من الطبيعي أن نسمع عن إدمان بعض المراهقات والأوانس مشاهدة المسلسلات التركية بالنظر إلى توافقها مع أعمارهن وأحلامهن وطموحاتهن بعد أن ينجذبن إلى أبطال تلك المسلسلات ووسامتهم وهيأتهم الخارجية، لكن أن ينتقل ذلك الهوس والإدمان إلى عجائز مسنات فذلك ما لا يتقبله العقل وبه يتأكد أن الدراما التركية استحوذت على عقول الكثيرين في السنوات الأخيرة، حتى الرجال الذين انساقوا إلى تتبعها حلقة بحلقة على خطى زوجاتهم وأخواتهم، وصار ذلك النوع من المسلسلات يصنع الحدث لدى اغلب الأسر الجزائرية. استحوذت المسلسلات التركية على عقول الجزائريين بكل شرائحهم العمرية وغزت تفكيرهم فلا فرق بين مراهق أو مراهقة شاب أو شابة كهل أو سيدة شيخ أو عجوز، فالإدمان على مشاهدة ذلك النوع من الدراما أصاب الجميع بالنظر إلى ما صنعته تلك المسلسلات التي أصبحت تنافس الدراما السورية والمصرية وبالفعل تغلبت عليهما، وصار لا حديث في المقاهي أو البيوت إلا عن أبطال تلك المسلسلات الذين استحوذوا على الملابس وعلى أسماء المواليد الجدد بالجزائر وحتى على عقول اغلب الجزائريين. وصارت تلك المسلسلات الدواء الشافي للعجائز وأنستهن عللهن وشكواهن في كل وقت وحين ولم يثنهن تقدم العمر عن مشاهدة وقائع الحلقات حلقة بحلقة فهن لا يفوتن أي مشهد ولا يغفلن عن أي واقعة ولا يمللن على الرغم من طبيعة تلك المسلسلات التي تتميز بطول حلقاتها التي تجاوز المائة حلقة إلا أنهن يتذكرن الحلقات بكل جزئياتها بدليل إعادة سردها لمن فاتته الحلقة ناهيك عن حفظ أسماء أبطالها التي تتنوع بين نور ومهند ولميس ويحي ويحي وعمار ونرمين، فيفرحون لفرح الأبطال ويبكون لبكائهم. وأنست تلك المسلسلات الحنين الذي كان يربطهن مع المسلسلات المصرية خصوصا مع الأزمة الكروية التي حصلت مؤخرا وحتى المسلسلات السورية تراجع عدد مشاهديها، واستحوذت المسلسلات التركية على المرتبة رقم واحد، لتأتي يعدها الدراما السورية ثم الخليجية ثم المصرية في آخر المراتب، بالنظر إلى تراجع مستواها مقارنة مع غيرها من الدرامات، لاسيما التركية فلا مجال للمقارنة بينهما. وفي هذا الصدد تقول السيدة أسماء أن حماتها التي قاربت العقد التاسع لم تفوت ولو مسلسل واحد من تلك المسلسلات منذ انطلاق بثها على القنوات الأرضية والفضائية، وهي تفرض على جميع من في البيت مشاهدتها للتآنس معا، وتندهش لمن يفوت فرصة مشاهدتها وتحبذ تقريبه منها بسرد بعض تفاصيلها، وقالت أن تلك المسلسلات أراحتها من ملاحظاتها وعتابها المتكرر فأصبحت تشغلها في كامل الوقت، وأنستها حتى في الأمراض التي تعاني منها ومن شكواها الدائمة، وما كان على زوجها إلا تزويدها بنظارة وكذا تلفاز من نوع البلازما تحقيقا لرغبتها في ذلك فهي لم تطلب أشياء مستحيلة. وأضافت أن عشقها للأفلام التركية أثار دهشة وفضول أفراد العائلة وغالبا ما يضحكهم أمرها لاسيما وأنها لا تفوت ولا حلقة واستغنت في الكثير من الأحيان عن حضور حفلات الزفاف واعتذرت لتفادي تضييع ولا حلقة واحدة، وكانت لها المسلسلات التركية بمثابة البلسم الشافي الذي أنساها في أنينها المستمر من الأمراض الذي عهدت عليه من قبل. حالها هو حال العشرات من العجائز اللواتي شارفن على إتمام العقد الثامن ودخول عتبة العقد التاسع وأبين إلا العودة إلى عمر الشباب بتتبع تلك الأفلام الرومانسية التي جعلتهن يتأملن ماضيهن ويصبين لو رجعت بهن السنوات إلى الوراء ليقفن موقف البطلة التي أعجبن بجمالها وطريقة كلامها ولباسها وأحببن كل شيء فيها. ولم يسلم من عدوى تتبع المسلسلات التركية حتى الرجال بشهادة زوجاتهم اللواتي اعترفن أنهن عوَّدنهم على مشاهدتها، تقول السيدة فضيلة أن زوجها كان يمقت ذلك النوع من الأفلام إلا انه شيئا فشيئا ومن دون أن يشعر وجد نفسه ينساق وراء تتبع حلقات مسلسل دموع الورد وأعجب كثيرا بشخصية عمار الفذة، ولم يكن يفوت ولا حلقة وان حدث وان فوتها فهو لا يتوانى على السهر إلى ساعات متأخرة أين يعاد بثها، فاحتارت لأمره لاسيما وانه كان يعاتبها لانغماسها في عالم الأفلام التركية.