تؤشر المعطيات المتوفرة حاليا أن الانتخابات المحلية المقررة في 29 نوفمبر المقبل ستشهد مشاركة قياسية مقارنة بالتشريعيات الماضية، وذلك بالنظر إلى عدد الأحزاب الجديدة التي تحصلت على الاعتماد بعد انتخابات العاشر ماي، حيث من المتوقع أن يزيد عدد التشكيلات السياسية المشاركة عن 54 حزبا ومئات القوائم الحرة، وهو ما يعني أن العملية ستكون معقدة خاصة إذا تم اعتماد نظام الورقة الواحدة لكل حزب وقائمة. يسير الاتجاه العام نحو مشاركة غالبية الأحزاب السياسية قديمها وحديثها في الانتخابات المحلية والولائية المقررة في 29 نوفمبر القادم، حيث أبدت جل التشكيلات الحزبية رغبتها في المشاركة سواء نزولا عند رغبة ما يوصف بالقاعدة النضالية بالنسبة للأحزاب التقليدية أو لاستغلال الأجواء التي توفرها الانتخابات لهيكلة الحزب و التعريف بأهدافه وبرنامجه بالنسبة للأحزاب الوليدة. وباستثناء حزب جبهة العدالة والتنمية الذي أعلن موقفه المقاطع للانتخابات بكل صراحة ووضوح، فان التشكيلات الأخرى والتي تجاوز عددها 54 حزبا تنوي المشاركة في الاستحقاقات المقبلة بما فيها التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية الذي قاطع الانتخابات التشريعية الأخيرة. وفي هذا الإطار تسارع الأحزاب قيد التأسيس التي تحصلت على رخص لعقد مؤتمراتها التأسيسية لاستكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية من اجل المشاركة في الموعد، فيما انطلقت الأحزاب التي اعتمدت قبيل التشريعيات وشاركت وانهزمت في تلك الانتخابات في عملية تنظيمية وسياسية لاستجماع قواها والاستعداد للمحليات، بينما تحضر الأحزاب القديمة أو تلك التي توصف بالكبيرة لجد لموعد تعتبره حاسما من اجل استكمال بسط سيطرتها على المؤسسات المنتخبة. يحدث هذا في وقت شرعت فيه شخصيات نشطة على المستوى المحلي لإعداد قوائم حرة سواء للمجالس المحلية أو الولائية. وفي هذا السياق يطرح مراقبون للمشهد السياسي طغيان مظاهر الميوعة على العملية الانتخابية من جهة، واختلاط الأمور على الناخبين من جهة أخرى وبالأخص منهم الأميين وكبار السن سيما إذا ما التزمت الإدارة باعتماد صيغة التصويت المعهودة أي ورقة انتخابية لكل حزب وقائمة وحتى وان لجأت الإدارة إلى اعتماد نظام الورقة الواحدة فلن يكون الأمر هين على الناخبين والفئة المذكورة على وجه التحديد. من ناحية أخرى تصب المشاركة القياسية للأحزاب السياسية في صالح الأحزاب الكبرى الأكثر تجدرا وتنظيما وهيكلة حسب محللين، على اعتبار أن المعدل الاقصائي سواء كان 7 بالمائة كما ينص عليه قانون الانتخابات في المحليات أو عدل إلى 5 بالمائة، فمن شانه أن يضع العديد أو جل الأحزاب المجهرية خارج السباق مما يفتح الباب أمام الأحزاب الأكثر تنظيما وهيكلة من الاستحواذ على المجالس المحلية والولائية تماما مثلما حصل في الانتخابات التشريعية التي فاز فيها الآفلان بأغلبية ساحقة. وسبق للامين العام للافلان عبد العزيز بلخادم أن توقع فوز حزبه خلال إشرافه على افتتاح الجامعة الصيفية للحزب على اعتبار أن الآفلان قوة سياسية وتنظيمية ويملك من الرصيد السياسي والتاريخي والبشري ما يمكنه من تحقيق الفوز. وتأتي هذه المشاركة القياسية للأحزاب السياسية وتزاحمها على المواعيد الانتخابية، لتفسر محدودية تأثير خيار المقاطعة الذي ميز مواقف بعض التشكيلات في السنوات الماضية،ومن هذا المنظور تبدو الدعوة إلى المقاطعة التي أطلقها رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله أول أمس مجرد صيحة في ولن يكون لها أي صدى إعلامي أو سياسي على سير العملية الانتخابية أو مصداقية الانتخابات.