كثراً ما لعب الزعماء الأتراك دور السلاطين العثمانيين، الذين عادوا من جديد ليفرضوا سيطرتهم على منطقة الشرق الأوسط، محاولين بذلك لعب دور القوة الثالثة في هذه المنطقة، على غرار إسرائيل وإيران. ولكن، هذه المرة تقمص هؤلاء السلاطين دور "الحريم"، لأنهم طلبوا من سلطانهم، الحلف الأطلسي "الناتو" أن يساعد تركيا في تنصيب ترسانة حربية مضادة للصواريخ على الحدود السورية، فقد كشف حلف شمال الأطلسي عن خطط للدفاع عن تركيا ضد أي هجوم، وقد صرح "أندرس فوغ" المشرف للحلف، وذلك قبل اجتماع قادة" الناتو" في بروكسل، أنهم جاهزون لتطبيق كافة الخطط الضرورية للدفاع عن تركيا إذا تطلب الأمر، وهذا ما أكدته عدة مصادر إعلامية بأن القوات المسلحة الألمانية تقوم بإعداد المنظومة الصاروخية من نوع "باتريوت" المضادة للطائرات على الجانب التركي المحايد للحدود السورية، محاولة بذلك إعادة السيناريو الليبي، وجعل تلك الأراضي محظورة على الطياران السوري، وترمي هذه المنظومة لإعلان الضرورة العاجلة لتنفيذ مخطط من أجل الدخول في النزاع السوري باستعمال آليات الحلف الأطلسي. وتهدف هذه العملية لحماية الثوار المسلحين من الهجوم الجوي الذي يفرضه الجيش السوري عليهم، ممتد من حلب إلى غاية الحدود التركية. ويرى بعض المحللين أن هذه الخطة هي حيلة ماكرة لتدخل في الشؤون السورية واختراق مجالها الجوي دون موافقة مجلس الأمن، وهذه الأمور كلها، طبعاً، مرخصة من سلطانهم الأعظم، أمريكا. فإذا كان هؤلاء السلاطين قد أصبحوا حريم في يد أوروبا وأمريكا، فلماذا يلعبون دور العظمة على الدول العربية المجاورة؟؟ هل هناك حنين قديم لاسترجاع هيبة الدولة العثمانية التي كانت مسيطرة على العالم العربي؟ أم هي "الدراما التركية" التي سكنت عقول التافهين من العرب، حتى أصبح الأتراك يلعبون دور الأبطال على الشاشة، وفي خشبة الواقع هم مجرد "حريم السلطان"؟ وهل هذا السلطان الذي يمثل "الناتو" هو حقاً القوّة العادلة، والتي تلجأ إليه حثالة الدول؟ أم أن "الناتو" قد جعل هذه الدول مجرد جواري وسبايا، خاضعين لسيطرته المذلة والتي وصلت إلى درجة الاشمئزاز؟؟ والأمر الغريب والمحير الذي يقوم به هؤلاء الأتراك الذين يدّعون الحضارة، ويدّعون أنهم حماة الانفتاح الديمقراطي، كيف يجرؤون على حماية المجموعات المتمردة على النظام السوري؟ ومن جهة أخرى يقومون بقتل وملاحقة المسلحين الأكراد المتمردين على نظامهم؟؟ فهل حلال عليكم حرام عليهم؟ وهل ما يقوم به الجيش التركي من غارات جوية يشنها على الحدود الممتدة بينه وبين كردستان العراق، وما يقوم به من اضطهاد للشعب الكردي داخل تركيا هو تطبيق للديمقراطية والدفاع عن الحريات؟ ولكن عندما يتعلق الأمر بالجيش السوري من غارات وقتل، يعتبر ديكتاتورية واغتصاب للحريات؟؟ فما هذا التناقض يا زعماء تركيا، هل ضيعتم أرث أسلافكم، وأصبحتم حريماً لسلطان "الناتو" الذي كان جدكم "السلطان العظيم سليمان الفاتح" يتخذهم حريماً له