في الوقت الذي يشتمنا هولاند، ويتطاول على بلادنا، يواصل مسؤولون جزائريون التعبير عن عشقهم لفرنسا وولعهم بلغتها إلى درجة إلغاء اللغة العربية تماما من قواميسهم، سواء في تصريحاتهم أو بياناتهم. ولن نذيع سرا إن قلنا أن هناك وزارات جزائرية لا تعترف البتة باللغة العربية، فكل بياناتها بلغة هولاند، ومسؤولون يتباهون بالحديث بها.. إنها عقدة وفيروس نتمنى لهم الشفاء منهما.. اللغة العربية بالجزائر لازالت تعيش حالة من الانتكاسة، وقد مرّ يوم 18 ديسمبر المصادف لليوم العالمي للغة العربية الذي اعتمدته اليونسكو، بلا أثر يستحق الذكر في الساحة السياسية والإعلامية الجزائرية، مع أن مختلف الدول المنظمة لليونسكو احتفالات تخلد هذه اللغة العريقة. وقد أقر رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، الدكتور عثمان سعدي، في تصريح سابق له لجريدة وطنية بأن اللغة العربية تمر ب (أحلك) أيامها، ملقيا اللّوم على السلطة الجزائرية التي أعاقت في كثير من المرات تطبيق قانون تعميم استعمالها، وقال بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي أقرته (اليونسكو): (اللغة العربية مذلولة في الجزائر والفرنسية هي السيدة). وقد تفاءل الدكتور سعدي بمستقبل لغة الضاد، رغم كل الصعاب، إذ قال أن جمعيته تعرضت للتضييق وأغلقت جميع مقراتها التي كانت تبلغ 17 مقرا وهو يديرها حاليا من بيته، كما أوقفت الدولة مساعداتها للجمعية منذ 1994، قائلا (إن الجو مهيأ للغة العربية لتكون سيّدة، لأن المدرسة معرّبة مائة في المائة إلى غاية البكالوريا، ينقص فقط القرار السيادي الذي يجب أن يتخذ من طرف أعلى السلطات لإعادة الاعتبار للغة العربية وتفعيل قانون تعميم استعمالها)، مضيفا أن المجلس الأعلى للغة العربية تم تأسيسه من أجل هذا الغرض، لكنه قام بكل شيء إلا ترقية اللغة العربية وإعادة الاعتبار لها وتطبيق قانون تعميم استعمالها. للإشارة، فقد استدل الكاتب الفلسطيني نقولا ناصر بحوار أجرته (أخبار اليوم) الجزائرية مع الأمين العام للجمعية الوطنية للدفاع عن اللغة العربية الدكتور مصطفى نويصر قبل أيام ليؤكد (نكبة لغة الضاد). وقال ناصر في مقال بعنوان (الحاضنة اللغوية للعروبة في خطر) أن (الارتباط السياسي للحاكم العربي بالأجنبي هيمنة أو تحالفا أو (صداقة) يظل هو التحدي الأكبر أمام اللغة العربية)، مشيرا إلى أن نويصر قال في حوار أجرته معه "أخبار اليوم" إن في الجزائر (لوبي فرانكوفوني) جعل اللغة الفرنسية تحقق خلال "خمسينية الاستقلال" ما (لم تحققه على مدار 130 سنة من الاستعمار الفرنسي)، فهي (مهيمنة) في المجتمع والإدارة و"المجتمع المدني وحتى في السلطة السياسية"، واتهم الأحزاب والمجتمع المدني بأنها، مثل الحكومة، غير معنية بأن تكون حماية اللغة العربية جزءا من (عملية الإصلاح) الجارية في الجزائر.