انتشرت صالونات الشاي عبر العديد من مناطق العاصمة وهي ليست بصالونات راقية بل هي عادية بدليل انتشارها عبر بعض المناطق الشعبية والسر الذي تحمله ونقل بعض أعراف البيئة الصحراوية للعاصميين، بحيث عمدت على تقديم شاي ساخن بشهد العسل وفق ديكور صحراوي محض وسارت بذلك على درب الخيمات الصحراوية المنتشرة هنا وهناك والتي اختصت هي الأخرى في تقديم الشاي. وتعرف تلك الصالونات إقبالا من طرف الزبائن بعد أن اختارت إحياء الليالي الشتوية بتقديم شاي رفيع النوعية عبر محلاتها، وابتعدت تلك المطاعم عن الأكل الخفيف أو تقديم القهوة، وفضلت تقديم الشاي الذي صار مطلوبا كثيرا بالنظر إلى فوائده المتعددة في إراحة النفس والأعصاب وبذلك نقلت بعض الصالونات البيئة الصحراوية إلى أهل العاصمة المتعطشين لمثل تلك الصالونات وعرضت بها المشروب الأول لأهل الصحراء أهل الجود والكرم. بحيث تظهر لك من الوجهة الخارجية تعليق (الحنبل) كفراش تقليدي محض وتزيين الجدران به من دون أن ننسى الأباريق النحاسية والفحم وبعض أنواع النباتات المعطرة على غرار النعناع والقرنفل ، كما عرضت تلك الصالونات بعض أنواع المكسرات الساخنة التي عهد الكل على إرفاقها بمشروب الشاي كونها تضفي نكهة خاصة عليه، وعرفت تلك الصالونات إقبالا من طرف الزبائن اللاهثين وراء تجسيد تلك الأعراف التقليدية. وأضفت تلك الصالونات حيوية على ليالي العاصمة لاسيما مع فصل الشتاء الذي يتلاءم مع تلك الأجواء. اقتربنا من أحد تلك الصالونات في حسين داي بالعاصمة فلاحظنا الإقبال الكبير عليها من طرف الزوار المتعطشين لمثل تلك العادات التي تساهم بشكل كبير في إحياء ليالي العاصمة التي تبدو ساكنة ويخيم عليها الظلام مبكرا في ليالي الشتاء، وكان أكثر الزبائن شبانا تجمعوا حول طاولات الشاي بالعسل وأنواع من المكسرات وأجمعوا على أن وفودهم إلى هناك يكون بصفة يومية بعد العشاء من أجل تجاذب أطراف الحديث وعيش تلك الأجواء الممتعة مع الأصدقاء. لاسيما وأن تلك الصالونات تخدم الطبقات الشعبية وتتداول فيها أسعار تلائم الجميع، فالمكسرات تباع حسب الغرامات أما الشاي فلا يتجاوز سعر 20 دينارا، ما بينه الشاب لطفي الذي قال إن مكان لقائه مع أبناء حيه يكون في ذلك الصالون الذي يوفر أجواء مميزة لزواره حول أقداح الشاي إلى جانب ديكوره الصحراوي الرائع المستنبط من تلك الزرابي الصحراوية التي اتخذت أشكالا وألوانا متعددة، وقال إن تلك القاعات استبدلت الروتين التي تعمده معظم المقاهي الأخرى ومحلات الإطعام السريع وراحت إلى عرض خدمة جديدة تعتمد أكثر على الحفاظ على جوانب تقليدية لجذب الزبائن، وبالفعل استقطبت الكثيرين الذين فروا إليها في ليالي الشتاء الباردة من أجل الاجتماع حول صينيات الشاي ورائحته الزكية التي امتزجت مع رائحة الفحم. بحيث دفع سكون العاصمة شتاء بالشباب إلى البحث عن بعض الأجواء عبر تلك الصالونات التي مزجت البيئة الحضرية مع البيئة الصحراوية ووفرت لزوارها أرقى الخدمات بأثمان زهيدة لخدمة كافة الطبقات الشعبية.