لم تعترف فرنسا ولم تعتذر، ما كان متوقعا حدث بالفعل، الثمرة الأهم لزيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر هي أن مطلب الاعتراف والاعتذار أصبح مبتذلا. جلس نواب البرلمان ينتظرون من الرئيس الفرنسي كلمات فلم يجدوا إلا تمجيدا مبطنا لفرنسا وقيمها العالمية، كثير من الناس استغرق وقتا طويلا في استيعاب ما قاله الرئيس الفرنسي ومع ذلك فقد رأوا أن الفرصة مواتية للانخراط في التصفيق الذي هو من العادات السيئة الملتصقة ببلدان العالم الثالث. جزء مهم مما قاله هولاند كان موجها للفرنسيين، فالنقد الموجه للنظام الاستعماري بني على أساس إساءة هذا النظام لقيم فرنسا، والنتيجة هي تبرئة فرنسا مما اقترفه هذا النظام من أخطاء، وبعد يوم من مغادرة هولاند الجزائر جاء تأويل ما قاله في خطابه أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه، فقد صرح الرئيس الفرنسي لإذاعة أوروبا1 شارحا "لقد نشأ نظام، نظام لم يكن فيه الأشخاص مذنبون بالضرورة، لقد كان نظام استغلال، وفي كثير من الأحيان نظام قمع، وكان من المهم أن نقول بأن هذا النظام لم يكن يحترم قيمنا"، وأكثر من هذا بين للفرنسيين أنه مضطر لإدانة الاستعمار حيث قال ""كان ضروريا تقديم إدانة"، وفهم هذا الكلام لا يحتاج إلى عبقرية، ما فعله هولاند يخص الفرنسيين أولا وقد فعله من أجلهم. الحقوق التاريخية للشعوب لا يمكن أن تسترد بالانتظار، ولن يقبل أي رئيس فرنسي أن يأتي إلى هنا ليعترف ويعتذر نيابة عن فرنسا، لكن المشكلة هي أن أولي الأمر عندنا أوهموا الشعب الجزائري بأن هولاند قادم من أجل ذلك، وأنه سيفعل ما لم يفعله أسلافه من الرؤساء الفرنسيين، مع أن المسؤولين عندنا لم يطالبوا فرنسا أبدا بأي شيء، ووزير الداخلية شخصيا يقول دون تردد إنه لا يؤمن بهذا المطلب. عندما تتولى سلطة ضعيفة ومطعون في شرعيتها مهمة الدفاع عن الحقوق التاريخية لشعب واجهة حرب الإبادة وتعرض لأبشع الجرائم لا يمكن أبدا توقع نتائج باهرة، لقد كان الأولى أن يتولى المجتمع حمل هذا المطلب والدفاع عنه، أما الآن وقد آلت الأمور إلى هذه الحال فإن المعركة القادمة ستكون إخراج مطلب الاعتذار من دائرة الاستغلال السياسي للسلطة.