دعت الجزائر، أمس، إلى وضع تنظيم دولي للتعليم العالي "قادر على بعث ديناميكية جديدة لصالح الدول الفقيرة"،حتى يكون التعليم العالي "عاملا حاسما لتنمية منسجمة تعود بالفائدة على محفل الأمم"، من خلال المساهمة التي قدمت بعنوان "تصور الجزائر حول الديناميكية الجديدة للتعليم العالي و البحث العلمي لصالح التنمية المستديمة"،في إطار الندوة العلمية حول التعليم العالي ،المنعقدة أشغالها بباريس،برعاية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم "اليونسكو". اعتبرت الجزائر أن الأمر يتعلق بسعي المجتمع الدولي إلى "إيجاد السبل التي يجب وضعها للاستجابة بأكبر فعالية ممكنة، لرهانات مجتمع دولي قائم على العلم، وشعاره السلم و المساواة و العدالة، في ديناميكية جماعية يحركها كافة الفاعلين الدوليين". ولدى تطرقها الي التعليم العالي في سياق العولمة ، أشارت الوثيقة المحضرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إلى أن "توسيع مسار العولمة إلى مجال التربية و التكوين يطرح إشكاليات هامة على الدول النامية"،لأن "ديناميكية عولمة مكتملة للأنظمة التربوية تقتضي بروز نموذج عالمي للتربية و التكوين المعمم و المتميز بتراجع الدول عن مهامها في مجال التربية و التكوين،وبروز سوق في المجال كان محميا بصفة كلية أو جزئية". واعتبرت الجزائر في مضمون الوثيقة، انه إذا ما تم تجسيد ذلك، فان هذا يعني أن المشوار الدراسي للطلبة و المشوار المهني للأساتذة و المكونين، وسير المؤسسات وحتى تواجدها ستكون كلها مهددة أمام قواعد السوق الصارمة"، مضيفة انه "في سياق شمولية كاملة للأنظمة التربوية ، فإنها تتحول إلى مؤسسات تجارية تسعى وراء الفائدة فحسب، وتكون مفتوحة إلا للتلاميذ و الطلبة القادرين على التسديد في دوامة المنافسة ضمن السوق العالمية للكفاءات ورؤوس الأموال، مقصية شرائح واسعة من المجتمع". وأشارت الجزائر،إلى أنه إذا سير سوق التعليم العالي بصفة كلية، فسيؤدي ذلك إلى "إقامة تمييز متنامي بين التكوين الرفيع المستوى و التعليم الجماعي المكثف على حساب هذا الأخير"كما " سيتم تدريج العرض الخاص بالتعليم العالي على أساس المال مما سيولد تمييزا اجتماعيا يضر بتكافؤ الفرص في مجال التعليم العالي" و سيكون هذا التوجه "حاملا لأخطار كبيرة على تأسيس مجتمع المعرفة تعمل على توسيع الهوة الاقتصادية و الاجتماعية بين الدول الغنية و الفقيرة". وبعد إلحاحها على دور الجامعة "كمحرك للنمو الاقتصادي و الترقية الاجتماعية"، أكدت الجزائر في المساهمة المطروحة على المشاركين في الندوة، أن المنظومات التربوية بشكل عام، والتعليم العالي في البلدان النامية تواجه عراقيل كبيرة "كارتفاع الطلب الاجتماعي في مجال المعرفة" و"تنوع المواد التي تدرس و ارتفاع سعر التعليم" ،ولتجاوز هذه العراقيل سيما على مستوى القارة الإفريقية اعتبرت الجزائر أنه "ينبغي على إفريقيا بالشراكة مع المجتمع الدولي توفير بيئة إقليمية ملائمة للتنمية و ترقية التعليم العالي و البحث و التكنولوجيا و الابتكار". وفي هذا السياق قدمت الجزائر اقتراحات،من شأنها "تشجيع وضع منظومات تربوية وطنية و دولية ناجعة" و "منح آفاق داخلية مثمنة للقدرات المكونة لتشجيع ابتكارها وتحفيزاتها، قصد وضع حد لهجرة الأدمغة" و "ترقية تعزيز العلاقة بين المجال الأكاديمي، والخاص بالبحث و المجال الاقتصادي" إلى جانب "وضع نظام إفريقي للتعليم العالي و البحث و الابتكار التكنولوجي، من خلال وضع شبكات لمراكز الامتياز موجهة لبرامج خاصة كالعلوم البيولوجية والطاقة والمياه و التصحر،و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال،و المعارف التقليدية"،ويتعلق الأمر بالعمل على تجنيد الكفاءات التي هجرت، ومكافحة الهوة الرقمية بين الشمال، والجنوب وتشجيع التعاون جنوب-جنوب، والتعاون في مجال العلم والتكنولوجيا و الابتكار. كما تقدم الوثيقة تقييما حول التعليم العالي في الجزائر،مؤكدة على الأهمية التي توليها السلطات العمومية لهذا القطاع من خلال كافة الاستثمارات و الإصلاحات التي خص بها، وتكريس "الطابع العمومي للمؤسسة الجامعية" و"مبدأ الديمقراطية ومجانية التعليم العالي"، وذكرت الوثيقة أن "نظرة جديدة للجامعة فرضت وجودها مع إعادة تحديد مهامها من حيث إستراتيجية التنمية و في علاقتها مع القطاع الاقتصادي و أشكال مساهمتها في تسوية المشاكل المتعلقة بالنمو و التقدم الاجتماعي لتنمية مستديمة"، ومن جهة أخرى قدمت المساهمة الجزائرية لمحة عن الخريطة الجامعية الوطنية والأهمية التي توليها للبحث العلمي الذي "يستفيد من جهد تقدمي للتمويل لبلوغ 1 بالمائة من الناتج المحلي الخام".