سجل الأمين العام للأمم المتحدة، عدة تحفظات بشأن التدخل العسكري في شمال مالي، وأبدا تخوفه من أن يؤدي ذلك إلى إجهاض فرص الحل السياسي عبر التفاوض، واشترط بان كي مون على الدول الإفريقية الإجابة عن أسئلة أساسية قبل نشر أي قوة عسكرية في مالي. تضمن تقرير للأمين العام للأمم المتحدة جملة من التحذيرات بخصوص التدخل العسكري المرتقب في شمال مالي، وقال بان كي مون إن مجلس الأمن الدولي لن يوافق على التدخل العسكري في مالي إلا في حال إجابة الدول الإفريقية على »الأسئلة الأساسية« الخاصة بالقوة التي يقترحون إرسالها، مؤكدا بأن أي عملية في شمال مالي تحمل مخاطر في المجال الإنساني ومجال حقوق الإنسان على الرغم من أن التدخل العسكري أصبح ضروريا بسبب الانتهاكات المتزايدة التي يرتكبها »المسلحون الإرهابيون«، مضيفا بالقول: »أنا مقتنع تماما انه في حال عدم الإعداد بشكل جيد لتدخل عسكري في الشمال، فان الأمر قد يفاقم وضعا إنسانيا هشا وان يؤدي أيضا إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان«، واسترسل في نفس السياق: »أخشى أيضا أن يؤدي التدخل العسكري إلى إجهاض أية فرصة لحل سياسي عبر التفاوض الذي يبقى أفضل أمل لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل في مالي«. وأوصى الأمين العام الأممي بأن أي عملية عسكرية دولية لطرد الإسلاميين الذين يسيطرون على شمال مالي »ستكون بدون شك ضرورية كوسيلة أخيرة ضد المتشددين«، وأوضح أيضا أن خطة تشكيل قوة دولية وتعزيز القوات المسلحة المالية »بحاجة لإيضاحات إضافية«، وقال بان كي مون أن مجلس الأمن لن يعطي موافقته على أي عملية عسكرية في مالي دون »التأكد من أن القوات المالية والإفريقية المشاركة في أي هجوم عسكري في الشمال ستكون مسؤولة عن أعمالها«، و من أنها تحترم القوانين الإنسانية الدولية، علما أنه من المنتظر أن ينظر مجلس الأمن الدولي في مسألة التدخل العسكري مالي في الخامس من ديسمبر الجاري، وسيكون تقرير بان كي مون أساس أي قرار يخلص إليه المجلس. وأوصى الأمين العام الأممي بهذا الخصوص نشر »عدد كاف من المراقبين الدوليين« وتعزيز منذ الآن »الوجود السياسي للأمم المتحدة« في مالي، ورغم توصية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن يوافق مجلس الأمن على قيام الاتحاد الإفريقي بنشر بعثة لفرض السلام لمحاربة المتطرفين الإسلاميين في شمال مالي لكنه لم يعرض تقديم تمويل للعملية من المنظمة الدولية، وفي تقريره لأعضاء مجلس الأمن الدولي ال 15 قال بان كي مون »إن مسائل أساسية بشأن كيفية قيادة القوة ومساندتها وتجهيزها وتمويلها لم تحسم بعد«، وأضاف قوله إن »خططًا للقوة الدولية وقوات الأمن والدفاع المالية يجب تطويرها«. وبدت باريس أكثر ميولا من ذي قبل للحل السياسي في شمال مالي حيث سارعت إلى الترحيب بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة والذي يشمل توصياته حول وسائل استخلاص حل شامل للأزمة في مالي وفقا لطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره 2071، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو، في مؤتمر صحفي أول أمس الخميس، إن هذا التقرير يندرج في إطار الأبعاد الثلاثة لحل الأزمة السياسية والإنسانية والعسكرية والتي وعد بها مجلس الأمن في قراريه 2056 و 2071، مضيفا بأن فرنسا تساند هذه المقاربة بحيث تتقدم المسارات الثلاثة بشكل متزامن. وقال لاليو انه على الصعيد السياسي، من الأساسي أن تضع السلطات المالية، المدعومة من قبل المنظمات الإقليمية والأسرة الدولية، في أقرب وقت ممكن خارطة طريق لعملية الانتقال التي تتضمن تنظيم الانتخابات، فضلا عنه إطلاق حوارا حقيقيا مع المتمردين مع استثناء المجموعات الإرهابية، وصرح الدبلوماسي الفرنسي قائلا: »على الصعيد العسكري، وكما يشدد على ذلك الأمين العام للأمم المتحدة، المطلوب عمل عاجل لمساعدة الحكومة المالية لإعادة توحيد البلد ووضع حد لتهديد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الذي يضغط على كاهل مالي وجيرانها وكل الأسرة الدولية«. للإشارة كان الاتحاد الإفريقي قد اقر خطة للتدخل العسكري في مالي لمساعدة حكومتها على بسط سيطرتها على أنحاء البلاد ومواجهة الإسلاميين المتشددين، وطالب الاتحاد مجلس الأمن الدولي بإصدار تفويض بنشر قوة عسكرية أفريقية في مالي.