عاد التوتّر من جديد ليخيّم على الوضع عند الحدود السورية التركية في أعقاب تبادل القصف بين البلدين في وقت طلب فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان من بلاده الاستعداد للحرب (إن لزم الأمر). وذكرت تقارير إعلامية أمس الاثنين أن قذيفة أخرى سقطت داخل الأراضي التركية الأحد، ممّا تسبّب في تفاقم القصف الانتقامي من جانب الجيش التركي لليوم الخامس على التوالي. وسقطت القذيفة السورية بالقرب من بلدة أكاكال على الحدود التركية وردّت القوات التركية، ليدخل تبادل القصف بين الدولتين الجارتين يومه الخامس وفقا لما ذكر التقرير. وأكّد عمدة أكاكال عبد الحكيم ايهان أن المدفعية التركية ردّت على الفور. وكانت قذيفة سورية قد سقطت يوم الأربعاء الماضي داخل بلدة أكاكال في مقاطعة سانليورفا على الحدود التركية وأسفرت عن مقتل 5 أتراك، وقامت القوات المسلّحة التركية ّ مباشرة على القصف. وأكّدت الحكومة التركية أنها (لن تقف ساكنة أمام مثل هذه الأنواع من الاستفزازات من جانب النّظام السوري في إطار قوانين الاشتباك والقانون الدولي). وفي جلسة طارئة عقدت يوم الخميس الماضي وافق البرلمان التركي على اقتراح شنّ عمليات عسكرية عبر الحدود داخل سوريا. وكانت تركيا قد اشتكت مرارا من امتداد قصف المدفعية السورية لأراضيها. وفي الأسبوع الماضي أشارت الحكومة التركية إلى أنها ستتّخذ إجراء إذا تكرّرت مثل هذه الهجمات على أراضيها من جانب سوريا. ومن فرنسا التي وصلها أمس حذّر الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون من الوضع (بالغ الخطورة) على الحدود السورية التركية وتداعيات الأزمة السورية على لبنان، داعيا في الوقت نفسه المانحين إلى (مزيد من السخاء) في مساعدة اللاّجئين. وقال بان كي مون في ستراسبورغ إن (تصعيد النزاع على الحدود السورية التركية وتداعيات الأزمة على لبنان أمران بالغَا الخطورة)، مضيفا أنه (مع اقتراب فصل الشتاء نحن بحاجة إلى أن يلبّي المانحون بمزيد من السخاء احتياجات السكان في داخل سوريا واللاّجئين الذين يزيد عددهم عن 300 الف لاجئ في الدول المجاورة). يذكر أن عدد السوريين الذين لجأوا إلى تركيا إثر الاشتباكات والمواجهات الدموية بين الجيش السوري والمعارضة المسلّحة بلغ 96 ألف و397 شخص. وكانت لهجة الجانب السوري شديدة النبرة إزاء ما وصفه وزير الإعلام عمران الزّعبي ب (الاتّهام) الذي وجّه إلى بلاده بشأن سقوط قذيفة في الأراضي التركية وتسبّبها في مقتل خمسة مواطنين أتراك. واستنكر الزّعبي الاتّهام وأكّد أن سوريا سارعت إلى تقديم التعازي بالضحايا من (منطلق أخلاقي وعلاقة الأخوّة التي تربط بين الشعبين السوري والتركي وبادرت إلى التدقيق في مصادر النيران، وهو أمر مازال قائما وعندما يتمّ الوصول إلى نتيجة سيكون هناك موقف ملائم وشفّاف ومسؤول). وقال الزعبي إن (مسؤولية الحدود غير المنضبطة والتوتّر تعود إلى الحكومة التركية)، متّهما الحكومة التركية ب (فتح الحدود أمام المقاتلين الأجانب المرتزقة لدخول الأراضي السورية من عدّة مناطق مع شحنات الأسلحة وإقامة معسكرات التدريب للمسلحين). من جهة أخرى، قال الوزير السوري إن موقف الدولة لن يتبدل فيما يتعلّق بالذهاب إلى حوار سياسي وطني لا يستبعد فيه أيّ طرف، وأن تبقى لغة الحوار هي السائدة، موضّحا أنه لا صلة بين مفهوم الحوار الوطني الذي تدعو إليه الدولة وما يجري على الأرض من ملاحقة قوات الجيش العربي السوري للمجموعات الإرهابية المسلّحة. وعلى الصعيد الميداني لا زالت المدن السورية تشهد عمليات عسكرية وقصفا عنيفا متواصلا أودى بحياة العشرات من السوريين. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بمقتل 20 شخصا وجرح آخرين في قصف للجيش السوري على حافلات بريف درعا. وقال المرصد في بيان له إن 20 مواطنا قتلوا في بلدة الكرك الشرقي بنيران القوات النّظامية، بينهم خمسة على الأقل من مقاتلي الجيش السوري الحرّ وذلك جرّاء القصف واستهداف مركبات كانت تقلّ جرحى في البلدة. وأضاف البيان إن القتلى سقطوا صباح أمس، وأن البلدة شهدت عملية عسكرية وقصفا عنيفا ومحاولات اقتحام منذ ثلاثة أيّام وسط حصار خانق وأوضاع طبّية وإنسانية سيّئة.