حذرت منظمات صحية دولية وأهلية من تزايد انتشار البدانة بين طلاب المدارس. وتشدد على تصنيفها بإدراج هذه الحالة في عداد (الأوبئة) المميتة، ولذلك فهي تدعو إلى اعتماد إستراتيجية تربوية - غذائية تؤسس لنظام مناعة وقائي يكفل سلامة الأجيال الناشئة ذهنياً وجسدياً ونفسياً. وفي إطار حملتها لمكافحة البدانة بين التلاميذ، تخوض وزارة التربية في مقاطعة كيبيك الكندية، (معركة) ضد المشروبات الغازية والأطعمة المُشبعة بالدهون والنشويات، والشوكولا، وأصناف الأكل السريع، بهدف سحبها من مطاعم المدارس والأكشاك الأوتوماتيكية. وتنبّه مسؤولو المدارس العامة والخاصة، وأصحاب شركات الأغذية الجاهزة من ضرورة فرض رقابة مشددة على مطاعم الوجبات السريعة، محذّرة من إقامتها في جوار المدارس تجنّباً لملاحقتها القضائية. وتأخذ الوزارة على عاتقها، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، تزويد الطلاب بنظام غذائي صحي متكامل تبلغ كلفته السنوية نحو 6،5 مليون دولار، ويقوم على تناول عصير الفاكهة الطبيعي، والحليب ومشتقاته، والوجبات المتوازنة. وتؤكد أن (التلميذ الذي يتناول غذاء صحياً متوازناً، تزداد حيويته، وتتعزّز ملكاته الذهنية والعقلية، وتتنشط ذاكرته ويصبح أكثر قابلية للتركيز والاستيعاب). وفي موازاة هذه الحملة، أصدرت وزارة الصحة الكندية دراسة تفيد أن الوزن الزائد بين الأطفال وارتفاع عدد البدناء في المدارس، ظاهرتان مرضيتان تحصدان آلاف الضحايا سنوياً، وليستا دليلاً على الصحة والعافية كما يتوهّم بعضهم. وتؤكد أن الغالبية العظمى من الأطفال الكنديين يعانون من الكسل والبدانة بمعدلات مرتفعة تؤثر سلباً في صحتهم، وأن حوالى 50 في المئة منهم لا يزاولون أي قدر من الرياضة أو النشاط الحركي، وأن 21 في المئة بدناء معرضون للإصابة بأمراض وأزمات قلبية. من جهتها، توصي اللجنة الدولية المعنية بمعالجة بدانة الأطفال في تقرير صدر أخيراً، أن طفلاً من كل عشرة أطفال يتعدى وزنه المعدّل الطبيعي، أي ما يعادل 155 مليون طفل في العالم، من بينهم حوالي 40 مليوناً يصنفون بدناء. ويشير التقرير إلى أخطار الأطعمة الدهنية والمشروبات الغازية، لافتاً إلى أن استهلاك الطفل لغرام واحد من الدهون المشبّعة، يرفع احتمال إصابته بالكوليسترول نحو 20 في المئة. وإن تناوله ل 12 قطعة حلوى أو بسكويت لثلاثة أيام، يجعل جسمه يختزن نحو 30 غراماً من الدهون. كما تلفت اللجنة إلى أن السكر (مخّدر حقيقي وعلة كبيرة في النظام الغذائي)، مشيرة إلى أن كل عبوة من المشروبات الغازية تحتوي على 10 ملاعق من السكر. أما الولاياتالمتحدة التي تعتبر أكثر البلدان معاناة من داء البدانة لدى الكبار والصغار، فقد صدر فيها حديثاً تقرير عن فرقة العمل الدولية تحت عنوان (السمنة لدى الأطفال) جاء فيه، أن البدانة تطاول 18 في المئة من الفتيان و16 في المئة من الفتيات بسبب الوجبات السريعة التي يقبلون عليها في مدارسهم. وأفاد أن مجموعة من النواب تقدّموا باقتراح قانون يحدد المعايير الغذائية التي تحض على الإكثار من الفواكه والخضار والحبوب والمآكل التي تحتوي على سعرات حرارية قليلة من الدهون والسكريات والصوديوم. وخلافاً لهذا التقرير، كشفت دراسة طبية أخرى شملت حوالي 1450 تلميذ أن الوجبات السريعة والصودا والحلوى المقدمة في المطاعم المدرسية (الكافيتريا) صحية وغير مسؤولة عن بدانة الطلاب. وفي السياق ذاته، وضعت بريطانيا برنامجاً حكومياً يفرض على المدارس الابتدائية زيادة الحصص الرياضية مدة ساعتين على الأقل أسبوعياً، إلى جانب تحسين نوعية الوجبات الغذائية المدرسية بغية مكافحة ظاهرة السمنة المفرطة في أوساط التلامذة. عموماً، تجمع تلك الدراسات على أن بدانة الأطفال مسألة معقدة تتعلق أساساً بأنماط الحياة والعادات الغذائية السيئة. فإذا لم يواكبها تشدد ومراقبة من قبل الأهل، وحملات تثقيف وتوعية في المدارس، ومن هيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، تبقى وباء يهدد حياة ملايين الأطفال في العالم.