أقرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) خلال اجتماعها الذي عقد أول أمس المحافظة على سقف إنتاجها الحالي والمقدر ب 30 مليون برميل يوميا على مدار الستة أشهر القادمة، لتوجه بذلك ضربة موجعة إلى العديد من الدول المصدرة التي تضررت كثيرا من انخفاض أسعار البترول في الأسابيع الأخيرة، والتي كانت تأمل في أن تخرج المنظمة من اجتماعها بقرار يقضي بخفض الانتاج من أجل المساهمة في ارتفاع الأسعار من جديد، ويرى العديد من الخبراء أن هذا القرار سيتسبب في تواصل هبوط أسعار النفط خلال الفترة المقبلة خصوصا إذا لم يشهد موسم الشتاء في أوروبا والولايات المتحدة موجة برد قارس ترفع الطلب على المحروقات، وبالتالي تزيد من الطلب العالمي على النفط، خصوصا وأن أسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي هوت أمس بحوالي 6 دولارات أثناء التعاملات الآسيوية لتصل إلى 68.76 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى لها منذ ماي 2010، كما أن أسعار النفط هوت بأكثر من 8 بالمائة بعد انتهاء اجتماع “أوبك” مباشرة لينزل خام “برنت” عن 72 دولارا للبرميل وهبط الخام الأمريكي إلى ما دون ال 69 دولارا. ويرى محللون أن تمسك “أوبك” بمستوى الانتاج الحالي يتضمن رسالة بأنها لن تتحمل بعد الآن عبء تعديل السوق وحدها لترمي به على منتجين آخرين من خارج المنظمة. الجزائر مهددة بأزمة في ظل نفقاتها الكبيرة ومع تواصل انهيار أسعار البترول فسيكون لذلك تأثير كبير على الاقتصاد الذي يعتمد كليا على المحروقات، حيث يرى المتتبعون للشأن الاقتصادي أن الجزائر مقبلة على خسارة قرابة ال 40 بالمائة من مداخيلها من العملة الصعبة وهو ما سيكون له تأثيره الكبير على جميع القطاعات، خصوصا وأن الدولة رفعت من انفاقاتها في قانون المالية لعام 2015 معولة في ذلك على أموال الريع، التي ربما ستخونها هذه المرة وستدفعها إلى اتباع سياسة التقشف التي سيكون ضحيتها الأول المواطن، على غرار ما حدث في الأزمة الاقتصادية لسنة 1986 والتي كان المتسبب فيها أيضا انخفاض أسعار البترول، فالانخفاض الحالي للأسعار سيرغم الحكومة على وقف العديد من المشاريع وتأجيل انطلاق أخرى، كما أن أسعار السلع مرشحة للارتفاع. تنويع الاقتصاد بقي حبر على ورق وتكشف حالة القلق التي تعتري الحكومة أن خارطة تنويع الاقتصاد الجزائري بقيت حبرا على ورق رغم أن المداخيل التي تم جنيها من البترول بين عام 2000 و2012 بلغت 600 مليار دولار وهو مبلغ من شأنه أن يغير وجه دولة بأكملها ولا يساهم في تنويع اقتصادها فحسب، لتجد الحكومة بعد عجزها عن القيام بذلك أمام جبهة اجتماعية مشتعلة سيكون من الصعب عليها إسكاتها في الفترة المقبلة خصوصا في حال انتهاء أموال صندوق ضبط الإيرادات التي تعول عليها الحكومة كثيرا من أجل الحفاظ على توازنها. يوسفي يعتبر الأزمة مفتعلة وعقب قرار “الأوبك” وتواصل انهيار أسعار البترول خرج يوسف يوسفي وزير الطاقة بتصريح عبر صحيفة “الاقتصادية” السعودية اعتبر من خلال أزمة النفط العالمية مفتعلة وأنها هي السبب وراء السقوط الحر للأسعار، كما أوضح المتحدث أن هناك تنسيق مع دول من خارج المنظمة من أجل التحكم في الأسعار، متوقعا أن تستعيد الأسعار عافيتها حيث سيكون تأثير قرار “الأوبك” في ذلك كبيرا حسب تعبير الوزير.