قراءة في نتائج الانتخابات .. في انتظار فتوى المجلس الدستوري اليوم إن صدرت بشأن نتائج الانتخابات، تبقى هذه الأخيرة الأكثر إثارة للجدل بما أسالته من الحبر وبما أثارته من ردود أفعال غير متوقعة حتى عند الذين توّجتهم النتائج على عرش البرلمان المقبل، ولعل حديث محمد السعيد رئيس الحرية والعدالة عن حل الحزب والقطيعة مع الممارسة السياسية وهو أول من تمكن من صعود العقبة الكأداء لاعتماد الأحزاب السياسية وبشق الأنفس وبعد صبر طويل يبقى أقوى المؤشرات على أن الانتخابات التشريعية للعاشر ماي تبقى تفتقر لشيء يصعب توصيفه ومع ذلك تبقى النتائج التي تحصلت عليها الأحزاب تحمل قراءات ودلالات. أزيد من 290 مقعدا للأفلان والأرندي تعديل الدستور والرئاسيات بأغلبية مريحة تمنح نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 10 ماي 2012 كما هي، لا كما تطعن في شرعيتها الطبقة السياسية أريحية لحزبي السلطة وتحديدا حزب جبهة التحرير الوطني من أجل التفرغ لتحضير التعديل الدستوري المقرر هذا العام أو مطلع العام القادم على أكثر تقدير. فالأغلبية التي عادت لحزبين تعتبرهما السلطة من الأدوات التي تمنحها الشرعية السياسية والشعبية لواجهة الحكم ستؤدي إلى إخراج تعديل دستوري يتوافق والنظرة السياسية للحزب العتيد ومن وراءه ونقصد الأطراف القوية في منظومة الحكم بالجزائر. تعديل الدستور رهان سياسي قوي يمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية «سلسة» دون تعقيدات البحث عن الحلفاء لتزكية مترشح مثلما قامت به السلطة عام 1999، فهذه المرة كل الأدوات بيدها للسير بهدوء من خلال الأرقام التي أمامنا نحو الرئاسيات التي ستكون جبهوية بناء على هذه النتائج التي شكلت مفاجأة لجميع المراقبين وحتى لأكثر الملاحظين تفاؤلا بأن يحصد العتيد أكبر قدر ممكن من المقاعد البرلمانية. كما أن الحصة المتواضعة التي حازها التجمع الوطني الديمقراطي الذي تم تأسيسه على خلفية إيجاد قاعدة خلفية يمكن الاستناد إليها في حالة ما إذا احتاجت السلطة لبديل سياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، تعكس النظرة السياسية الحالية لأصحاب القرار نحو الدور المستقبلي المحدود للأرندي وتحديدا للوزير الأول أحمد أويحيى الذي لا يغيب اسمه عند الحديث عن أي رئاسيات مستقبلية، وبرغم أن أويحيى صرح في أكثر من تجمع شعبي أثناء الحملة الانتخابية أن الأرندي مع عهدة رئاسية رابعة في وقت بدأ الغموض والتردد يلف موقف الأفلان، فإن القائمين على ترتيب الطريق نحو التعديل الدستوري ورئاسيات 2014 التي قد يترشح لها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو أحد المحسوبين على الدائرة الرئاسية الضيقة، هؤلاء استبعدوا تماما أويحيى وما يمثله من تيار سياسي أو قوى أخرى في دائرة الحكم من حسابات المرحلة القادمة. كما أن الحصة المتواضعة التي حصل عليها الأرندي في هذه التشريعيات تشير إلى محدودية المهام التي ستوكل إليه إلى غاية تشريعيات 2017، تماما مثلما أمّن الأفلان للأرندي طريق الحكم من تشريعيات 1997 إلى 2002، وهذا ما يسمى في مفهوم الحزبين أو السلطة عموما التداول على السلطة داخل العائلة السياسية الواحدة. لكن تبقى هذه القراءة معزولة عما يمكن أن تفرزه تفاعلات وردود الأفعال السياسية عن نتائج التشريعيات التي أشرفت عليها السلطة وسط ضمانات تقول الأحزاب إنها لم تتجسد في النتائج المعلن عنها، لذلك فإن مهمة السلطة الحالية هي الدفاع عن نتائجها وإقناع الرأي العام بشرعيتها. عبد السلام بارودي الإسلاميون .. ومعادلة التغيير المتعثر انتهت فصول العملية الانتخابية بنتائج أثارت ولا تزال تثير الكثير من الجدل وستبقى كذلك ليس فقط عند الأحزاب السياسية بما في ذلك الإسلامية وغيرها، بل حتى عند قطاع واسع من الرأي العام الوطني بما في ذلك بعض المقاطعين والمتوقفين انتخابيا، بل حتى سياسيا بمعناه التنظيمي الصرف والسبب في ذلك أن هؤلاء الجزائريين ومنهم الإسلاميون، على «صعوبة» تصديقهم بإمكانية تحقق ما تمنون للجزائر من انخراط في أجواء تغيير سلس أجمع عليه الرأي العام الوطني، إلا أن هؤلاء رجحوا أملا متفاوت الضعف والقوة في الضمانات والوعود والعهود التي قطعها رئيس الجمهورية على نفسه وهو ينفخ في كير الانتخابات التشريعية على غير عادته، فانتظر هؤلاء الجزائريون وتجشموا صعاب تحمل أعباء الضغط الذي مارسه عليهم دعاة «قلب الطاولة» كما تحملوا أجواء انتخابية بصخبها ورداءتها وسلبيتها وعفنها وميوعتها وهم يشاهدون الضفة الأخرى من المتوسط تتمثل أرقى النماذج الانتخابية في العالم أملا من هؤلاء الجزائريين في أن تتحرك الجزائر ولو على استحياء قيد أنملة نحو تغيير كانت في حاجة ماسة إليه حتى قبل أن تهب رياح هذا التغيير من الوطن العربي أو من عند الجيران ولا تزال، غير أن مآل العملية الانتخابية انتهى برفض منطق استصحاب الحال في أقل تقديرات وصفه وهو ما يعني عند الذين نظموا وأشرفوا على العملية الانتخابية الرد الكافي والشافي والموقف الصريح والفصيح بأن الجزائر في غنى عن أي تغيير، ومع كل هذا يبقى هذا الموقف مجرد تقدير في حاجة إلى تأييد من التاريخ، إن استبعدت بطبيعة الحال، القراءات الأخرى ذات الأبعاد التي لم تقصد العملية الانتخابية لذاتها والتي يرجح ألا تتأخر في الظهور والتأكد، ومع كل هذا وعلى خلاف ما يعتقد الكثير، يرى مراقبون على قلتهم أنه من الخطأ بما كان الاعتقاد أن الجزائر بانتخابات ماي تكون قد أخطأت خطوتها نحو التغيير. وعودا على بدء، فإنه سيكون من نفل القول التأكيد أنه بقدر ما سيكون من العبث النظر في المرآة العاكسة محاولة للوقوف على ما أسفرت عنه العملية الانتخابية من نتائج، بقدر ما تتأكد الحاجة إلى الوقوف عند تحليل الواقع والنظر في الآفاق والمستقبل، خاصة لدى الأحزاب الإسلامية التي أبلت على الجملة بلاء حسنا في المعمعة الانتخابية من حيث إمكانية إضافة العملية برمتها إلى رصيد التجربة السياسية والانتخابية وعدم الإلقاء بها في خانة النسيان، غير أن المرحلة في نظر المتتبعين للشأن الإسلامي تقتضي من هذا التيار الحفاظ على برودة الأعصاب دون تضييع حرارة القلب ومن ثمة الحذر كل الحذر من الوقوع في محظور الاستنزاف والاستنهاك في أولى خطوات مضمار التغيير في الجزائر بمنظوره الاستراتيجي وليس بحسابات الدكاكين الانتخابية والحفاظ على المكتسبات وأقلها تكتل الأحزاب الثلاث بعيدا عن حسابات الآنية، وإن كانت حمس قد دفعت ضريبة معروفة بتكتلها وهي تعد قوائم الانتخابات، ومهما يكن يذهب ملاحظون إلى ضرورة الإقلاع عن منطق البكاء على الأطلال للأسباب التي سبقت الإشارة إليها عند الحديث عن النتائج الانتخابية ومع ذلك لا يمنع هذا، بل يفرض كما يرى مراقبون ضرورة الارتماء في المستقبل من زاوية مواصلة التجسير نحو الآخر من الكتلة التاريخية الإسلامية سواء المتحركة أو المتوقفة سياسيا وإقناع جمهور هذه الأخيرة بضرورة الإقلاع عن موقف التوقف السياسي الفاقد لأي معنى خلافا للتوقف الفقهي، إن كان له معنى هو الآخر، في ظل ثبات الأجر مع الخطأ في الاجتهاد واكتساح فضاءات جديدة من المجتمع على كثرتها، خاصة وأن دخول هذه الكتلة المتوقفة ممكن، في ظل تعدد أبواب دخولها حاليا. محمد سلطاني قال إنه حقق جميع أهدافه في التشريعيات الأفافاس.. من المقاطعة إلى المشاركة... ما الجديد ؟؟؟ تطرح مشاركة جبهة القوى الاشتراكية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إشكالية جديدة حول مستقبل الأداء السياسي لتشكيلة آيت الحسين في الساحة الوطنية، وما إذا كان فعلا قد قرر الإقلاع عن خطه المعارض للسلطة الذي تبناه لأكثر من عشرية كاملة، أم إن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تكتيك حسابي كما جاء على لسان مسؤوليه الحاليين من أجل تجاوز العديد من المشاكل التي عاشها الأفافاس خلال الفترة الأخيرة، وكادت أن تقصم ظهره وتدخله إلى المتحف بالنظر إلى حالة النزيف التي شهدتها قواعده النضالية طوال مرحلة المقاطعة السياسية! ماذا جنى حزب جبهة القوى الاشتراكية من المشاركة في الانتخابات التشريعية الفارطة، وهل فعلا تمكن من تحقيق كل الحسابات التي رسمها قبل أن يقدم على هكذا خطوة؟ هي أسئلة يطرحها كل المتتبعين لشأن الأفافاس الذي أكد مرة أخرى من خلال النتائج المعلنة في الاستحقاقات ذاتها أنه التشكيلة السياسية الوحيدة القادرة على منافسة أكبر القوى السياسية في مناطق محددة من الوطن مثل القبائل والعاصمة. كما أثبتت من جهة أخرى محدودية انتشاره وتمثيله على مستوى باقي مناطق الوطن. وبالعودة إلى تاريخ أو نشاط حزب جبهة القوى الاشتراكية منذ عهد الانفتاح السياسي، فلا بد من الوقوف على مجموعة من الحقائق التي تؤكد جميعها أن حزب آيت أحمد الذي يعد أقدم حزب سياسي معارض في الجزائر تمكن من اختراق الساحة السياسية بشكل كبير جعله يتبوأ المراتب الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت في سنة 1991، بل أكثر من ذلك فقد استطاع خلالها من إزالة حتى جبهة التحرير الوطني وقتها ليحتل الصف الثاني بعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، وهذا دليل قاطع على القوة التي كان يتمتع بها وقتها. لكن الخط الذي تبناه قائده التاريخي المعروف بنمطية مواقفه السياسية حيال السلطة وأيضا إزاء كل المشاريع التي قدمتها مباشرة بعد توقيف المسار الانتخابي، جعل حزب جبهة القوى الاشتراكية يدخل في مداومة سياسية وتنظيمية أدت إلى إحداث تغييرات متتالية على مستوى قيادته بشكل عكس ربما عدم قدرة الأفافاس على التكيف بالشكل الجيد مع المعطيات التي طبعت الساحة السياسية في تلك الفترة، قبل أن يقر في آخر مطاف الرحيل إلى شاطئ المعارضة الراديكالية التي فرضت على الحزب مقاطعة أغلب الانتخابات والاستحقاقات السياسية التي شهدتها البلاد منذ سنة 1999. وتبين أن حزب الأفافاس عجز كثيرا عن تسويق هذا الموقف وسط مناضليه، وحتى بين بعض من قيادييه الذين لم يستطيعوا تحمل هذا الموقف الذي رأوا فيه مجازفة حقيقية بمستقبلهم السياسي وقتلا مبرمجا لجميع طموحاتهم، مما اضطر عددا كبيرا منهم إلى مغادرة الحزب نحو أحزاب جديدة، أو الاستقالة نهائيا من العمل السياسي مثلما فعل علي راشدي وآخرون، وهي جميعها مؤشرات تكون قد لعبت دورها وهزت مؤسسه التاريخي حسين آيت لمعاودة مراجعة موقفه من قرار المقاطعة، ولو ان التفسيرات التي ساقها مسؤولوه في أعقاب المؤتمر الأخير الذي انتهى بإزالة كريم طابو من الأمانة العامة، كانت تصب في مناح أخرى لخصها السكرتير العام الجديد في رغبة الأفافاس في المشاركة في إحداث تغيير سلمي في البلاد! الانتخابات التشريعية الحالية أظهرت أن حزب حسين آيت أحمد لم يتأثر كثيرا من قرار المقاطعة ويبقى يحافظ ربما على وعائه الانتخابي نفسه، لكن التساؤل الذي يطرح في هذا السياق يتعلق بما يخبئه الأفافاس مستقبلا، وهل سيلتحق بالأحزاب السياسية الغاضبة من النتائج أم سيفضل معارضة السلطة من داخل قبة البرلمان، كما فعل غريمه التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية خلال العهدة البرلمانية السابقة؟ كريم حجوج تحالف حنون مع السلطة أثار غضب القاعدة العمالية هل جرفت السياسات الاجتماعية الوعاء الانتخابي لحزب العمال؟ بعيدا عن الخوض في ردود الأفعال حول شفافية الاقتراع الأخير من عدمها فإن الأرقام «الرسمية» المعلنة من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية تكون قد كرست «بقاء المشهد السياسي على حاله» رغم الصخب الذي رافق الإعلان عن «إصلاحات جذرية» لم تتمكن على الأقل حسب نتائج التشريعيات من قلب الموازين. إلا أن قراءة هادئة في نتائج التشريعيات على الأقل بالنسبة لتشكيلة حزب العمال مثلا تكشف أن «الاستمرار في الخطاب نفسه نظريا لم يعد يقنع قطاعا واسعا من القاعدة الشعبية لهذا الحزب العلماني الذي يرى محللون أن التعديل النسبي لقيادته في طريقة التعاطي مع قضايا الساعة لم يعد بالفائدة على وعائه النضالي الذي تقلص مقارنة بالاستحقاقات البرلمانية لسنة 2007. يصف المتتبعون للمشهد السياسي بأن تشريعيات العاشر ماي لم تكن بردا ولا سلاما على الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي لم تستسغ الهزيمة التي منيت بها فشبهت العملية الانتخابية بالاقتراع «الستاليني» أو ذاك الذي كان ينظم في عهد زين العابدين بن علي. لكن المتأمل في خطابات حنون وخرجاتها الغريبة في أحيان كثيرة قبيل إجراء موعد التشريعيات، يفهم لماذا انقلبت عليها إرادة الناخبين ولم تمكنها من مغادرة المحطة التي ظلت متوقفة بها على مدار سنوات خلت. لا شك أن الزيادات التي أقرتها الحكومة قبل شهور في حسابات موظفي مختلف الأسلاك، قد سحب البساط من تحت الأمينة العامة لحزب العمال وهي التي لا تجيد سوى لغة «الدفاع عن الطبقة الشغيلة والمطالبة بتحسين وضعيتها المهنية والاجتماعية» فلم تجد لويزة حنون هذه المرة ما تواجه به الهيئة الناخبة التي اقتنعت على ما يبدو بصدور قوانين وزيادات في أجور الموظفين رغم عدم نكران استمرار بعض الاحتجاجات في عدد من القطاعات للمطالبة ب«المزيد». فماذا بقي لهذه المرأة الاشتراكية حتى «تقتات» من الساحة السياسية بعدما نجحت الحكومة في شراء السلم الاجتماعي؟ الأكيد أن «الهالة» الإعلامية التي رافقت إعداد القوائم الانتخابية لحزب العمال قد ساهمت في تراجع مكانة هذه التشكيلة اليسارية، بعد «انقلاب» الزعيمة على مناضليها الذين ظلوا يتقاسمون معها «حلو النضال ومره» حين حرمتهم من الترشح على صدر القوائم، وعمدت إلى «طبخ صفقات سياسية» مع الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين بواسطة ترشيح قيادات محلية في المركزية النقابية رغم أن هؤلاء بشهادة المناضلين لم يسبق لهم أن مارسوا النضال فحسب بل ثبت أنهم لم يدخلوا حتى مقرات الحزب العمالي والعلماني، وهو ما فجر انتفاضة عارمة في صفوف القواعد النضالية بولايات الشرق تحديدا حيث تكتل غاضبون من ولايات ڤالمة والطارف وعنابة وسوق أهراس وسكيكدة وقسنطنية وأعلنوا انسحابا جماعيا من الحزب، متهمين لويزة حنون بارتكاب «حماقات لا تشرف المسيرة النضالية التي تتبجح بها» وتوعدوها بضربات موجعة في الاستحقاقات البرلمانية. وهو ما حدث فعلا بالنسبة للأمين العام لنقابة مركب الحجار إسماعيل قوادرية الذي «هربته» لويزة حنون من عنابة إلى ڤالمة وهي تمني نفسها بتصويت عمال أرسيلور ميتال وعموم الطبقة الشغيلة لصالح مرشح حزبها، لكن الذي حدث أن قوادرية خرج صفر اليدين. ويجد هذا الطرح منطقا للتفسير على خلفية أن «الرفاق» المناضلين لم يفهموا كيف تجهر الزعيمة اليسارية بمواقف معادية للحكومة التي تتهمها ب«تصحير» ثروات البلاد وكيف تساند النقابات المستقلة ثم تتحالف مع نقابة عبد المجيد سيدي السعيد الذي يتحالف بدوره مع السلطة ويتولى مهمة إطفاء الاحتجاجات التي تشعلها النقابات «المتمردة» على حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى. وزيادة على ذلك، تفهم رسالة الناخب الذي عاقب الزعيمة الاشتراكية لويزة حنون حتى في مسقط رأسها بولاية جيجل، على أنها انتقام من «الوجهين» اللذين تقابل بهما الرأي العام فيما توجه انتقادات لاذعة لوزراء الحكومة وتحملهم مسؤولية «الكوارث» التي تعرفها البلاد، لم يفهم غلابى المواطنين كيف تمدح تارة أخرى رئيس الجمهورية على خياراته «الوطنية» وتنقلب عليه في أحايين أخرى وتحمله المسؤولية؟ لكن قياديين في الحزب يرون أن النتائج التي تحصل عليها الحزب لا تعبر عن الحجم الحقيقي لتشكيلة «العمال» لأن الانتخابات زورت بشكل فاضح وشابتها شبهات أفسدت طعمها وبالتالي لا يمكن اعتمادها كمعيار في التحليل، ومع ذلك يقول أحدهم «إن الموعد الأخير منح حزبنا مقاعد جديدة في ولايات نتوقع فيها حضورنا لأول مرة على غرار ولاية الطارف التي ظلت حكرا على حزبي السلطة». والواقع حسبه ينسحب على كثير من الولايات التي طالتها أيدي «المزورين». بهاء الدين.م قال إن نتيجة الانتخابات لا تنسجم مع توازن نظام الحكم، قلالة يصرح: الأغلبية الحالية للبرلمان الجديد مشكل وليست حلا يرى الدكتور سليم قلالة في قراءته الأولية لنتائج الانتخابات التشريعية، «إن معطيات المرحلة كما تبدو على الأقل، تشير إلى أن الاتجاه الوطني التاريخي يبقى في الريادة يليه الاتجاه الوطني الإسلامي ثم الاتجاه الوطني الديمقراطي»، وقد فضل الباحث المختص أن يعمم وصف «الوطني» على كل التيارات المكونة للطيف الحزبي الجزائري «لأني لا أريد أن أنزع على أي اتجاه صفة الوطنية ولا أريد أن يحتكرها أي اتجاه، بالإضافة إلى اتجاهات لها خصوصيات معينة كحزب العمال أو الحركة البربرية أو الاتجاهات الراديكالية في الإسلام السياسي» يضيف المتحدث. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر في اتصال مع جريدة «البلاد»، رؤيته التحليلية بشأن الأرقام العامة لنتيجة الاقتراع بالقول: «لا نختلف في هذا الترتيب، الذي يمكن الاختلاف فيه هو انفراد الاتجاه الأول بنحو أغلبية المقاعد، هذا الذي يبدو غير طبيعي»، لكنه ابتعد عن منحى التشكيك في نزاهة التصويت، مشددا على ضرورة البحث في الأسباب التي أدت إلى ذلك، بدل التوقف عند حدود التبرير كما يفعل البعض اليوم على حد تعبيره. وقد لمح الدكتور سليم قلالة إلى تفسير هذه النتيجة المفاجئة للرأي العام، عندما صرح أن «قراءة معمقة في نسبة المشاركة ستكشف الأمر، وكذلك مراجعة جزئية لقانون الانتخابات ستبين الخلل»، وهنا أبدى تحفظه على مآل هذا الاستحقاق الذي يكرس الأحادية وفق ما يفهم من سياق كلامه، بعد أن وجه دعوة «إلى أن نتدارك الأمر، إذا ما أردنا الوصول إلى نظام حكم قائم على التوازن ومعبر عن مكونات الساحة السياسية والاجتماعية بحق». وقد علل خوفه من تداعيات التوجه الجديد الذي ستفرضه لغة الأرقام الانتخابية على واقع الحياة السياسية والاجتماعية، معتبرا ذلك لا يخدم المستقبل بصفة مطلقة، إذ شدد على أنه ينطلق من ملاحظة نتيجة تبدو غير طبيعية، متسائلا: «هل تخدم المستقبل أم لا، حتى الحاضر الآجل لا يهمني» يقول المتحدث. وعرض المتابع للشأن السياسي الجزائري، ما يمكن أن ينجر عن هذه الأغلبية المغلقة في المنظور القريب، إذ أكد بهذا الصدد «أن المشكلة التي ستحدث في المستقبل نتيجة هذه الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن هناك فئات واسعة من الشعب الجزائري ستقول إنني لم استشر في الإصلاحات، وخاصة في إصلاحات الدستور القادم، ولم استشر فيما سيصدر من قوانين لاحقة»، لأن الأغلبية هي التي قررت وحدها وفق رأي الشارع المعارض، إذ إن جبهة التحرير لن تحتاج إلا لبضعة أصوات لتقرر ما تشاء، والأكثر من ذلك أن هذه الفئات الواسعة غير الممثلة ستشعر أنها مهمشة من الحكومة القادمة على حد وصفه. أما أخطر المواقف التي ستواجه هذا البرلمان الذي تهيمن عليه أغلبية ذات لون واحد، هو «أن هذه الفئات المغيبة ستفكر من الآن أن رئاسيات 2014 لن تكون إلا لجبهة التحرير» وفق تحليله، وهذا الأمر سيضع البلاد في تقدير الدكتور قلالة، «أمام مأزق كبير، إما أن تحتكر كل السلطات التشريعية والتنفيذية ورئاسة الجمهورية جهة واحدة هي جبهة التحرير أو تعيد النظر في كل الحسابات، وفي هذه الحالة سيكون البرلمان الحالي مشكلة أكثر من حل» على حد تعبيره. عبد الحميد عثماني المحلل السياسي والمختص في علوم الإعلام الدكتور بلقاسم جاب الله نتائج الانتخابات التشريعية كانت مفاجئة على كل المستويات يرى المحلل السياسي والمختص في علوم الإعلام الدكتور احسن بلقاسم جاب الله، أن نتائج الانتخابات التشريعية كانت في ظاهرها مفاجأة على كل المستويات ولكن في الواقع هي كانت نتيجة متوقعة بالنظر إلى توزيع الأصوات وتوزيع هذه الأخيرة على المستوى الجغرافي، داعيا الأحزاب وخصوصا الجديدة إلى تغيير خطابها السياسي الموجه إلى فئات عريضة من المجتمع الجزائري. واعتبر الدكتور جاب الله في تصريح ل«البلاد» الذي شغل منصب الرئيس المدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية، أن تحليل نتائج الانتخابات التشريعية يجب أن يتم في هدوء بعد أزيد من ثلاثة أيام من إعلان النتائج لأسباب عديدة أهمها هو أن تحليل النتائج يجب أن يعتمد على مؤسسات لسبر الآراء ودراسة فئة الناخبين الذين صوتوا والذين امتنعوا وأيضا الأصوات التي صوتت بالورقة البيضاء لأن كل فئة تعني الكثير في تحليل أي نتائج لانتخابات وخصوصا انتخابات نواب الشعب الذين سيمثلونه في الغرفة السفلى. وأضاف المتحدث أن التحليل ينبثق أيضا من التطرق إلى التوزيع الجغرافي لتلك الأصوات التي اقترعت خصوصا وأن هناك أحزابا كبرى دون ذكر أسماءها لم تحصل على مقاعد في مناطق محددة لها خصوصية تميزها عن مناطق أخرى. وفي اتجاه آخر طرح الدكتور جاب الله أيضا نقطة هامة تعتبر حجر الزاوية في تحليل النتائج والتي تتمثل في الخطاب السياسي التي اتخذته الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي بالإضافة إلى الأحزاب الجديدة والتي اتخذت خطابا قديما موجها للشباب أي استخدمت عبارات نابعة من مخلفات فترة بعيدة موجهة لفئات لا تتعدى الثلاثين سنة وهنا يكمن فشلها في إمكانية توجيه خطاب سياسي واجتماعي يمكن جذب واستقطاب هذه الفئة التي استغلتها الأحزاب كغطاء فقط، يمكن أن نقول إنها تفاعلت بسلبية مع الانتخابات وقاطعتها وامتنعت عن النتائج. كما أشار إلى أن الخطاب الإسلامي أصبح يخوف وخصوصا مع المحيط الدولي والجزائر تسبح في هذا المحيط وخصوصا بالنسبة لمن عاشوا العشرية السوداء.