خصصت المجلة الشهرية »أفريك آزي« في عددها الصادر في شهر جوان مقالا مطولا تضمن حرب التحرير الوطني تطرقت فيه إلى النسيان الذي وضعت فيها فرنسا هذه الحرب وكذا الجهود التي بذلها الوطنيون الجزائريون من أجل إقناع المجتمع الدولي بعدالة القضية التي يدافعون عنها. وجاء في هذا المقال إن »حرب الجزائر التي تم حجبها مطولا وكبتها في أعماق أولئك الذين شاركوا فيها والتي تم أيضا التستر عليها من طرف السلطات السياسية التي كانت منشغلة بالقضاء عليها أمضت عشريات في فرنسا من أجل تجاوز جدار النسيان«. وأضاف المقال أن »فاعلين شرعوا إذن في التعبير عن رأيهم من أجل تخليص ضميرهم والكشف عما حدث فعلا بالقرى النائية في الضفة الأخرى من المتوسط وبالتالي تسليط الضوء على الحرب القذرة التي خاضها ضباط الجمهورية بالمدن والجبال الجزائرية«. من جهة أخرى، أشارت المجلة إلى »أن آخرين تحدثوا فقط بهدف تبرير التعذيب الذي تمت ممارسته بالأقبية المظلمة والرطبة التي كان يستعملها الجيش الفرنسي كضرورة للعمل الفعال وأقل الأضرار في مكافحة الإرهاب في إشارة إلى كفاح الشعب الجزائري من أجل حريته«. وجاء في ذات المقال »علم الكثير عن الأعمال المرهقة المتمثلة في التظاهر بإطلاق سراح سجناء في الطبيعة ليتم اغتيالهم رميا بالرصاص في الظهر، وعلم الكثير أيضا أن سجناء تم رميهم من مروحيات ليلقوا حتفهم بطريقة وحشية«. وأشار مقال »آفريك آزي« أيضا لكل ذكرياته ومعاناته في حرب الذاكرة التي تخص بالدرجة الأولى المجتمع الفرنسي، مضيفا أن المجتمع الفرنسي كان يخضع لعشريات خلت لقانون صمت مرعب قبل التيه في هذيان تاريخ أعيدت مراجعته وجعل السرد التاريخي غير واضح وغامض. أما الجزائريون الذين عايشوا الحرب وتضرروا خلالها فإن ذاكرتهم بقيت سليمة. وذكرت المجلة في هذا الخصوص بتصريحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي دعا في مدينة سطيف بمناسبة أحياء الذكرى ال67 للمجازر التي تعرضت لها المدينة في 1945 من طرف الجيش الفرنسي إلى قراءة موضوعية للتاريخ بين الجزائريين والفرنسيين. وكان الرئيس بوتفليقة قد أكد أن »هذه القراءة وحدها بعيدا عن حروب الذاكرة كفيلة بمساعدة الجانبين على تجاوز رواسب الماضي العسير نحو مستقبل يسير تسوده الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل والشراكة المفيدة«. وكتبت المجلة أن دبلوماسيي الثورة الجزائرية نجحوا بالرغم من نقص الخبرة في التعريف بقضية شعبهم لدى ما لم يكن يطلق عليه بعد تسمية المجموعة الدولية بباندونغ أندونيسيا ونيويورك الولاياتالمتحدة. وأضافت المجلة أن هؤلاء عرفوا كيف يستفيدون من موجة التحرر التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية إثر مؤتمر باندونغ والتي كانت بالنسبة لباريس ضربة قاسية بهانوي ثم بالجزائر. واستطردت تقول أن القادة الوطنيين طوروا تصورا دوليا للنزاع الذين كانوا يخضونه ضد فرنسا كما كان هناك عدم توازن في القوى حيث كانت الطائرات والدبابات والمدفعية بين أيدي محترفين من جهة بينما كانت الجهة الأخرى لا تملك سوى أسلحة خفيفة وبنادق صيد وقنابل تقليدية بين أيدي مدنيين مبتدئين في المجال العسكري.
»الأفلان« ينتصر دبلوماسيا، وجيش التحرير ميدانيا
وكتبت المجلة الشهرية أن الانتصارات الديبلوماسية لحزب جبهة التحرير الوطني ومساندة الرئيس الأمريكي جون فيتزجرالد كينيدي كلها عوامل ساهمت في تطور النزاع على غرار الانتصارات العسكرية ميدانيا التي حققها المجاهدون ضد الجيوش الفرنسية. وذكرت المجلة أن تحرير الجزائر لم يكن هدية من القوة الاستعمارية وإنما ثمرة الانتصار العسكري والسياسي والدبلوماسي. وكسبها شعب تصدى للقوة المستعمر العسكرية. وأضافت بأن المجاهدين الذين بقوا على عهد أجدادهم منذ الاحتلال الفرنسي سنة 1830 كانوا مستعدين للبقاء لعقود بالجبال. واعتبرت المجلة أن فرنسا التي تكبدت خسارة نكراء بالهند الصينية في معركة ديان بيانفو ومعاناتها على الصعيد الاقتصادي والمالي في السنوات الأولى من النزاع الجزائري وحالات الارتباك التي أصابت المجندين لم تكن مستعدة لخوض مواجهة أمام جيش التحرير الوطني. وخلصت إلى أن فرنسا كانت أول من يستسلم. لأن الجيش الفرنسي لم ينهزم في الميدان في حرب ما كان ليستطيع الصمود فيها مطولا فحسب بل دنس شرفه بممارسات التعذيب والإعدامات الجائرة دون محاكمة.