لم يرد في مقال المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا كوفي أنان الذي قدم استقالته من هذه المهمة، أي إشارة إلى وجود ثورة شعبية في سوريا، فقد جاء في تحليله الذي نشرته جريدة فاينانشل تايمز أن ما يجري في سوريا لعبة دولية كبرى، وأن هناك صراعا بين إرادات خارجية يدفع ثمنها الشعب السوري، فهناك من جهة روسيا والصين وإيران التي يذكر أنان صراحة بأنها تقف في ضف الحكومة السورية، وفي المقابل من هؤلاء تقف الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية وقطر، وهؤلاء يدعمون المعارضة. الاستنتاج الذي توصل إليه أنان هو أن "العملية السياسية صعبة، إن لم تكن مستحيلة، في وقت ترى فيه كل الأطراف -داخل سوريا وخارجها- فرصة في تحقيق مصالحها الضيقة بالوسائل العسكرية، والانقسام الدولي يعني دعما لأجندات بالوكالة وتأجيج المنافسة العنيفة على الأرض"، وهذا يكفي ليكشف حقيقة ما يجري على الأرض، بل إنه يحمل ردا صريحا على كل أولئك الذين يدعون بأنهم يقفون إلى جانب الشعب السوري من أجل بناء دولة الحرية والديمقراطية. كل الذين جاء أنان على ذكرهم تلطخت أيديهم بدماء السوريين الذين قضى الآلاف منهم في حرب غير مبررة، وكل هؤلاء يتحملون وزر دفع البلاد في اتجاه الحرب الأهلية المدمرة التي تبدو اليوم كمصير محتوم بدل التوجه نحو بناء الدولة المدنية التي كانت الاحتجاجات الشعبية السلمية تدفع باتجاهها، والأسوأ من هذا هو أن أنان خلص إلى القول بأن الحل "غير ممكن دون تنازلات حقيقية من جميع الأطراف، والجمود يعني أن كل شخص يجب أن يتغير: الحكومة والمعارضة والقوى الدولية والإقليمية"، ولا شيء في الأفق يوحي بأن هؤلاء جميعا سيغيرون موقفهم، وكل ما يمكن توقعه هو مزيد من القتل والدمار والأحقاد الطائفية التي توقد نار حرب أهلية لن تبقي على وحدة الوطن والشعب. بقي فاعل واحد يمكن أن يغير هذا الوضع وهو الشعب السوري من خلال عدم السماح بتحويله إلى وقود لهذه الحرب القذرة.