مدينة جنيف التي تستكمل فيها مفاوضات مستقبل سوريا، والتي بدأت أمس الأربعاء تحت اسم جنيف 2، وهو مؤتمر حاسم للسوريين، كانت وما زالت قبلة أبرز الفعاليات والاتّفاقيات الدولية، اتّفاقيات جنيف الأربع، مؤتمر جنيف 1، اتّفاق جنيف بشأن الملف النووي الإيراني وغيرها. ارتبط اسم مدنية جنيف بأهمّ الفعاليات والاتّفاقيات الدولية، إذ كانت فأل خير لأكثر من طرف، وفي أكثر من تحد عالمي. فما هي المقوّمات التي تجعل من هذه المدينة السويسرية مقرّا لمبادرات السلام في العالم؟ تقع جنيفجنوب غربي سويسرا، وهي عاصمة كانتون جنيف، على النّهاية الغربية لبحيرة جنيف، حيث ينبع نهر الرّون، وهي ثاني أكبر مدن سويسرا وأكبر مدن الجزء الناطق بالفرنسية وتحيط بها قمم جبال الألب القريبة والتضاريس الجبلية في يورا، غير أن أهمّيتها الاستراتيجية لا تقتصر على طبيعتها الجميلة، إذ استفادت من صفة سويسرا القانونية كدولة حيادية امتنعت عن المشاركة في أي حرب أو نزاع عسكري خارجي منذ إعلان حيادها أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر. وشكّلت منظومة الأمن والأمان التي تتمتّع بها جنيف العامل الأبرز الجاذب لمقار العديد من المنظّمات الدولية. فقد اتخّذت منظّمة الأمم المتّحدة ومنظّمة الصحّة العالمية ومنظّمة التجارة العالمية ومنظّمة الصليب الأحمر ومنظّمة الملكية الفكرية ومنظّمة العمل الدولية ومنظّمة حقوق الإنسان مقرّا يتيح لها ممارسة أعمالها بأمان وحيادية. ذاع صيت جنيف كمدينة للسلام مع استضافتها مؤتمر توقيع اتّفاقية جنيف التي تضمن حماية حقوق الإنسان في حالات الحرب. واستضافت جنيف مؤتمر نزع السلاح عام 1978 ومعاهدة جنيف الخاصّة باللاّجئين التي ساعدت الملايين من الرجال والنّساء والأطفال الفارّين من الاضطهاد والحروب، كما شهدت العديد من جولات المفاوضات لعلّ أبرزها مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وتتّجه الأنظار حاليا إليها مجدّدا كونها تشبه استحقاقا جديدا يتمثّل في مؤتمر جنيف 2 الخاص بالأزمة السورية.