في لقاء عاجل فرضته التطورات التراجيدية التي يشهدها شمال مالي، تلتقي دول الساحل الصحراوي، وهي كل من الجزائر وموريتانيا والنيجر في غياب مالي، اليوم، بنواقشوط لدراسة الأوضاع المتفاقمة في الساحل الصحراوي على ضوء سيطرة الحركات الإرهابية على مدن رئيسية على شمال البلاد وما صاحبها من اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين وإعلان الأزواد عن ميلاد دولتهم. شكلت الأحداث المتسارعة شمال مالي، نهاية الأسبوع، حدثا استثنائيا على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث أدى إعلان حركة تحرير الأزواد عن ميلاد الدولة الأزوادية المزعومة، بعد سيطرة حركات إرهابية إلى جانب حركة تحرير الازواد على أكبر المدن الرئيسية شمال مالي، وهي تومبوكتو وكيدال وغاو التي شهدت حدثا تراجيديا أيضا يتعلق باحتلال القنصلية الجزائرية هناك واختطاف 7 دبلوماسيين جزائريين لم يعرف مصيرهم بعد، إلى تحرك عاجل لدول الميدان التي استدعت ممثليها للاجتماع في نواقشوط لدراسة المستجدات والتي باتت تهدد وحدة مالي في ظل إصرار حركة تحرير الأزواد على التمسك بمطلب الاستقلال رغم حملة التنديد والرفض الدولية والإقليمية، حيث سارعت دول الجوار وعلى رأسها الجزائر إلى فرض قيادة كيان في شمال مالي وأعربت على تمسكها بوحدة تراب مالي مع التشديد على ضرورة إرجاع العمل بالدستور وتسليم السلطة من قبل الانقلابين، كما أعلنت كل من موريتانيا والمغرب وتونس والاتحاد الإفريقي، وفرنسا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول على رفض الخطوة الانفرادية للأزواد. أما المحور الثاني الذي لا يقل أهمية في اجتماع نواقشوط المرتقب اليوم بمشاركة وفد جزائري يقوده الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، فيتمثل في مسألة اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين من قبل تنظيم إرهابي يدعى جماعة الجهاد والتوحيد التابع للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حسب العديد من المصادر، رغم أن ذات التنظيم لم يعلن إلى حد الساعة على مسؤوليته على الحادثة ولم يكشف عن مطالبه. وتسعى الجزائر لحشد دعم دول الميدان من أجل إعادة ترتيب الأوراق في مالي، وأيضا إيجاد مخرج للدبلوماسيين المختطفين. وبحسب ما توحي إليه تصريحات كبار المسؤولين في الجزائر فان قادة الانقلاب العسكري في مالي بقيادة الضابط سانوجو يتحملون مسؤولية تدهور الأوضاع من جهة وسقوط شمال البلاد في أيدي المتمردين، وتعتقد الدبلوماسية الجزائرية أن بداية الحل للازمة المالية المتفاقمة هو إرجاع الحكم لسلطة مدنية والعودة إلى العمل بالدستور. فيما يشكل محور الجماعات الإرهابية في الساحل واليات التعامل معه احد ابرز ملفات اجتماع دول الميدان اليوم. ومعلوم أن دول الميدان تقوم منذ أشهر بتنسيق العمل الدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي تحت غطاء قيادة الأركان العملياتية المشتركة ومقرها تمنراست، من أجل تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية النشطة في الميدان ومحاصرة جماعات التهريب والمتاجرة في الأسلحة. وتقود الجزائر جهودا مضنية في المحافل الدولية من اجل إبقاء حل المشكلات الأمنية في الساحل بأيدي دول الميدان وقطع الطريق أمام محاولات الدول الغربية للتدخل في المنطقة، خاصة فرنسا وأمريكا.