وضع رئيس الجمهورية ثقته مجدّدا في عبد القادر بن صالح ليكون على رأس مجلس الأمة للعهدة الثالثة على التوالي، وإذا كان الرجل قد ظفر بلقب »عميد البرلمانيين« بامتياز، فإن الحظوة التي نالها لدى القاضي الأوّل في البلاد تجعل منه »رجل الإجماع« دون منازع خاصة بعد نجاحه في تسيير شؤون الغرفة العليا للبرلمان بطريقة متميّزة رغم تعدّد الحساسيات السياسية الممثلة فيها. لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يُغادر عبد القادر بن صالح رئاسة مجلس الأمة، لأن الدبلوماسي السابق عرف كيف يكسب الإجماع حوله من خلال حنكته في تسيير الملفات التي مرّت عبر هذه الهيئة منذ توّليه هذا المنصب خلفا للراحل بشير بومعزة. والواقع أن تجديد الثقة فيه تعيد إلى الأذهان تكليفه من طرف رئيس الجمهورية في ماي 2011 برئاسة هيئة المشاورات السياسية التي استملت مقترحات الأحزاب والشخصيات الوطنية وفعاليات المجتمع المدني حول قوانين الإصلاحات. ويؤكد كل من عرف بن صالح سواء عندما كان ناشطا في مجال الإعلام باعتباره شغل مناصب عدة في القطاع، أو من خلال نشاطه الدبلوماسي وصولا إلى العمل البرلماني، بأن الرجل كرّس حياته للعمل بمهنية ما جعله شخصية تفرض احترامها على جميع القوى السياسية الممثلة تحت قبة البرلمان، ويتركز الحديث على الجانب البرلماني أكثر من غيره بالنظر إلى المسؤوليات التي تقلّدها في إطار ممارسته لهذه المهام لأكثر من ثلاثة عقود ما جعله ينفرد بوصف »عميد البرلمانيين«. ينحدر عبد القادر بن صالح من ببلدية »فلاوسن« بولاية تلمسان، من مواليد 24 نوفمبر1941 وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، التحق بعد الاستقلال بالجامعة لينال الإجازة في العلوم القانونية، ثم انتخب سنة 1977 نائبا عن ولاية تلمسان بدائرة »ندرومة« لثلاث مرات متعاقبة قضى منها مدى 10 سنوات على رأس لجنة العلاقات الخارجية. وقبلها كانت بداية مساره المهني بالصحافة بتعاونه مع كبريات الصحف الوطنية منذ ,1968 ما سمح له بعدها بتقلد منصب مدير للمركز الجزائري للإعلام ببيروت عام ,1970 ليتولى بعدها منصب مدير جريدة »الشعب« عام .1974 وفتح هذا النجاح على بن صالح أبواب العمل الدبلوماسي التي دخلها من موقع سفير للجزائر لدى المملكة العربية السعودية وممثلا دائما لدى منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة سنة ,1989 لكن هذه التجربة لم تُعمّر سوى سنوات قليلة لأن تجربته البرلمانية تطلبت عودته من جديد للعمل من خلال اختياره ناطقا رسميا للجنة الحوار الوطني سنة 1993 والتي تولّت وضع أرضية الوفاق الوطني تمّ بموجبها إنشاء المجلس الوطني الانتقالي في 1994 وانتخب لرئاسته في 14 جوان 1994 ولاحقا رئسا للمجلس الشعبي الوطني في سنة .1997 ولم تمنعه هذه التجربة من خوض المجال السياسي من خلال المساهمة في تأسيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، فكان نائبا عن »الأرندي«، وقد سجلت له نشاطات مميزة في الحقل البرلماني العربي والإفريقي والدولي إذ انتخب في عام 2000 رئيسا لاتحاد البرلمان العربي، وبعد إعادة انتخابه نائبا عن ولاية وهران في 2002 قرر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تعيينه عضوا في مجلس الأمة لينتخب بالإجماع رئيسا له لثلاث عهدات انتخب خلالها رئيسا للاتحاد البرلماني الإفريقي.