إذا كان تاريخ (15) جويلية (2010) سوف لن ينساه الجواجلة لمدة طويلة لأنه ببساطة كان بمثابة اليوم الذي لاحت فيه أولى بوادر أزمة المازوت التي تركت المئات من أصحاب السيارات عالقين بالطرقات فإن هؤلاء لم يكونوا يدركون بأن هذا التاريخ المشؤوم لم يكن سوى انطلاقة لمسلسل طويل من الأزمات المتلاحقة التي توالت حلقاتها بشكل لم يخطر على بال أكثر سكان عاصمة الكورنيش تشاؤما كيف لا وقد وجد هؤلاء أنفسهم فريسة لأربع أزمات في زمن قياسي لم يتعد الشهرين . وإذا كانت ثمة تسمية تليق بعاصمة الكورنيش جيجل هذه الأيام فهي بلاشك ولاية الأزمات فما عاشه سكان هذه الرقعة من الوطن خلال الشهرين الأخيرين أو بالأحرى منذ بداية موسم الإصطياف لم يترك أي مجال لتسمية أخرى سوى التسمية المذكورة التي باتت على كل لسان في الولاية (18) من أقصاها إلى أقصاها حيث وما إن بدأ سكان هذه الولاية في التعافي من أزمة المازوت والخبز التي حوّلت صيف هؤلاء إلى جحيم لايطاق حتى هلت عليهم أزمة السيولة التي ساوت بين الغني والفقير وبين العامل والبطال الى درجة اضطر معها أجراء هذه الولاية على التوسل الى أصحاب المتاجر ليمنحوهم مايسدون به رمق أبنائهم الصغار "بالكريدي" لأنهم ببساطة عاجزين عن تحصيل مرتباتهم الشهرية العالقة بحساباتهم البريدية ، وليت مسلسل الأزمات توقف عند حلقته الثالثة بل واصل عناده الزائد وأبى إلا أن يدرك محطته الرابعة أول أمس الإثنين من خلال إضراب الناقلين الذين حوّلوا ولاية بكاملها إلى رقعة مشلولة ، وكما اختار مهندسو أزمة السيولة التوقيت المناسب لغرس مساميرهم في نعش "أصحاب الشهرية" وهو شهر رمضان والدخول المدرسي وذلك حتى يتفننوا أكثر في إذلال مواطني هذه الولاية الذين دفعوا أكثر من غيرهم ثمن العشرية الحمراء التي مرت بها البلاد فقد اختار الناقلون بدورهم الوقت المناسب لتوجيه طعنتهم إلى ظهور الجواجلة بدليل أن إضرابهم تزامن مع انطلاق الدراسة بمختلف المؤسسات التربوية وكذا موعد المسابقات الوظيفية الخاصة بقطاع التربية وهو ماأعطى حجما وصدى أكبر لإضرابهم الذي لايعلم سوى الله إن كان سيكون الأخير في مسلسل أزمات (2010) أم أنه سيتبع بأزمات أخرى ستحملها الأيام المتبقية من هذا العام لتكتم بذلك على آخر ماتبقى من أنفاس الجواجلة . وسواء كانت الإجابة على السؤال المذكور بنعم أو بلا فإن الأكيد هو أن الجواجلة من صغيرهم إلى كبيرهم لم يعودوا مستعدين لتحمل المزيد من الأزمات بل أن المتتبع لسيرورة الحياة اليومية بالولاية (18) وردود أفعال سكانها لابد وأن يجزم بأن الأموربلغت أقصى درجات الاحتقان وهو ماقد يؤدي إلى ثورة اجتماعية في أية لحظة خاصة في ظل تنامي الشعور لدى أغلب الناس بأنهم رقم مهمل في معادلة أهل الحل والربط وأن آهاتهم ومشاكلهم لم تعد تعني أحدا ، ويبقى ماحدث في حي أيوف بعاصمة الولاية منذ يومين حين لجأ سكان هذا الحي لتطهيره من هواة المتعة بالإعتماد على وسائلهم الخاصة وذلك دون أدنى اعتبار لسلطة الدولة خير دليل هذا التوجه الذي يضع ولاية بأكملها على فوهة بركان . م/مسعود