سلامة: محطات تحلية المياه المنجزة..مكاسب حقيقية للجزائر وتضعها في موقع قوة إقليميا    رئيس مجلس الشيوخ المكسيكي يؤكد دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره    كرة القدم/ كأس افريقيا 2026 /اناث: سيدات المنتخب الوطني يواصلن تحضيراتهن بالجزائر العاصمة    دخول مهني/دورة فبراير 2025: تخصصات جديدة تتماشى ومتطلبات سوق العمل بشرق البلاد    صدور المرسوم التنفيذي المتضمن رفع قيمة منح المجاهدين وذوي الحقوق    مجلس الأمن يعتمد قرارا يدين الهجمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية والاعتداء على المدنيين    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    الطارف : انطلاق التربص التكويني لمدربي كرة القدم FAF1 بالمركب الرياضي تحري الطاهر    اقتناء "فيات دوبلو بانوراما" يكون عبر الموقع الإلكتروني    اجتماعٌ تنسيقي بين وزير السكن ووزير الفلاحة والتنمية الريفية    القانون الأساسي لموظفي التربية    نثمن الانجازات التي تجسدت في مسار الجزائر الجديدة    رهينة إسرائيلي يقبل رأس مقاتلين من كتائب القسام    معركة فوغالة كانت بمثابة القيامة على جنود العجوز فرنسا    بوغالي يلتقي اليماحي    جنازة نصر الله.. اليوم    جائزة التميّز للجزائر    ربيقة يشارك في تنصيب قائد جيش نيكاراغوا    شبكة وطنية لمنتجي قطع غيار السيارات    اتحاد التجار يطلق مبادرة لتخفيض أسعار المنتجات الغذائية    باتنة: الدرك الوطني بوادي الشعبة توقيف عصابة تنقيب عن الآثار    خنشلة: الأمن الحضري الأول يوقف شخص تورط في قضية النصب    تعديل في نظام تعويض أسعار القهوة الخضراء المستوردة    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    الجزائر المنتصرة تفتخر بانجازاتها العظيمة اليوم وغدا    تعزيز المطارات بأنظمة رقابة رقمية    الإجراءات الجمركية مطبّقة على جميع الرحلات    عشرات الأسرى من ذوي المحكوميات العالية يرون النّور    احتجاجات تعمّ عدة مدن مغربية    تكنولوجيا جديدة لتقريب الطلبة من المحيط الاقتصادي    المجاهد قوجيل يحاضر بكلية الحقوق    اعتماد 4 سماسرة للتأمين    وفد من المجلس الشعبي الوطني يزور صربيا    مبادرات مشتركة لوقف إرهاب الطرق    مولودية الجزائر تطعن في قرار لجنة الانضباط    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    نادي ليل يراهن على بن طالب    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    رضاونة يجدّد دعوة ترسيم "الأيام العربية للمسرح"    مستفيدون يُجرون تعديلات على سكنات تسلَّموها حديثاً    العاب القوى/الملتقى الدولي داخل القاعة في أركنساس - 400 متر: رقم قياسي وطني جديد للجزائري معتز سيكو    الأولمبياد الوطني للحساب الذهني بأولاد جلال: تتويج زينب عايش من ولاية المسيلة بالمرتبة الأولى في فئة الأكابر    كرة القدم/رابطة 1 موبيليس (الجولة 17): نادي بارادو - مولودية الجزائر: "العميد" لتعميق الفارق في الصدارة    رئيس الجمهورية يدشن بتيبازة مصنع تحلية مياه البحر "فوكة 2"    صِدام جزائري في كأس الكاف    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل والقوة الناعمة
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 12 - 2013


بقلم: نبيل السهلي
يعتبر مصطلح القوة الناعمة حديث العهد، ويعني أن تكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره.
وغالبا ما يطلق هذا المصطلح على وسائل الإعلام الموجهة أو ما يسمى الإعلام الموجة لخدمة فكر ما، وتعتبر القوة الناعمة من أفضل الأسلحة السياسية العسكرية، إذ إنك تستطيع السيطرة على الآخرين، وأن تجعلهم يتضامنون معك دون أن تفقد قدراتك العسكرية.
في مقابل ذلك، عرف الفلاسفة والسياسيون القدماء القوة الناعمة بتعابير متعددة، منها: مثلا التأثير والإقناع والثقافة والنموذج.
وبالنسبة لإسرائيل، فإنها في الوقت الذي تستعد فيه أمنيا وعسكريا من أجل محاولة صد أي تهديد عسكري محتمل من قبل جيرانها، بل والعدوان في أي وقت على الدول العربية، تحاول أن تبادر وتغزو عقول الشباب العرب والمسلمين المهتمين بالشأن الفلسطيني، وذلك بغية القيام بعملية غسيل دماغ تدريجية، من خلال قلب الحقائق، وتبييض صورة إسرائيل العنصرية في نهاية المطاف، وذلك عبر استخدام قوتين متوازيتين في آن واحد، وهما القوة العسكرية والقوة الناعمة.
ويتم ذلك من خلال الترويج لهما عبر استخدام الماكينة الإعلامية الإسرائيلية الموجهة، والاعتماد على الإعلام الأميركي والأوروبي الرسمي الذي يعتبر إسرائيل واحة للديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، رغم عنصريتها الآخذة بالتفاقم والانكشاف.
النفاذ إلى دول العالم
في الوقت الذي ساعد فيه الغرب، خاصة بريطانيا وفرنسا، وتاليا الولايات المتحدة الأميركية على بناء جيش إسرائيلي قوي، استطاعت إسرائيل خلال العقود الماضية (1948-2013) من خلال قوتها الناعمة المدروسة بناء علاقات مع غالبية دول العالم، حيث تؤكد وزارة الخارجية الإسرائيلية من خلال موقعها على شبكة الإنترنت أن إسرائيل -التي أصبحت عضوا في الأمم المتحدة عام 1949- باتت تقيم علاقات مع معظم دول العالم.
كما حرصت منذ تأسيسها على إشراك المجتمع الدولي في تجربتها في مجال التطوير، وبناء على ذلك تم عام 1958 تأسيس المركز الدولي للتعاون، وهو قسم يعمل داخل وزارة الخارجية، ويكلف بتخطيط مشروع التعاون الدولي الإسرائيلي وتنفيذه.
وثمة مؤشرات على نجاح استثمار إسرائيل للقوة الناعمة، ومن بين تلك المؤشرات شبكة العلاقات التجارية والسياسية الواسعة بين إسرائيل، سواء مع القارة الأوروبية، أو مع الولايات المتحدة الأميركية، أو مع القارة الأفريقية، وآسيا.
ولهذا نجحت في تبوؤ مكانة مهمة في إطار العلاقات الدولية السائدة، وساعدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تهيئة الظروف لبناء علاقات إسرائيلية تجارية وسياسية وثقافية مع دول مختلفة في العالم، خصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار جدار برلين، وسقوط القطب الآخر.
وقد ساعد على ذلك غياب التكامل العربي في إدارة التعامل وبناء العلاقات مع الدول المختلفة في العالم في إطار العلاقات الدولية لتحقيق المصالح العربية العليا.
مردود القوة الناعمة الإسرائيلية
استطاعت إسرائيل بناء علاقات متشعبة مع دول العالم بالاعتماد بشكل أساسي على مشاريع المركز الدولي للتعاون، بغية نقل المعلومات التكنولوجية وتنمية الموارد البشرية.
وتستهدف النشاطات تعزيز القدرات المهنية من خلال الدمج بين البعدين النظري والعملي، والدمج بين البحث العلمي وتطبيق المشروع على أرض الواقع، وتكييف تكنولوجيات جديدة لتلبية أولويات التطوير في الدول المستضيفة، وذلك عبر التعاون مع وزارات مختلفة ومعاهد مهنية وأكاديمية ومراكز بحث في إسرائيل.
ويعمل (المركز الدولي للتعاون) بالشراكة مع دول نامية ودول يمر اقتصادها حاليا بفترة انتقالية نحو مواجهة التحديات التنموية في مجالات مثل الحد من الفقر، تقديم الخدمات الصحية الأساسية، ضمان الغذاء، التربية في سنوات الطفولة المبكرة، مكافحة التصحر، تحقيق المساواة بين الجنسين، شركات صغيرة ومتوسطة الحجم وتطوير متكامل للمناطق الريفية.
وقد أشرك (المركز الدولي للتعاون) منذ تأسيسه ما يقارب مائتي ألف رجل وامرأة في دورات التأهيل المهنية التي نظمها في إسرائيل وفي الخارج.
كما تم إرسال أكثر من مائة ألف خبير إسرائيلي لفترات قصيرة وطويلة للتعاون مع نظرائهم في الدول المشاركة في المشروع، وامتد نشاط (المركز الدولي للتعاون) في مختلف أنحاء العالم ليشمل حوالي 140 دولة نامية.
وتنفذ بعض مشاريع المركز الدولي للتعاون بالتعاون مع دول مانحة، بما فيها الولايات المتحدة وهولندا ووكالات إغاثة دولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، مشروع التطوير التابع للأمم المتحدة (UNDP)، منظمة الصحة العالمية (WHO) والبنك العالمي.
ولتعزيز مكانتها في إطار تلك العلاقات، أعطت إسرائيل أولوية لإنشاء مراكز البحث، أو تطوير القائم منها، وتشير الدراسات المختلفة إلى أنها استطاعت إنشاء مائة مركز بحث، إن على صعيد الجامعات أو المراكز الخاصة.
وقد ساعدت تلك المراكز على تزويد صاحب القرار في إسرائيل بالأرقام والمؤشرات والاقتراحات والتوصيات، لبناء شبكة متشعبة من العلاقات الدولية، تعود بمردود سياسي واقتصادي كبير على إسرائيل.
وقد ساعدت أيضا على ترسيخ تلك العلاقات الخبرات الفنية العالية التي تمتلكها إسرائيل في مجال التقنية الزراعية، والتصنيع العسكري، والإلكترونيات.
ولتعزيز علاقاتها الدولية، تحاول الدولة العبرية امتلاك جيش قوي أصبح قوامه ستمائة ألف جندي عند النفير العام في كافة صنوف القوى البرية والبحرية والجوية، ناهيك عن الاعتماد على خيار نووي، عبر امتلاك الدولة العبرية لنحو مائتي قنبلة نووية.
وترى إسرائيل أن قوتها العسكرية المتطورة وامتلاك الخيار النووي ضمانان قويان لأمنها من جهة، ولاستمرار نفوذها في إطار العلاقات الدولية من جهة أخرى، خصوصا أن قضية الأمن تعتبر القضية الأهم في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية، وأن بناء شبكة علاقات إسرائيلية دولية بالاعتماد على القوة الناعمة يجب أن يخدم تلك القضية ويحققها.
ماذا عن القوة الناعمة العربية؟
بعد نجاح إسرائيل في استثمار قوتها الناعمة، ماذا عن القوة العربية، وما حدود استثمارها؟
على الرغم من نجاح الشباب العرب في استخدام القوة الناعمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك، واليوتيوب، وتويتر، لجهة التجمع في ميادين التحرير والتغيير العربية منذ ثلاث سنوات، والمطالبة بالحرية ورحيل النظم الدكتاتورية العربية، فإننا أمام حالة تشرذم رهيبة في مجال استخدام العرب القوة الناعمة لخدمة الأهداف الإستراتيجية العليا التي تتمثل أساسا في جعل الوطن العربي رقما له وزن قياسي في إطار العلاقات الدولية المتشعبة.
وتبعا لذلك، تحتم الضرورة إعطاء بعد أكثر وضوحا لأهداف ثورات الربيع العربي، حيث لا بد من توحيد الخطاب الإعلامي في مواجهة النظم الدكتاتورية، وفي هذا الخصوص لابد من المطالبة برحيل كافة الدكتاتوريات من المشهد السياسي العربي، والعمل على توحيد الرؤى إزاء مستقبل الوطن العربي وطاقاته البشرية والمادية.
وهنا تبرز أهمية استثمار القوة الناعمة من خلال إرادة وإدارة عربية موحدة للنفاذ إلى دول العالم، وبناء علاقات دبلوماسية واقتصادية متوازنة معها.
وفي الوقت نفسه، يجب على الإعلام العربي - خاصة الشباب العرب التواقين إلى الحرية ومجتمع العدالة- استثمار أدوات التواصل الاجتماعي من أجل مستقبل عربي مشرق لكل أبنائه، فضلا عن فضح سياسات إسرائيل العنصرية إزاء العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل انكشاف صورتها عند الكثير من شعوب الأرض في جنباتها الأربعة.
عندئذ يمكن القول إن العرب سيتبوؤون مكانة مهمة في إطار العلاقات الدولية بسبب استخدامهم قوتهم الناعمة الكامنة، وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، والوطن العربي غني بثرواته، ويزخر بطاقات بشرية واعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.