سلوى لميس مسعي استطاعت أيام التراث المنظمة من طرف جمعية إشراق بونة بالتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية عنابة بمناسبة الشهر العالمي للتراث التي انطلقت أول أمس أن تحقق توافدا كبيرا على بهو دار الثقافة أين تقام رسميا مختلف الفعاليات، نظرا للديناميكية الجديدة التي أنتهجها المنظمون بغية تحقيق الانفرادية والتجديد فيما يخص خصائص هذه المناسبة المحتفى بها عالميا ، فإضافة لمشاركة العديد من الجمعيات الفاعلة في هذا المجال والمؤسسات الثقافية فإن مختلف الجماهير المتوافدة تجمهرت حول الورشات التطبيقية لمختلف الحرف و الصناعات التقليدية على غرار صناعة الأواني الفخارية والقصعة وتحويل الفضة ومراحل خياطة الملابس التقليدية و المأكولات الشعبية المشهورة في مدينة عنابة والمناطق المجاورة ، هذا وخلال اقترابنا من هذه الورشات التمسنا خفايا هذه الحرف وأسرارها و إكتشفنا المشاكل التي تعرقل تطور واستمرارية هذه الحرف منها انعدام المحلات لممارسة نشاطاتهم و افتقار آليات متطورة لصياغة المواد المستعملة ، ورغم ذلك يقول السيد منصورية محمد طاهر البربري وهو أقدم صانع فضة بعنابة ومتحصل على عدة شهادات آخرها شهادة الكفاءة المهنية من ألمانيا أن مختلف العراقيل لم تحبط من عزيمة الحرفي لأنه يؤمن بحرفة أجداده ، وعن مراحل تحويل الفضة وصناعتها يقول نفس المتحدث أنها تستخرج من الجبل كمعدن خالص بمعيار 1000 مليام وحسب القانون الجزائري يتطلب من الحرفي إنزالها من 1000 إلى 850 مليام أين تخلط بمادة النحاس ليتم تذويبها واستخراج عدة أشكال على غرار لاليماي ولاسودير التي تمزج بدورها مع مادة أخرى تسمى الكوديوم . ونحضر هذه الأشكال لأول متعامل وهو الزبون الذي تتقدمه "الماشطة" التي نجهز لها بدورنا 150 حبة "سلطاني " من أصل 7000 حبة تصنع سنويا لتجهيز العرائس وإبراز رينتهن ولم يخف عنا الصانع منصورية أن يسرد علينا تجربته مع اليهود وكيف حاولوا تسريب شعائرهم الصهيونية بشمال إفريقيا عن طريق مادة الفضة. نظرا لكثافة استعمالها حيث قال بأن أثناء حقبة تواجد اليهود بالجزائر اشتهرت صناعة الفضة وتم أثناءها إدخال أشكال تخدم شعائر الديانة اليهودية مثل "الخمسة " التي تظهر على شكل أصابع اليد الخمسة وحملت بداخلها نجمة داوود وهنا تفطنا كصناع وحافظنا على الشكل الخارجي للخمسة وغيرنا نجمة داوود ذات ال 6 أركان إلى نجمة ذات 05 أركان كإشارة واضحة لأركان الإسلام الخمس وكذا عدد الصلوات و أصبحت بالتالي "الخمسة " التي تحمل دلالة دينية تعبر عن إسلامية المرأة التي ترتديها إضافة للحوتة التي تبعد الحسد والريحانة التي تعبر عن جمال الفتاة العربية ورائحتها العطرة مثل الريحان ... وهكذا فإن صناعة الفضة وتحويلها لا تعتبر مجرد تجارة بل هي أيضا إرساء لمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وحفاظ على الهوية الجزائرية الموحدة . جدوع الأشجار تحول إلى قصاع للاستعمال اليومي: يقوم الحرفي فريد يوميا باستغلال الأشجار المستأصلة وتحويلها إلى قصاع للاستعمال اليومي ، حيث يختار أنواعا من جذوع أشجار الفلين ، الصنوبر و الصفصاف مستعملا فقط فأسه ويده ومهارته اليدوية ليحول هذا الخشب المترامى على أطراف الطرقات ووسط الغابات المهجورة إلى تحف تقليدية متفاوتة الحجم تسمى القصعة وتستعمل يوميا في عجن الخبز وتحضير مختلف الأطباق الشعبية كالكسكس و الشخشوخة و غيرها. من حفنة تراب إلى أشكال فخارية مبهرة : وعلى نسق تقليدي جدا وبسيط تقوم السيدة "كحلة " بتحويل كميات من التراب ذات خصائص معنية إلى أشكال فخارية مبهرة بعد أن تحضرها من الجبال والسهوب الغنية بالأتربة اللزجة ليتم تنقيتها بالغربال تم تصفيتها وإعادة بعثها للحياة من جديد تحت أشعة الشمس لمدة يومين كاملين تم تقوم برسم أشكال متعددة مثل الطاجين، والصحن والمزهرية وغيرها وتحميرها في فرن تقليدي تسعى من خلاله لجعل الشكل المصنوع متماسكا، وفيما تبقى الأدوات المستعملة يوميا على حالها تقوم الحرفية كحلة بزخرفة باقي الأواني المجهزة للزينة إلا أنها للأسف تفتقر هذه الحرفية إلى مختلف الوسائل مثل الفرن ووسائل الاستعمال الأخرى.