كسر الرئيس بوتفليقة جدار الصمت ، إزاء ما يشاع عن رداءة العلاقات بين الرئاسة ومؤسسة الاستخبارات، ولو ان الرئيس تحدث بمناسبة سقوط الطائرة العسكرية بام البواقي الا انه لم يستفض بمنطق الخطورة التي تحدث عنها واعطى انطباعا ان البلاد في حرب غير معلنة.واللافت ان خرجة بوتفليقة امس عن المخابرات وعلاقتها بالرئاسة جاءت بعد يوم واحد من توقيع رئيس الحكومة الاسبق مولود حمروش خرجته التي دعا فيها الى اجماع وطني لتجاوز الانسداد فيما يشبع عرض على السلطة لان يكون مرشح النظام، بقوله انه سيترشح ان لم يقدم النظام مرشحه.كما انه وقبل تصريح الرئيس امس، فان تصريحات مولود حمروش هي من كان لها الصدى الاكبر، فالرجل منذ ان انسحب من السباق الرئاسي لافريل 1999 الى جانب المترشحين الستة وهم بالاضافة اليه، احمد طالب الابراهيمي وعبد الله جاب الله ويوسف الخطيب وحسين ايت احمد ومقداد سيفي، لم يتحدث وادار ظهره حتى لمكالمات صفيين ارادوا ان يأخذوا منه، في كل مرة، سبقا صحفيا، والمرة الوحيدة التي تكلم فيها حمروش كان في جنازة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بمقبرة العالية، لكنه لم يقل شيئا عدا انه عدد خصال الرجل ككل مسؤول سابق اشتغل مع الشاذلي. تكلم كبار الصامتين أخيرا، اخرهم الرئيس بوتفليقة وقبله رئيس الحكومة الاسبق مولود حمروش، واولهم كل من رشيد بن يلس مترشح رئاسيات 2004 واحمد طالب الابراهيمي ، المنسحب من سباق رئاسيات 1999 التي جاءت ببوتفليقة الى الحكم، والحقوقي علي يحي عبد النور. لكن عندما يتحدث بوتفليقة عن مؤامرات تستهدف الجيش وخطر يحدق بالبلاد فإن هذا بمثابة دعوة لمواجهة حرب مقبلة، اكيد لا نعرف عدونا فيها وبالتالي لا يمكن ان تصد عدوانا دون ان تعرف حجم العدو حتى ترتب له ما استطعنا من قوة. قبل بوتفليقة وحمروش تحدث بن يلس وطالب الابراهيمي وعلي يحي عبد النور، وهؤلاء الكبار ايضا لما يصمتون كثيرا ثم يوقعون فجأة خرجاتهم، فإنهم يدللون على وضع معين، او يشيرون الى خلل معين في هرم الدولة، وليس خفيا وضع البلاد على كل من بادر باجتهاد سياسي خارج دائرة مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي احصت ستة احزاب مقاطعين، بغض النظر على وزنهم، دون الحديث عن احزاب التيار الاسلامي التي تحوز فعلا عن وعاء انتخابي حتى وان انصهر في موقف معين لجزائريين يقاطعون الانتخابات على الدوام ، سواء هؤلاء الناقمون على الوضع او اصحاب المواقف السياسية التي لم تتغير منذ انتخابات الفيس اوائل التسعينات. لكن بين البارح و اليوم اختلاف كبير من حيث لم يسبق ان حدث تاخر في تحديد هوية مرشح النظام للانتخابات حيث لم تتفق اطراف السلطة على مرشح لاستخلاف بوتفليقة، وهذه ازمة في نظر حمروش ، وسمها القاضي الاول في البلاد بسمة “ازمة رسمية” وقبله ، وصفها كذلك العارف بخبايا النظام مولود حمروش، بهذه الصفة، ووصف وضع تمر به البلاد بازمة واكثر من ذلك”ازمة خطرة” يعني ان تدخل “كبار القوم” في الربع ساعة الأخير من اجل تشخيصها، وارسال دعوات التهدئة، ياتي و لهيب النار صار مستعصيا إخماده.هل استجاب هؤلاء لنداءات تطالبهم بالخروج عن صمت رهيب لازمهم لسنوات عديدة، ام انه “نطق” عفوي دفعهم اليه حال البلاد الموبوء بالمرض السياسي المتزامن مع موعد رئاسيات افريل المقبل؟، المهم ان الساكتون نطقوا، واخر هدف بالنسبة اليهم “راحة ضميرهم امام تاريخ لا يرحم، لكن ولما نطقوا ماذا قالوا؟ هذا هو الأهم. وقبل هؤلاء الذين نطقوا في الربع ساعة الاخير، غردت احزاب سياسية كثيرا حيال الحاصل من انسداد، فهل يعني هذا ان “الشرعية الثورية” التي يتشيث بها جيل الثورة انتقلت من “الملقي الى المتلقي” بمعنى انه حتى المستمعون، ينتقون تصريحات ويحسبون اهميتها بأهمية من يطلقها؟. كالذي حصل مع الربع الاخير للانتخابات الرئاسية او على الأقل لانتهاء اجال سحب استمارات الترشح قبل اسبوعين من الان؟.فمولود حمروش ، ورغم بيانه المقتضب الذي وزعه على وسائل الاعلام، يظهر للبعض انه لم يقل شيئا ، لكن ما قاله حينما جالس بعض الوجوه الاعلامية”مدراء الصحف” في نفس اليوم الذي نشر فيه بيانه، اهم بكثير مما كتبه، فالرجل حسب اصداء يكون قد عرض نفسه على السلطة من اجل ان يكون مترشحا في حال عدم ترشح الرئيس بوتفليقة او في حال عدم تقديم النظام مرشحا عنه.