عشرات الآلاف من القتلى في سوريا، ودمار أعاد البلد إلى عصر ما قبل الحضارة ولا يبدو الثمن كافيا لإنهاء المأساة، بل على العكس من ذلك تقول المعارضة إن على المجتمع الدولي أن يقدم السلاح من أجل إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد. الحديث عن الحسم العسكري لم يتوقف منذ أكثر من سنة على الأقل عندما كنا نسمع عن معركة حلب، ومع مرور الأيام اتضح للجميع أن اللعبة أكبر مما أراد أن يصورها معارض لم يزر بلده منذ أزيد من عشرين عاما، أو عسكري منشق وجد في الفنادق التركية أو الأردنية ملاذا وحولته وسائل إعلام مغرضة إلى نجم تلفزيوني. الشعب السوري لا يريد الحرب، ومثلما حرمه النظام من حريته لعقود يتخذه دعاة الحرب وتجارها رهينة في معركتهم ضد النظام، أحياء بكاملها يتم اقتحامها من قبل المسلحين الذين يتعمدون الاختباء وسط المدنيين لإرغام الجيش على ضربها، وتفجيرات باستعمال السيارات المفخخة تهلك الناس وتدمر البنى التحتية يتبرأ منها المسلحون كلما كانت النتيجة قتل المدنيين، ويتبنونها كلما أصابت موقعا عسكريا أو مؤسسة رسمية. بالنسبة للمعارضة لا يمثل ضحايا المأساة السورية إلا أرقاما يمكن استغلالها سياسيا، وهكذا تحول رقم ستين ألف قتيل الذي أعلنته الأممالمتحدة إلى عدد الشهداء الذي سقطوا من أجل تغيير النظام حسب ادعاء المتحدث بالائتلاف السوري وكأنه ليس بين القتلى من سقط برصاص المعارضة المسلحة أو من كان ضحية للتفجيرات التي نفذت هنا أو هناك، وكأن الجيش السوري وقوى الأمن لم تخسر رجلا واحدا خلال قرابة عامين من اندلاع هذه الفتنة. الذين يطالبون بمزيد من السلاح ويرفضون كل مبادرة سياسية لا تهمهم كثيرا الأرواح التي تسقط، وما يعدون به هو مزيد من الخراب لأن كل يوم يمر سيبعد سوريا وأهلها عن الحل السلمي ويجعل بلدهم أقرب إلى التقسيم على أساس طائفي وعرقي، وذلك هدف معلن لمن حرضوا على حمل السلاح من أول لحظات الأزمة السورية.