سأل أحد الصحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام عن نزول هذه الآية (يوم تبدل السموات والأرض) أين سنكون؟ قال الرسول عليه الصلاة والسلام: سنكون على الصراط. وقت المرور على الصراط لا يوجد إلا ثلاثة أماكن فقط جهنم الجنة الصراط يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (يكون أول من يجتاز الصراط أنا وأمتي) أول أمة ستمر على الصراط أمة المسلمين. تعريف الصراط (يوم تبدل السموات والأرض) لن يكون سوى مكانين الجنة والنار ولكي تصل إلى الجنة يجب أن تعدي جهنم فينصب جسر فوق جهنم اسمه (الصراط) بعرض جهنم كلها إذا مررت عليه وصلت لنهايته وجدت باب الجنة أمامك ورسول الله عليه الصلاة والسلام واقفا يستقبل أهل الجنة قال الرسول عليه الصلاة والسلام (فيضرب بالصراط بعرض جهنم) مواصفات الصراط 1 . أدق (أرفع) من الشعرة. 2 . أحد من السيف. 3 . شديد الظلمة تحته جهنم سوداء مظلمة (تكاد تمييز من الغيظ) 4 . حامل ذنوبك كلها مجسمة على ظهرك فتجعل المرور بطيئا لأصحابها إذا كانت كثيرة والعياذ بالله أو سريعا كالبرق إذا كانت خفيفة فقد قال الله عز وجل: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم} سورة النحل آية رقم 25 5 . عليه كلاليب (خطاطيف) وحتك (شوك مدبب) تجرح القدم وتخدشها (تكفير ذنب الكلمة الحرام والنظرة الحرام...ألخ) فقد قال الله عز وجل: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} سورة الإسراء من آية رقم 13 حتى 14 6 . سماع أصوات صراخ عالي لكل من تزل قدمه ويسقط في قاع جهنم. {إنها ترمى بشرر كالقصر * كأنه جمالات صفر * ويل يومئذ للمكذبين * هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون * ويل يومئذ للمكذبين}. سورة المرسلات من آية رقم 32 حتي 38 شرر: جمع شرارة وهي ما تطاير من النار القصر: شرارة كالبناء العظيم في الحجم والارتفاع الرسول عليه الصلاة والسلام واقفا في نهاية الصراط عند باب الجنة يراك تضع قدمك على أول الصراط يدعو لك قائلا (يا رب سلم... يا رب سلم) يروي أن السيدة عائشة تذكرت يوم القيامة فبكت فسألها الرسول عليه الصلاة والسلام (ماذا بك يا عائشة؟) فقالت: (تذكرت يوم القيامة فهل سنذكر آباءنا؟؟) هل سيذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة ؟؟؟ قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (نعم إلا في ثلاثة مواضع عند الميزان - عند تطاير الصحف - عند الصراط) وقد قال الله عز وجل عن وصف هذا الموقف في كتابه العزيز: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ *} سورة عبس من آية رقم 34 حتى 37 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والصراط منصوب على متن جهنم، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار. يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم كركاب الإبل، ومنهم من يعدو عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يُخطف ويلقى في جهنم، فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة.. وقال تعالى: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} والمراد بالورود هنا المرور على الصراط. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم..) رواه البخاري ومسلم. وقد روي أن الله يلقي على الناس يوم القيامة ظلمة حالكة السواد، فلا يستطيع أحد في أرض الموقف أن يخطو خطوة واحدة إلا بنور، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (فمنهم من يكون نوره كالجبل، ومنهم من يكون نوره كالنخلة، ومنهم من يكون نوره كالرجل القائم، ومنهم من يكون نوره على إبهامه يتقد مرة وينطفئ مرة وهذا أقلهم نوراً، ومنهم من تحوطه الظلمة من كل ناحية). رواه أحمد وصححه الألباني. ما أشد هول هذا الموقف.. ويا له من مفزع للقلوب.. حتى أن الرسل عليهم السلام لا يزيدون على قول: اللهم سلم سلم. وما أحوجنا إلى تأمل هذا الموقف، حتى نتدارك ما نحن فيه من تقصير. مرور على جسر منصوب فوق جهنم، وعلى الجسر كلاليب عظيمة تخطف الناس وتلقيهم في النار، ولا يستطيع المرء الحركة إلا بنور، وسرعة الحركة وحجم النور تكون حسب عمل كل شخص. نعم بحسب إكثاره من أعمال الخير والبر -التي كثيرا ما تكاسلنا عنها وفرطنا فيها-، وبحسب اجتنابه للمعاصي- - التي كثيرا ما تجرأنا عليها وتساهلنا فيها. أخوتي كلما أحسست بتكاسل عن فريضة أو عمل صالح، فتذكر حاجتك له عند المرور على الصراط، وكلما دعتك نفسك لمعصية، فتذكر حاجتك لتركها عند المرور عليه. أسأل الله أن يجعلنا ووالدينا ممن يوفق لعبور الصراط بسلامة، وأن يدخلنا جنته، ويقينا عذابه..