هونت الطبقة السياسية من خرجة رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، واعتبرت الرسالة التي وجهها للرأي العام من خلال الإعلام، مساهمة عادية تدخل في إطار التصريحات والتجاذبات الحاصلة في الساحة الوطنية، مبقية فحواها في سياقه دون تقديم أية قراءة سياسية لها، مستبعدة أن تكون رسالة للإعلان عن ترشحه، حيث جردتها من معانيها السياسية أو أي أية تأويلات تخرجها من معناها الأدبي، فيما اعتبرتها أخرى تموقعا وكسبا لحلفاء استراتيجيين تحضيرا للمستقبل، وإن كان حمروش أعطى نفسه مبررا للظهور، بالنظر إلى بعد تاريخ خروجه عن تاريخ تصريحات الأمين العام للأفلان، غير أن الأحزاب التي لم يطلع غالبية ممثليها على الرسالة بدت غير متفاجئة بالرسالة ولا حتى بالخرجة التي جاءت بعد 15 سنة من الصمت. بوحجة: الرسالة فارغة.. ولا تعليق اعتبر المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني، السعيد بوحجة، الرسالة التي أرسلها حمروش للصحف، فارغة، لا يوجد ما يعلق عليه فيها، مكتفيا بالقول: "الرسالة فارغة ولا يمكنني التعليق".
الأرندي: كنا ننتظر تصريحا من حمروش من جهتها لم تتفاجأ المكلفة بالإعلام بالتجمع الوطني الديمقراطي، نوارة سعدية جعفر، بإصدار حمروش رسالة، وقالت في اتصال مع "الشروق" أن الحزب كان ينتظر تصريحا من حمروش، معتبرة الرسالة عادية عبر فيها الرجل عن موقفه من قضايا حالية، مضيفة أنه في حال وجود رأي لشخص ما فهو يلزمه، "أما عندما تتكلم شخصية وطنية عن الوحدة الوطنية فذلك يدخل في إطار النقاش الديمقراطي"، ورفضت المتحدثة إخراج الرسالة من سياقها الأدبي، مشيرة إلى أنه لا يجب الذهاب بعيدا في إعطاء قراءات أخرى "فالرسالة لا توحي بوجود إشارة ترشح حمروش للرئاسيات ومن الأحسن تركها في مضمونها".
جاب الله يرفض التعليق أما رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، فقد رفض التعليق على الرسالة التي قال أنه لم يطلع عليها.
مقري: الرسالة لم تحمل ما يوحي بترشح حمروش من جانبه، اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، رسالة حمروش مساهمة في إطار المساهمات السياسية، في ظل التجاذب الحاصل في الساحة الوطنية، ولا يوجد فيها ما يوحي بإعلان حمروش ترشحه للرئاسيات المقبلة، مضيفا أن حمروش وفي حال ما إذا ترشح باسم حزب سياسي فإن الأمر سيكون معقولا ومقبولا، أما إذا أعلن ترشحه مستقلا فإن الأمر غير منطقي، لأن الوقت غير كاف لذلك "أما إذا كان مرشح النظام فسيمر"، ودعا بالمناسبة إلى ضرورة منح الأحزاب الفرصة للتنافس بين مرشحيها، مشيرا إلى أن موقف "حمس" واضح هو مقاطعة الانتخابات سواء ترشح الرئيس بوتفليقة أم لم يترشح.
النهضة: الرسالة متأخرة جدا ولا تخلو من أي بعد سياسي بالمقابل، قال الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي، أن الحركة مع إثراء الساحة السياسية بالمبادرات، غير أن رسالة حمروش جاءت متأخرة جدا، وكان من المفروض أن يتحدث عندما كانت الجزائر تواجه تحديات كبرى، من قبيل تعديل الدستور وفتح العهدات، بما يحقق استباق الأزمات، موضحا في اتصال مع "الشروق" أن تصريح حمروش القائل بأن الوقت لم يحن بعد لإبعاد المؤسسة العسكرية عن الساحة السياسية يتناقض تماما مع التصريحات التي أدلى بها الرئيس بوتفليقة وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي، مستغربا بالمقابل ربط رئيس الحكومة الأسبق استقرار البلاد بمصالح الأفراد والجماعات و"الجهوية".
الهاشمي سحنوني: رسالة حمروش غيرة وطنية كما اعتبر القيادي السابق في "الفيس" المحل، الهاشمي سحنوني، رسالة حمروش موضوعية من ناحية الأفكار التي تضمنتها، "وهذا المطلوب الآن لبناء دولة عصرية لا تزول بزوال الرجال"، وقال في اتصال مع "الشروق" أن المعنى هو أن يحترم كل واحد نفسه وصلاحياته الدستورية، معتبرا أن الأحداث التي وقعت في البلاد كانت السبب لتحرك الرجل، مضيفا بأن كل واحد لديه غيرة على الوطن يتحرك وأن الرسالة كانت رد فعل على التجاذبات التي تعيشها الساحة الوطنية، وأوضح سحنوني أن حمروش قد يكون تحرك من تلقاء نفسه، كما قد يكون تم تحريكه في إطار الترشح للرئاسيات، مستبعدا أن يكون هذا الأخير رجل توافق أو إجماع، لأن الظروف الحالية لا توحي بذلك" -حسب سحنوني-.
المحللان صاغور وعظيمي ل"الشروق": "خروج حمروش عن صمته دليل على التأزم وقد يكون رجل مرحلة انتقالية" يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر عبد الرزاق صاغور، أن رسالة رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، دليل على تعفن الوضع بالبلاد ووصولها حد الانسداد، مع رغبته في المساهمة في إيجاد حل للوضع الراهن والمشاركة في اجتياز المرحلة الصعبة، وقال أن الوقت الراهن هو ما أجبره على الخروج عن صمته، كون البلاد في وضع حرج، موضحا في اتصال مع "الشروق" أن المتتبع للسياسة في الجزائر يرى بأن الأحداث تطورت إلى حد كبير مع ظهور انسداد وعدم وضوح للرؤية ومؤشرات على تعفن الوضع، وأشار صاغور وهو أحد المقربين من حمروش، أن هذا الأخير المعروف بأنه "ابن النظام"، ورجل من رجالات الدولة الجزائرية وأحد بُناتها لم يكن بعيدا عن الوضع السياسي في الجزائر رغم صمته، وأنه تكلم من منطلق الطمأنة على أن هناك رجالا يخافون على البلاد ويتابعون الأوضاع، مع توجيه رسالة ل"أصحاب القرار" على أساس أنهم ليسوا وحدهم في هذا الوضع الحرج "وهي رسالة أيضا للمجتمع الجزائري ككل ودعوة لإبقاء مؤسسات الدولة قوية ومستقلة عن الصراعات الظرفية السياسوية" -حسبه-، وأضاف في رده على سؤال تعلق بتوقيت الرسالة وأسبابها وما إن كانت توحي بنية في الترشح للرئاسيات، بأن أي رجل سياسي يدلي برأيه في السياسة معني بما فيها. من جهته، اعتبر الأستاذ بكلية العلوم السياسي والعقيد المتقاعد من صفوف الجيش الوطني الشعبي، أحمد عظيمي، خروج حمروش عن صمته دليل على وجود أزمة في أعلى هرم السلطة، ودعوة منه للاستفادة من هذه الأزمة لحل المشاكل التي تعاني منها البلاد، وأضاف في اتصال مع "الشروق" بأن الرجل أراد إبداء رأيه في إيجاد الحلول من خلال نظام غير إقصائي ينقذ الجزائر، والعمل على إبقاء الجيش "حامي البلاد" بعيدا عن المزايدات السياسية -حسبه، مشيرا إلى أنها أيضا شعور بالمسؤولية اتجاه الوطن، لافتا من جانب آخر إلى أن حمروش يمكن أن يترشح فقط إذا عرف أن هناك توافقا على مستوى عال بالسلطة حوله، معتبرا "أن الأمر إذا حدث فسيكون ولأول مرة تفضيلا لمصلحة الوطن على مصلحة النظام والأشخاص"، مضيفا أنه وفي الوقت الحالي يبقى حمروش من الشخصيات القليلة في الجزائر "التي لها كفاءة علمية وتصور لكيفية حل مشاكل البلاد والقادر الوحيد على تغيير النظام"، وأشار إلى أنه يمكن أن يكون رجل مرحلة انتقالية بعهدة واحدة يعيد فيها بناء المؤسسات ودفع عجلة الإصلاحات.