها في لمح البصر بالنظر إلى الإدمان الكبير عليها من طرف الشبان من مختلف الأعمار رغم مخاطرها المتعددة التي يؤكدها المختصون، بل أنها منعت حتى بالدول الغربية، ومست العدوى حتى الأطفال الصغار بعد أن تحوّلت إلى عادة اجتماعية وحجة المقبلين عليها التزود بالطاقة واللياقة البدنية والنشاط حسب ما تروج له الإعلانات التجارية عبر القنوات، الأمر الذي أدى بالكثيرين إلى الإقبال عليها لاسيما الشبان وحتى التلاميذ في فترة الامتحانات. نسيمة خباجة راد بول، باربيكان، هورس، بيزون،....وغيرها هي أسماء لمشروبات طاقوية راجت بين مختلف الشرائح وتقابلنا مصطفة بالرفوف في كامل المحلات بالنظر إلى الطلب الكبير عليها على الرغم من ارتفاع أسعارها، ولا تنخفض أسعارها عن 90 دينارا وترتفع إلى 140 و150 وحتى 200 دينار، غير أننا نجد إدمان الكل عليها. دفعنا فضولنا إلى تفقد بعضها وكانت وجهتنا متجر يقع بناحية بلكور توفرت برفوفه مختلف الأنواع التي كتبت عليها عبارة مشروب طاقة أو شراب شعير بدون كحول، وكان يترأس الطلبات مشروب راد بول الذي ذاع صيته بين الصغار والكبار على الرغم من منع ترويجه بدول أوربية على غرار فرنسا بسبب اكتشاف مخلفاته السلبية وتسببه في أمراض ومضاعفات القلب وحتى الجلطات الدماغية، اقتربنا من صاحب المتجر لمعرفة مدى الإقبال عليها من طرف الزبائن فذكر أن الإقبال زاد عليها منذ حوالي ثلاث سنوات بعد أن ذاع صيتها بين الناس، وصارت المصدر الأول لاستمداد الطاقة والتمتع بالنشاط والإقبال هو من طرف الشبان من ممارسي الرياضة التي تستلزم قوة عضلية، إلى جانب التلاميذ في فترات الامتحانات وصار الإقبال حتى من الصغار بسبب تقليدهم للكبار، وعن مدى تأثيرها عليهم أجاب أنه ليس على دراية بذلك، لكن في نفس الوقت لا يمتنع عن بيعهم السلعة ومسك مقابلها بعد أن أصبح الربح هو الهدف الأول وصارت صحة الناس تباع وتشترى في المزاد من طرف بعض التجار إن لم نقل أغلبهم. مشروبات تمهد للإدمان على المدى البعيد تشير أغلب الدراسات إلى العواقب الوخيمة للمشروبات الطاقوية التي تضاعف تصديرها إلى الجزائر من بلدان أوربية في السنوات الأخيرة وصنعت الحدث بين مختلف الشرائح، بحيث صارت بديلا عن المشروبات العادية وانتقلت عدوى شربها إلى الكبير والصغير، وحسب دراسة لمركز مختص في البحث في الأغذية والذي شمل ثلاثين شخصا، حيث كشف بأن مشروب ال(ريد بول) يحوي على مادة تساعد على تخثير الدم، وفي حال الإدمان الكبير على هذا المشروب تساهم هذه المادة عند تخثيرها للدم لرفع احتمالات الإصابة بتجلط الدم والجلطات المختلفة، كما أكدت الدراسة أن شارب علبة ال(ريد بول) يعتبر كالمريض بأمراض القلب لفترة معينة. كل تلك الأخطار دفعت بعديد الدول في العالم على غرار فرنسا وبعض دول أوروبا وجنوب شرق آسيا إلى حظر تسويقه وبيعه، بالإضافة إلى عديد المشروبات الطاقوية والتي تحتوي على مواد تعتبر ضارة والإدمان عليها جد خطير، حيث أكدت دراسة قامت بها الجمعية الطبية الكندية لشؤون التغذية أن مركب (تورين) الذي تحويه مشروبات الطاقة يقلل من فعالية الجهاز العصبي لدى الإنسان، وهذا المركب هو نوع من الأحماض الموجودة في اللحوم والأسماك تقوم الشركات المصنعة لمشروبات الطاقة بإضافته لمنتجاتها، وأضافت الدراسة أن من بين الأضرار التي يسببها ارتفاع مادة الكافيين في تلك المشروبات ازدياد نبضات القلب عن المعدل الطبيعي، حيث تصل أحيانا إلى 150 نبضة في الدقيقة، إضافة إلى زيادة تدفق الدم للعضلات حيث تصل نسبة الكافيين إلى20 ضعفا عما هو موجود في المشروبات الغازية. ترتفع نسبة الكافيين المخدر لتصل أحياناً إلى 80 ملغراما في علبة بحجم 100 مليغرام وهذه نسبة مخيفة، إلا أن بعض الشركات لا تذكرها على منتجاتها حتى لا تؤثر على حجم المبيعات، وأشارت الدراسة إلى أن المثابرة على تناول مشروبات الطاقة المشبعة بالكافيين تتسبب في حالة من الإدمان وحدوث اضطرابات نفسية نتيجة نقص هذه المادة في حال توقف الشخص عن تناول تلك المشروبات. ووصل بعض المختصين في الصحة إلى تصنيفها كبديل قانوني للمخدرات أو مخدرات مباحة بسبب مخلفاتها السلبية على المدى البعيد التي تكون نفسها المسجلة على المدمنين على المخدرات على غرار الإصابة بمرض رعشة الأطراف والقلق والاكتئاب وجملة من الاضطرابات النفسية. عواقب نفسية خطيرة وإلى جانب الأخطار الصحية والأمراض المكتسبة من مشروبات الطاقة، ما لا يعرفه الكثيرون أن تلك المشروبات تسبب القلق بعد فترة من تناولها بسبب الكمية الكبيرة من الكافيين، فبعد فترة من الزمن يستهلك الجسم الكافيين فتقل نسبته في الدم بعد تخلص الجسم منه فيؤدي ذلك إلى حالة من القلق، وتلك حالات مشابهة لتأثير المخدرات، لو تزداد الكمية لأدت بالتأكيد إلى عدم انتظام ضربات القلب، ومشاكل النوم، وبعض الأعراض النفسية (الانسحابية) والصداع، وأكدت الدراسات الطبية بأن هذه المشروبات تساهم في ارتفاع ضغط القلب وزيادة نسبة السكر في الدم والأرق وآلام الصداع والقلق ونزيف الأنف والنوبات المرضية، ومشاكل تسوس الأسنان، وتقليل الاعتماد على النفس كأحد التأثيرات النفسية للمواد المخدرة. كما أن الزيادة في استهلاكها قد يؤدي إلى الإدمان، فحسب الكثير من الدراسات فإن المواد الموجودة في مشروبات الطاقة تؤدي إلى هشاشة العظام على المدى القصير وتقدر بحوالي عشر سنوات وتسبب أضرارا بالغة بالكبد، بالإضافة إلى طرد السوائل من الجسم ورفع ضغط الدم وخفض استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين، من دون أن ننسى مساهمتها في خفض عدد الحيوانات المنوية، الصداع المزمن والأرق واضطرابات النوم وهناك آثار سلبية على الجانب النفسي والسلوكي، حيث توصلت إحدى الدراسات إلى وجود ارتباط وثيق بين استهلاك مشروب الطاقة وظهور مشاكل سلوكية عند الطلاب الجامعيين، حيث أوضحت النتائج أن زيادة الاستهلاك أدى إلى تعاطي المواد المخدرة والتدخين وشرب الكحول وزيادة اللجوء للعنف الجسدي. أصحاب المهن الليلية الأكثر إقبالا الصمت المطبق على رواج تلك المشروبات جعل أصحاب المهن الليلية وأغلب المهن التي تتطلب جهودا مضاعفة يقبلون عليها وحجتهم في ذلك استمداد الطاقة والنشاط واللياقة البدنية من تلك المشروبات، لكن هناك من يمتنعون عن شربها ويرون ضرورة الابتعاد عن كل ما هو مصنع ولجوئهم إلى الشاي والمواد الطبيعية المقوية على غرار الفيتامينات والمواد المحلاة كمصدر لنشاطهم، لكن لا ننفي إقبال الكثيرين على مشروبات الطاقة خاصة من العاملين بنظام المداومة الليلية، ولم يعد يتعلق الأمر فقط بالرجال بل حتى النسوة العاملات بقطاع الصحة وغيرها من القطاعات التي تفرض نظام المداومة الليلية والتي تفرض السهر وبذل مجهودات إضافية. اقتربنا من البعض من أجل رصد آرائهم حول استنجادهم بذلك الحل رغم سلبياته، فقال السيد عمر عون أمن ليلي إنه يقبل كثيرا على مشروب راد بول الذي يمنحه الطاقة حسبه لكن ما إن تأتي الساعات الأولى من الصباح حتى يجد نفسه منهك القوى، بحيث لا يتعدى مفعول المشروب الفترة الليلية ولا يتجاوز شرب قنينة واحدة خوفا من المضاعفات التي قال إنه يعلم بها لكن ما بيده حيلة حسب قوله فتعب المداومة الليلية يفرض عليه الاستنجاد بمختلف المقويات المتاحة. والغريب في الأمر أن حتى النسوة بتنا يهتدين إلى المشروبات الطاقوية ويعللن ذلك بمجهوداتهن المضاعفة ما أعلمتنا به سيدة تعمل كمساعدة في الصحة، إذ قالت إن عملهن الليلي يفرض على بعض زميلاتها شرب تلك المشروبات ويتواصين بها، ولاحظت أنهن على الرغم من شربها تظهر عليهن معالم التعب لتبقى هي بكامل لياقتها على الرغم من امتناعها عن تلك المشروبات وتعتمد على كل ما هو طبيعي حتى أنها تشك في مكوناتها دوما، وما رصدناه أن البريستيج والتفاخر كان لهما نصيب في دفع البعض إلى شرب تلك المشروبات وكذا حب التقليد فيما بين أوساط الشباب والمراهقين. أئمة يحذرون من الوقوع في الشبهات الكتابات الملحقة بتلك القنينات أو حتى الزجاجات التي باتت تحوي تلك المشروبات والتي تشبه كثيرا زجاجات الخمور والعياذ بالله جعلتها محل شكوك، ومن تلك العبارات نجد (شراب طاقة خالي من الكحول) أو (شراب شعير دون كحول) أو (شراب حلال)، وغيرها من العبارات الأخرى التي تؤدي إلى جملة من التخوفات خصوصا وأننا في بلاد إسلامية تناهض تعاليمها تلك الأفعال. كما أكد عدد من الدكاترة والأساتذة في علم التغذية الإكلينيكية أن هناك أضراراً كبيرة تلحق بمن يتناول المشروبات التي يطلق عليها مشروبات الطاقة مقارنة بمنافعها، وعن كيفية زيادة الطاقة من هذه المشروبات أوضحوا أن ذلك ليس سراً، حيث تحتوي على كمية كبيرة من السكر سريع الامتصاص (الجلوكوز) مما يعطي طاقة عالية، فحسب المدون على تلك العلب فإنها تحتوي على الطاقة 45 سعراً حرارياً لكل 100 مل (أي 112-120 كيلو سعر لكل علبة 250مل)، وذكر مختصون آخرون أن مشروبات الطاقة لها أثر سلبي على صحة الإنسان بعد إنهاء مفعول تلك المنشطات والمنبهات، وأنها تسبب الإدمان في أغلب الأحوال... فإذا ثبت هذا -وهو ثابت- تقرر أن مشروبات الطاقة ليست من المباح، لأن قواعد الشريعة العامة تقضي أن لا ضرر ولا ضرار، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا ضرر ولا ضرار)، وأما المشروبات التي توضع في علب تشبه علب الخمر، فوجب الابتعاد عنها إذا كانت تشبه علب الخمر شبها كبيرا، كما أن الجهة التي تعمدت تصميم تلك العلب على شكل علب الخمر، لا تخلو من نية سيئة في ذلك، وبالتالي فإن تجنب شراء منتوجها هو الأولى بالمسلم، ومن قواعد الشرع الحنيف سد الذريعة إلى الحرام، ووجود تلك العلب على النحو المذكور قد يجعل شاربي الخمر يتذرعون بأنهم كانوا يحسبونه مشروبا غير خمر، وهذا القدر كاف للحكم بعدم إباحة المشروبات التي توضع في العلب المذكورة اتقاء للشبهات والابتعاد عنها قدر المستطاع بالنظر إلى عواقبها الصحية والنفسية الخطيرة.