في أوّل زيارة لمسؤول إيراني رفيع المستوى إلى تركيا الجمعة الماضية، أبدى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقاءاته بكبار المسؤولين الأتراك حرص طهران على العمل المشترك مع أنقرة لوضع حلول ناجعة للأزمة السورية، في خطوة رآها البعض ابتعاد لأنقرة عن محور السعودية وقطر. قال المتحدّث باسم الخارجية التركية لاواند كومروكجو إن استمرار الصراع السوري (يؤثّر حتما على تركيا)، لكنه يؤثر بشكل أكبر على إيران وأصبح يشكل مصدر قلق لها لهذا (فبدل الدعم الأعمى للأسد بدأت تسعى لإيجاد حل لهذا المشكل وبحث أساليب جديدة لتحقيق ذلك)، وتابع أن استمرار دعم الأسد ربما يبقيه في منصبه لكنه لا يوفر الاستقرار والأمن لسوريا، وعلى العكس فقد أحدث فراغا في السلطة ملأه من وصفها بالعناصر المتطرفة، التي بدأ تأثيرها يشكل تهديدا في المنطقة. وتوصل الطرفان -حسب ما أفاد كومروكجو- إلى اتفاق على ثلاثة خطوط عريضة كأساس لعمل ثنائي لحل الأزمة، أولها أن الصراع السوري لم يعد يتعلق فقط بالداخل السوري، بل تحول لتهديد أمني خطير للمنطقة ككل، (بمأساته الإنسانية، وحركة اللجوء الواسعة، ووصوله لحافة الصراع الطائفي، ووجود عناصر متطرّفة). والثاني أنه يجب التحرّك بشكل سريع وفعال لوقف هذا الصراع بأساليب جديدة، أمّا الثالث فينص على أن المفتاح الحاسم لإغلاق هذا الملف هو التعاون الثنائي التركي الإيراني باعتبارهما (أهمّ عنصرين فعالين في المنطقة بما يحتم تعاونهما). كما أفاد المسؤول التركي باتفاق الطرفين على إجراءات عملية لحل أزمة الوضع الإنساني بسوريا بعد أن تدهور لدرجة لا يمكن احتمالها وتستدعي تدخّلا عاجلا لحلها. وفي هذا الصدد بإمكان إيران المساهمة في إيصال المساعدات الإنسانية لكافة السوريين في جميع المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. وعلى الصعيد السياسي للحلّ اتّفق الطرفان على ضرورة المرور بمرحلة انتقالية سياسية سلمية وترك مستقبل سوريا السياسي بيد الشعب السوري عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة. وأشار المسؤول التركي إلى تغيّر الموقف الإيراني تجاه المشاركة في مؤتمر جنيف 2، واعتبر أن مشاركتها ستكون مهمة وإيجابية إذا ما تمت بالفعل. وقال إن تركيا ترى في هذا المؤتمر فرصة مهمة لفتح الطريق أمام مرحلة انتقالية سياسية سلمية في سوريا، لكنه ربط مشاركة بلاده بوجود ضمانات بالبناء على بيان (مجموعة لندن 11) الصادر في ال22 من الشهر الماضي. ومن المرتقب أن يزور وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو طهران يومي 25 و26 من الشهر الجاري لمتابعة القرارات التي اتخذت أثناء هذه الزيارة، إضافة لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لإيران في مطلع العام المقبل، في حين يتوقع زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لتركيا الشهر المقبل. طهران مستعدّة للدعوة إلى انسحاب المقاتلين الأجانب من سوريا في شقّ متّصل، أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أن طهران قد تستخدم نفوذها لتشجيع المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في سورية على الانسحاب من هناك. وقال ظريف لتلفزيون (فرانس 24): (إيران مستعدّة لمطالبة جميع القوى الأجنبية بالانسحاب من سوريا، نحن مستعدّون للضغط من أجل انسحاب كلّ غير السوريين من الأراضي السورية). وكان ظريف يردّ على سؤال عمّا إذا كانت إيران مستعدة لاستخدام نفوذها على جماعة حزب اللّه اللّبنانية الشيعية التي تحارب إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد في سوريا.