أصبحت ظاهرة هروب الفتيات من المنزل العائلي مشكلا كبيرا وواقعا مرا تعرفه ولاية تيزي وزو في السنوات الأخيرة فحسب مصالح أمن ولاية تيزي وزو فإنه خلال السنة المنصرمة تم تسجيل هروب 22 فتاة مراهقة من المسكن العائلي لأسباب مختلفة ومتنوعة حيث تمكنت عناصر الأمن بمساعدة المواطنين من استرجاع الهاربات وتسليمهن لعائلاتهن فيما لم يظهر أي خبر على ثلاث فتيات لتعود رحلة البحث عنهن بدون جدوى كما تم وعلى صعيد آخر تسجيل 10 حالات مماثلة منذ بداية السنة الجارية كما تجدر إليه الإشارة فإن ظاهرة هروب الفتيات من البيت العائلي ليست ظاهرة جديدة على مجتمعنا وهي ليست حكرا على مجتمع دون آخر إذ أن الظاهرة تعرف درجات متفاوتة والمتتبع لها والتطور الاجتماعي يكتشف أن المجتمع القبائلي قد تغلب على بعض الذهنيات المتعصبة والمعتقدات والتقاليد البالية، لكنهم لا يتقبلون فكرة فتاة تغادر منزلها ورغم تمكن العائلة من استرجاعها إلا أن نظرة الاحتقار تبقى تلازمها وكأنها مسؤولة عن كل تصرفاتها السيئة. كما تواجه عملية إعادة إدماج الفتاة في المجتمع وإعادتها إلى الوسط العائلي صعوبات وعراقيل فالفتاة تخاف من عواقب ما فعلت ومن عقاب عائلتها لها كما أن المجتمع لن يرحمها على فعلتها رغم أنه كان أحد الأسباب التي تدفع بالفتيات إلى الهروب من واقع مر ليصطدمن بواقع أمر في الشارع ولعل ما شجع المراهقات على الهروب هي مظاهر الظلم ومرارة الحياة العائلية خاصة مع زوجة الأب أو زوج الأم كما أن فقدان الوالدين يجعل الفتاة تتحول إلى شخص آخر لا يبالي بالمسؤولية لا يهم سوى البحث عن الجو لا توجد به توترات فالفتاة في سن المراهقة تعيش اضطرابات نفسية كبيرة أكبر ما يعقدها هو عدم تفهم العائلة لوضعها فلهذا تحاول بكل مقدورها إثبات شخصيتها ورد الاعتبارها رافضة المعتقدات والتقاليد البالية، وكافة أساليب العنف والقوة التي قد تتعرض لها ولعل المتتبع لهذه الظاهرة يلاحظ جليا أن عملية هروب الفتيات تتم خلال فترة اقتراب نهاية الموسم الدراسي حيث تشعر الفتيات خاصة القاطنات بالقرى النائية بنوع من القلق والإحباط النفسي كونهن سيجبرن على البقاء في المنزل خلال الفترة الصيفية وقد تطول هذه الفترة بالنسبة للبعض، هذا الوضع الذي يزيد من معاناتهن مما يجعلهن يفكرن في حل وهو الهروب من المنزل حيث يغامرن بأنفسهن وقد كشفت الدراسات التي أجريت حول الموضوع أن أغلبية الفتيات اللواتي هربن من المنزل عثر عليهن في حالات جد مزرية بسبب تعرضهن للاعتداءات الجنسية والجسدية سواء بطريقة فردية أو بطريقة جماعية ووحشية لتبقى الفتاة ضحية المجتمع الذي لا يرحم.