أعلنت مصادر رسمية صحراوية أن الجولة التمهيدية الأولى للمفاوضات غير الرسمية بين جبهة البوليساريو والمغرب ستنطلق بعد غد الاثنين بالعاصمة النمساوية فيينا في محاولة لإعادة إطلاق مسار المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع من أجل الوصول إلى حل نهائي لهذه القضية، وأفادت ذات المصادر بأن هذا اللقاء الذي سيدوم يومين ستحضره الجزائر وموريتانيا من منطلق كونهما طرفين ملاحظين. نقلت وكالة الأنباء الصحراوية عبر موقعها الإلكتروني عن مصدر وصفته ب «الرسمي» تأكيدها أن الجولة الأولى من اللقاءات غير الرسمية بين جبهة البوليساريو والمغرب ستجري بعد غد الاثنين بمدينة فيينا تحت إشراف المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس. وبحسب ما نقلته الوكالة الصحراوية فإن هذا اللقاء سيتم تنظيمه ليومين في شكل جلسات مغلقة وذلك بناء على طلب من المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي الذي يحاول إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع على أمل التوصل إلى حل عادل ونهائي لآخر مستعمرة في إفريقيا، علما أن جولات من المفاوضات المباشرة عقدت بين طرفي النزاع برعاية الأممالمتحدة سنتي 2007 و2008 في نيويورك دون التوصل إلى اتفاق. وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في آخر تقرير له بشأن الصحراء الغربية، التزام كلا الطرفين بمواصلة المفاوضات، وقبول اقتراح مبعوثه الشخصي بشأن إجراء جولة تمهيدية قبل استئناف المفاوضات، كما رحب مجلس الأمن باتفاق الطرفين على إجراء محادثات غير رسمية للإعداد للجولة الخامسة. ويأتي هذا لقاء فيينا الذي سيدور بحضور وفود عن طرفي النزاع وهما المغرب والبوليساريو، بالإضافة إلى ممثلين عن الطرفين المراقبين الجزائر وموريتانيا، في وقت سبق للممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وأن صرّح بأنه سيعد لإجراء هذه المحادثات غير الرسمية أولا للتمكن من مناقشة العديد من القضايا العالقة، إعدادا لجولة خامسة من المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع. وأكد روس أنه يسعى من خلال تحرّكاته إلى المنطقة للوصول إلى ما أسماه «حل متفق عليه وعادل يؤدي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي وفق ما تنص عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، وسبق للمبعوث الأممي وأن أعلن خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، أثناء تواجده بالجزائر، وبالجمهورية الصحراوية وموريتانيا، أنه متفائل. وفي المقابل فإن زيارة كريستوفر روس الأخيرة إلى المملكة المغربية لم تسر حسب ما كان يتمناه حسب عديد المراقبين، خاصة أمام إصرار ملك المغرب، محمد السادس على تجاهله، وعدم استقباله بحجة انشغاله بزيارة داخلية لمدينة وجدة المغربية، ويبدو أن خطاب الملك الأخير في ذكراه العاشرة لتسلم السلطة بالبلاد، قد جدد تمسك الرباط بما تسميه "الحكم الذاتي" للصحراء الغربية، وهو المقترح الذي كانت تعول على فرنسا وأمريكا، في عهد بوش، لفرضه على الصحراويين غير أن إدارة أوباما الجديدة، حسب متتبعي النزاع، قد غيرت من موقفها تماما، وأرسلت عدة إشارات واضحة تفيد بابتعادها الكلي عن المقترح المغربي، وتغليبها لحل داخل إطار الأممالمتحدة، يتماشى والشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة. من جهة أخرى، يتوقع المتتبعون أن يصر المتفاوضون الصحراويون على طرق القضايا الجوهرية المتعلقة بالنزاع، بعد أن عجزت جولات المفاوضات الأربعة الماضية في طرقها، كما لا يستبعد المراقبون أن يكون المفاوضون الصحراويون أكثر صرامة في مطالبة الأممالمتحدة بتحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية المواطنين الصحراويين من بطش آلة القمع المغربية، وكذا وضع حد للنهب الممنهج للثروات الطبيعية الصحراوية بغض النظر عن الملف التفاوضي. ويبقى الموقف المغربي المتعنت المؤشر الأبرز الذي يجعل المراقبين لا يتوقعون الكثير من هذه اللقاءات، بل أن الحكومة الصحراوية، في شخص وزيرها الأول، السيد عبد القادر الطالب عمار، اعتبرت أن المغرب يعمل على تقويض الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، كريستوفر روس، ويغلق الباب أمام حل سياسي يحترم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.