تشهد قاعة العلاج " بوقرمين" التابعة للمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بوشنافة الكائنة بالعاصمة و التي تستقبل المواطنين من 48 ولاية وهي متخصصة في مجال طب العيون و كذا عدد آخر من التخصصات كطب الأمراض الجلدية و طب الأسنان حالة من الفوضى و الإهمال و عدم الالتزام بالمواعيد الطبية التي تمنح للمواطنين بالتسعة و عشرة أشهر. فخلال زيارة للمصلحة صبيحة يوم الأربعاء، كانت 15 دقيقة فقط كافية للوقوف على حجم المعاناة التي يتكبدها المواطن في سبيل الحصول على العلاج، مواطنين على شفير العمى تؤجل مواعيدهم بعد 9 أشهر من الانتظار و آخرين لم يهضموا تأجيل موعدهم إلى شهرين إضافيين آخرين لتصبح المدة الكاملة لانتظارهم قرابة السنة وآخرين قادمين من مناطق نائية أشرفوا على الإصابة بهيستيريا بعد إعلامهم أن موعدهم مؤجل و عليهم العودة من حيث أتوا و بعضهم قام بعمليات جراحية معقدة للعينين تقتضي عملية فحص و مراقبة طبية من أجل متابعة تطورهم الصحي لكن لا أحد يتفهم وضعيتهم في هذه العيادة و تأجيل المواعيد و عدم الالتزام بها هو الخيار الوحيد لتخفيف الضغط الذي تشهده هذه المؤسسة. هي كلها حالات وقفنا عليها حيت احتشد العديد من المواطنين أمام غرفة الاستقبال مستنكرين إعلامهم بعد ساعتين من الانتظار بأن طبيبهم غادر العيادة و هو غائب نظرا لتعطل جهاز الإضاءة للكشف عن العيون مما أدى إلى تذمر الطبيب في حد ذاته و تركه لقاعة العلاج، ولم يعد بالمركز سوى طبيبة عيون واحدة لا تستطيع الاستجابة لمتطلبات الكل مما أدى بالأعوان شبه الطبيين إلى إعادة تحديد مواعيد لقرابة العشرين شخصا أغلبهم أتى من مناطق نائية، حتى أن أحدهم و هو رجل في الخمسين من العمرو قادم من ولاية سطيف كاد أن يصاب بحالة هستيريا و شرع في الصراخ و التنديد بما وصفه بالإهمال و التسيب بعينه مرددا أنه استاء من معيشته و سئم من التعامل مع مؤسسات صحية تزيد من مرض المواطن بدلا من معالجته على الرغم من أنه يساهم في اشتراكات الضمان الاجتماعي التي تدفع لحساب الدولة، و هو نفس الأمر الذي استنكرته إحدى الأمهات التي لم تجد سوى عون الاستقبال" المسكين" لتصرخ في وجهه مستنكرة الاستهتار و قائلة " ابنتي ستشرف على العمى" و المواعيد لا زالت قيد التأجيل، في حين أن أخرى ممن كان لها الحظ للفحص لدى الطبيبة الوحيدة الحاضرة، منحت لها الطبيبة موعد ثلاثة أشهر لإعادة الفحص والقرار كان لدى أعوان الاستقبال بمضاعة المدة مرتين . و لدى استفسارنا لدى عمال هذه العيادة عن أسباب تردي الأوضاع إلى المستوى و عدم الالتزام بالمواعيد التي تمنح للمواطنين و يتم انتظارها بشق الأنفس، أوضحوا أن الأمر يتعادهم و أنهم هم أيضا في حرج أمام المواطنين الذين لم يجدوا العبارات التي بإمكانهم تقديمها لهم معترفين أن هذه الوضعية لم تكن بالأمس فقط بل طالما يعاني المواطن الراغب في العلاج بصفة يومية سواء بسبب تعطل الأجهزة أو غياب الأطباء أو غير ذلك، حتى أن إحدى العونات شبه الطبية أبدت رغبتها في شراء مصباح الجهاز المعطل من حسابها الخاص إكراما للمواطنين لكن سرعان ما أعلمها زميلها أنه غير متوفر في السوق و يستدعي القيام بطلب خاص لاقتنائه، و أوضح لنا موظف أخر أن الأطباء قدموا تقاريرهم بخصوص قدم الأجهزة وتشير لكن بدون تلقي أية استجابة. و لدى استفسارنا عن رئيس المصلحة لمعرفة مدى إدراكه بالمعاناة اليومية للمواطن بهذه العيادة من أجل تلقي الرعاية الصحية التي تعتبر من حقه بمقتضى الدستور، لم يتردد عمال الصحة بالإعلام عن غيابه على الرغم من أن الساعة كانت إلى العاشرو النصف بل أبعد من ذلك فإنه نادرا ما يقوم بزيارة يكتفي خلالها بمعاقبة الغائبين من العمال شبه الطبيين والأعوان الآخرين، في حين أنه لا يصدر أية إجراءات في حق الأطباء المتغيبين حسب ما صرح به أحد العاملين هناك، وفي انتظار تحمل كل مسؤول لمسؤوليته يبقى قطاع الصحة مريضا.