أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، مصباح مناس، أن أمريكا لن تسمح بتاتا بقيام دولة الأزواد شمال مالي، بسبب أن ذلك سيشكل مصدر تهديد لحليفها الإستراتيجي بالمنقطة »الجزائر«، وذهب أبعد من ذلك حينما اعتبر أنها لن تغامر أبدا في دعم حركة انفصالية في ظل تعاظم أزمتها وبحثها عن مصادر أخرى للطاقة والاستثمار، وهو ما توفره الجزائر بإمتياز. يرى الباحث مصباح مناس أن الوضع بمنطقة الساحل بلغ درجة من التعقيد حدا لا يطاق، لغاية أنه بات يهدد بتفجير المنطقة بأكملها نحو احتمالات مفتوحة، مؤكدا أن التراكمات التي فرضتها مستجدات الوضع الليبي وحالة اللااستقرار وانفلات الوضع الأمني، بسبب التسلح العشوائي وتهريبه من طرف الجماعات الإرهابية لمنطقة الساحل عجّل بتعفن الوضع. وبالنسبة لأستاذ العلاقات الدولية، أن تعمد إقليم حركة »الأزواد« إعلانه عن طرحه الانفصالي القديم الجديد في ظل أحداث متسارعة ميزها ما اصطلح على تسميته »ثورات الربيع العربي«، مرده قوة التسلح التي اكتسبها من الحرب الليبية المشتعلة لغاية اليوم، وقال في هذا الصدد »خيارات الانفصال للأزواد ضئيلة بسبب تهديدها مصالح الدول الغربية بالمنطقة«. وعلى هذا الأساس، فإن أمريكا خصوصا لن تقبل بتاتا بتهديد مصالحها مع حليفها الإستراتيجي بالمنطقة )الجزائر(، لاسيما وأنها لا زالت تعاني قهر الأزمة الاقتصادية، وتعطشها في البحث عن مصادر أخرى للتزود بالطاقة واستثمارات تخفف عنها وطأة الأزمة المتفاقمة، بالإضافة إلى تنسيقها في محاربة الإرهاب. ولم تخلوا قراءة الدكتور مناس لتصريحات هيلاري كلينتون المتضمنة ضرورة تطبيق تعليمات لقاء الجزائر »إشكالية دفع الفدية للجماعات الإسلامية مقابل إطلاق صراح الرهائن«، عن التناغم غير المسبوق بين الجزائر وأمريكا في القضايا الدولية، هو بلوغ مرحلة قمة التنسيق بين البلدين في القضايا الدولية والبحث عن سبل توسيعه إلى مجالات أخرى، وهو ما يصب في صالح أمريكا خصوصا أنها تبحث عن موقع لها في القارة الإفريقية والتنافس الدولي عليها. وتوقف المحلل السياسي مطولا في حديثه ل »صوت الأحرار« عند تصريحات كلينتون بقوله »تصريحاتها تأكد أن الجزائر دولة محورية والدولة المفتاحية بإفريقيا خاصة لحل مشاكل الساحل«، وتابع يؤكد »أمريكا تدرك جيدا أهمية التنسيق مع الجزائر وقناعاتها في تجسيد العمل المشترك وتكثيف الجهود من أجل ضمان حلفها الإستراتيجي معها«. وعن إمكانية التدخل عسكريا من قبل الجزائر في مالي، أجاب مناس »صناع القرار في الجزائر يدركون جيدا كارثة التدخل العسكري بمالي، خاصة أن الجزائر متعودة على عدم توريط المؤسسة العسكرية في معارك خارج التراب الوطني«، وتابع يقول »استبعد تمام تدخ الجزائر عسكريا ولن يكون ذلك إلا تحت غطاء الإتحاد الإفريقي«، وأضاف »الجزائر تملك القدرة مع الأطراف الدولية لإعادة الشرعية لمالي، بل وحتى العمل على إخراج ليبيا من النفق«، وهو ما يتطلب حسب الدكتور مصباح تعمق أعباء الجزائر نتاج مستجدات المنطقة. وبالعودة لخيارات الانفصال للأزواد، قدم أستاذ العلاقات الدولية مجموعة من المؤشرات يرى أنها ستقف ضد نزعتهم الانفصالية، لعل أبرزها وجود فوارق كبرى بين التوارق في منطقة أزواد ونظراءهم في ليبيا ونيجر والجزائر... وهو ما سيصعب توافقهم، بالإضافة إلى غياب الدعم المادي والأممي في ظل المصالح الإقليمية، وختم بالقول »طريق الانفصال طويل جدا والإتكال على الدعم الخارجي لن ينفع في ظل الأزمة الاقتصادية«.