ابتهج أصحاب المحلات النظامية لقرار القضاء على الطاولات الفوضوية التي بقت تضيع عليهم الربح لسنوات عدة وكثيرا ما أزعجهم انتشارها وميل اغلب المواطنين إليها بالنظر إلى الأسعار المغرية التي تعرض بها السلع على مستواها، والتي تختلف بكثير عن الأسعار المتداولة بالمحلات والتي لا يقوى عليها كل المواطنين مما دفعهم إلى اقتناء حاجياتهم من الطاولات المصطفة على الأرصفة والتي كانت بينهم وبينها عشرة طويلة ما فتئت أن انقطعت بعد قرار توقيف تلك الأنشطة الفوضوية. على الرغم من فوضويتها المواطنون لا ينفون ايجابياتها كونها كانت تحافظ على استقرار ميزانيتهم بالنظر إلى الأسعار البخسة التي تساعد جميع الطبقات على خلاف ما هم عليه اليوم بحيث وجدوا أنفسهم مجبرين على التعامل مع أصحاب المحلات، وهم جد متخوفين من تعنت البعض وانطلاقهم في رفع الأسعار وهي العادة التي اعتادوا عليها ومن شانها أن تزداد حدة بعد أن باتوا المصدر الوحيد لتقوت المواطن وجلب بعض حاجياته الضرورية من أواني وملابس ومفروشات منزلية. وبذلك صدق المثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد فقرار القضاء على الأسواق الفوضوية يحمل مزايا ايجابية ولا يخلو من بعض السلبيات، وان كانت ايجابياته تتفوق على سلبياته عند البعض فالعكس صحيح عند البعض الآخر، وتعد المحلات النظامية المستفيد الأول من ذلك القرار كونها ستشهد عودة زبائنها إليها بعد أن هجروها لفترة طويلة واستبدلوها بتلك الطاولات التي حققت غاياتهم وأرضتهم وحافظت على جيوبهم لفترة من الزمن. إلى جانب المقاطعات التي انتشرت فيها تلك الأسواق والتي اشتكى قاطنوها كثيرا من الإفرازات السلبية لتلك الطاولات على غرار انتشار النفايات وكذا انعزالهم عن العالم الخارجي فلا سيارة للإسعاف تستطيع العبور من جراء الزخم والاكتظاظ، ولا عروس تزف بطريقة طبيعية بالنظر إلى استعصاء عبور المواكب. وعلى الرغم من ايجابياته لم ينف البعض أن قرار تحرير الأرصفة من الطاولات الفوضوية ينقلب سلبا على الفقراء والفئات المتوسطة التي ستجد نفسها مكرهة للتعامل مع أصحاب المحلات التي ودّعوها لفترة ليست بالقصيرة، بالنظر إلى الجشع الذي يطلقه أصحابُها مراراً ومن شانهم العودة إليهم مكرهين بعد القضاء على تلك الأسواق الموازية التي ألفوا التعامل مع أصحابها لفترة طويلة. الكثير من المواطنين لم يهضموا فكرة القضاء على تلك الأسواق التي كانت ملجئهم الوحيد الذي يفرون إليه لتخفيف معاناتهم من جشع التجار النظاميين، تقول إحدى السيدات أنها اعتادت على التسوق من بعض الأسواق الشعبية على غرار سوق باش جراح وسوق ساحة الشهداء إلى غيرها من الأسواق الأخرى وترى أنها كانت الحل للطبقات المتوسطة ومفرهم الوحيد، لا من حيث اقتناء الأواني ولا من حيث اقتناء الملابس والمفروشات إلى غيرها من المستلزمات الأخرى التي لم يتوان هؤلاء التجار الشبان عن توفيرها بأسعار ملائمة تخدم الطبقات الكادحة، إلا انه في الوقت الحالي لا نجرؤ على دخول المحلات التي سوف تعلن جشعها لا محالة كونها ستمسك الزبائن مسكة موجعة في ظل انعدام البديل، لتضيف أن القضاء على تلك الطاولات لم ينقلب سلبا على أصحابها فقط بل حتى على الزبائن المتعاملين معهم منذ فترة طويلة . وقال مواطنٌ آخر إن المحلات النظامية سوف تفرض على الزبون المسكين وتجبره على الإسهام في دفع مستحقات الضريبة من جيبه بدليل الجشع المعلن من طرفهم كونهم يبررون دائما أن أصحاب الطاولات غير مجبرين على دفع الضريبة على خلافهم، وبذلك نجد أن حتى ابسط الأشياء لم تسلم من مختلف الزيادات ولو حتى ب10 دنانير، علتهم في ذلك وقاعدتهم الشائعة أن هناك مستحقات هي بانتظارهم تفرض عليهم انتهاج تلك السلوكات على غرار أجور العمال وكذا الضرائب والكهرباء وخدمات أخرى.