يتنقل باعة الشاي عبر الشوارع خصوصا في فصل الشتاء من أجل توزيع ذلك المشروب الساخن الذي يعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين من أجل التخفيف من الإحساس بالبرد، بحيث عادة ما نشاهدهم وهم يتنقلون بأباريقهم النحاسية المثبتة بالفحم للحفاظ على درجة سخونته لاسيما وأنه عادة ما يشرب ساخنا. تعرف تجارة الشاي ازدهارا عبر الشوارع بسبب الإقبال الكبير على ذلك المشروب الذي أدمن عليه الكثيرون في فصل الشتاء خصوصا وأنه مهدئ للأعصاب وفي نفس الوقت يجلب الإحساس بالدفء، وأضحى هؤلاء يتنقلون بأباريقهم عبر المحطات والإدارات والحافلات وفي كل مكان، ويكون أغلبهم من المناطق الصحراوية التي تعرف بالتحضير الجيد للشاي وتوفر أجود أنواعه بتلك المناطق. انتقلنا إلى ساحة البريد المركزي فقابلنا هؤلاء الباعة بمآزرهم البيضاء ووجوههم المشرقة وهم يحملون أباريقهم المملوءة بالشاي بغية توزيعه على المواطنين. اقتربنا من أحدهم فقال إنه من ولاية تندوف وزاول الحرفة منذ ثلاث سنوات واكتسب خلالها زبائن عشقوا ارتشاف الشاي الذي يحضره بطريقة صحراوية وذلك هو السر الذي جلب إليه الزبائن، بحيث قال إنه يتنقل بين المحطات وحتى الإدارات من أجل توزيع الشاي عليهم وإراحة أعصابهم قليلا بعد أن ينهكهم التعب. اقتربنا من بعض المواطنين للوقوف على سر إقبالهم الكبير على الشاي الصحراوي الأخضر دو النكهة الطيبة فأجمعوا أن نكهته الخاصة هي سر الانجذاب إليه، السيدة زاهية موظفة قالت إنها تقتني بصفة يومية أقداحا من الشاي الساخن من أحد الباعة الذي يستقر أمام المؤسسة التي تعمل بها، ورأت أن الإدمان على الشاي أحسن بكثير من الإدمان على القهوة، ورأت أن المشروب هو جد ملائم لفصل الشتاء من أجل نسيان التعب والبرد الشديد وكذا التخلص قليلا من تعب العمل وضغوطاته المتواصلة. أما سيد آخر فقال إن الكل ألف ذلك الشاي الصحراوي الذي يعرضه الباعة والمحضر بطريقة جد خاصة حتى أنه ابتعد عن الشاي المحضر بالبيت بعد أن عشق نكهة الشاي الذي يبيعه هؤلاء الباعة عبر الشوارع خصوصا مع معاملتهم الحسنة وبساطتهم فهم يلبون حاجة زبائنهم ويمتعونهم بالشاي الصحراوي جيد النكهة. واختار هؤلاء الباعة الشباب حرفة بيع الشاي وفضلوها عن البطالة التي أثقلت كاهلهم بولاياتهم الجنوبية، فمعظمهم وفد من ولايات ورقلة وبسكرة وجانت وتندوف وغيرها من الولايات الأخرى وقطعوا آلاف الكيلومترات بغرض إيصال نكهة الشاي الصحراوي لسكان الوسط الذين استقبلوه وأدمنوا عليه وفوت الفرصة عن الشاي التي تخصصت فيه مقاهي العاصمة بعد أن صار ينافسها الشاي الصحراوي وضعف الإقبال على المقاهي ومال الكل إلى باعة الشاي المتنقلين عبر الأزقة والشوارع قصد التمتع بذوقه من جهة وفك الغبن على هؤلاء المتغربين عن ولاياتهم وعائلاتهم خصوصا وأن مداخيله هي جد زهيدة لا ترقى إلى جعلها كمصدر مادي وحيد للعيش.