أكد المستشار الإعلامي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف عدة فلاحي في حديث ل »صوت الأحرار« أنه كان على شيخ الطريقة العلوية خالد بن تونس أن يحتكم إلى مرجعيات دينية وطنية في كتابه الصادر تحت عنوان »الصوفية..الإرث المشترك« وذلك بدل العودة إلى علماء الأزهر، في وقت تعج فيه الساحة الوطنية بكفاءات لا غبار عليها، وبالرغم من انتقاده لفكرة إعادة نشر منمنمات عن الرسول الكريم، إلا أنه ثمن المجهود العلمي المبذول في الكتاب من خلال ما تضمنه من معلومات تاريخية لا يستهان بها. *ما تعليقكم على الضجة التي أثارها كتاب شيخ الطريقة العلوية خالد بن تونس حول الصوفية؟ لا بد من التوضيح أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لم تكن غائبة أثناء الفترة التي دار فيها السجال حول الكتاب الذي نشره زعيم الطريقة العلوية الشيخ خالد بن تونس تحت عنوان »الصوفية..الإرث المشترك« والذي نتج عنه من الردود التي تراوحت بدورها بين المرونة والتشدد. وفي ظل ذلك وبحكم أن الوزارة الوصية لها مسؤولية أمام الدولة كمؤسسة لم تشأ في إبداء رأيها حول الموضوع إلى حين استجماع كل المعطيات والمعلومات الخاصة بهذا الكتاب، وعليه لا بد من التأكيد أولا أن الوزارة لا علاقة لها بالترخيص لنشر هذا الكتاب الذي في رأينا قد فتح ملفات سبق وأن أثارت جدلا وخصومات بين المدرسة الصوفية والمرجعيات الفقهية طوال التاريخ الإسلامي. *في رأيكم هل يعود الجدل القائم حول كتاب الصوفية أو غيره من الملفات إلى غياب مرجعية دينية وطنية؟ ما أثاره الكتاب من ردود وخاصة حول ما جاء به من رسوم للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومن تساؤلات وغيرها من المفاهيم ما كانت لتكون أو ما كانت لتطرح للنقاش عبر الصحف وغنما كان يجب أن تدار بين الفقهاء والعلماء والمختصين وإذا كانت هناك بعض الآراء التي انتقدت ما جاء في كتاب الصوفية لبن تونس، فهذا ليس دافعا في حد ذاته ليطلب زعيم العلوية الاحتكام حول هذه المسائل للأزهر الشريف. وما كان ذلك ليكون لو توفرت للجزائر مرجعية دينية وفقهية رسمية يحتكم إليها على غرار ما هو عليه في بعض الدول الإسلامية، وإن كانت الدولة الجزائرية تفكر جديا في التأسيس لمثل هذه الهيئة التي ستكون تحت رئاسة مفتي الجمهورية، حيث يعهد إلى هذه الهيئة مهام الإفتاء وفق المرجعية الوطنية، في وقت يعلم فيه الجميع أن الساحة الوطنية حاليا لا تخلو من مرجعيات مؤهلة لا يجب الاستهانة بها ويكفي أن يتم تأطيرها لتصبح مرجعا رسميا. *ما هو موقف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف من إعادة نشر المنمنمات الخاصة برسول الله محمد؟ من المعروف تاريخيا في التراث الإسلامي نشر مثل هكذا رسوم خاصة بالأنبياء والصحابة وحتى ببعض الملائكة، وقد تكرست هذه الممارسات خلال فترة الاستعمار الذي شهده العالم العربي والإسلامي، كمحاولة لمحاكاة الموروث المسيحي الذي يعمل على تجسيم الرموز الدينية المقدسة. وبهذا الخصوص وعند العودة إلى الأحكام الفقهية نجد دائما إجماعا لدى الفقهاء وبالخصوص أهل السنة يقضي بتحريم أي تجسيم للرموز الدينية ويحيلنا هذا الإشكال إلى الفتوى التي أصدرها الأزهر الشريف في بداية السبعينات عندما عرض عليه فيلم الرسالة لمصطفى العقاد، حيث حرم حينها ظهور صورة النبي عليه الصلاة والسلام ولو خيالا، فهل يكفي هذا ليكون ردا على بن تونس الذي احتكم إلى الأزهر. كما أنه كان من الأولى لبن تونس أن يهتم أكثر بملف تهويد القدس وحصار غزة وان يعالج هذه الملفات من خلال كتبه والملتقى الذي نظمه طيلة أسبوع كامل بالنظر على ما يعيشه العالم العربية والإسلامي في القوت الراهن. *تضمن كتاب بن تونس مخطوطات وأرشيف من التراث الإسلامي، كما حمل غلاف الكتاب نجمة داوود وهي تحيط بالأمير عبد القادر، ما رأيكم في ذلك؟ إن إظهار النجمة السداسية على صورة الأمير عبد القادر ليس بالأمر الجديد، بل ظهرت مثل هذه الصورة في كتاب نشر للدكتور نور الدين عيسى بعنوان »الأمير عبد القادر والماسونية« والذي برئ صاحب الكتاب من خلاله الأمير عبد القادر من الماسونية، فإذا كان بن تونس مجرد ناقل لهذه الصورة فلا نرى بأسا في ذلك، أما إذا أريد بها تكريس فكرة أنه للأمير عبد القادر علاقة بالماسونية من أجل مغازلة اليهود فهذا ما لا نقره، ويبقى أن النجمة السداسية كرسم حيادي خال من التأويل لا تطرح أي إشكالا. أما فيما يتعلق بجمع المخطوطات في إطار البحث والتأريخ، فإننا نثمن مجهودات بن تونس في هذا السياق على اعتبار أنه قام بعمل بحث قيم. *تنطلق الطريقة العلوية من مفهوم الرؤية المعاصرة للإسلام بمعنى فتح باب الاجتهاد من أجل مواكبة التغيرات الحاصلة في العالم، إلى أي مدى يتعارض هذا الطرح مع مقدسات الدين الإسلامي الحنيف؟ من المعروف أن الاجتهاد تعطل في العالم الإسلامي لقرون طويلة، الأمر الذي فتح الباب أمام الدهماء وأنصاف العلماء للخوض في قضايا الفتوى والدين ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي بقيادة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبه وعبد الحميد بن باديس من اجل التحرك في اتجاه التجديد وفتح باب الاجتهاد من جديد، ولكن مع الأسف فإن هذه الحركة لم تحقق أهدافها. وإذا كان من المطلوب اليوم فتح باب الاجتهاد ليتماشى مع مقتضيات العصر، فليس من الضروري نسخ ما هو معلوم من الدين بالضرورة وما هو ثابت غير قابل للتحول في شريعتنا، لأن الذهاب في هذا الاتجاه قد يكون مدعما وذريعة للحركات المتطرفة التي يمكن أن تستغل هذا التساهل في الاجتهاد من اجل إصدار فتاوى ضالة وخدمة جهات وأطراف معينة.