اختتمت أمس بالعاصمة النمساوية فيينا أول جلسة من اللقاءات غير الرسمية بين وفدي جبهة البوليزاريو والمغرب تحت إشراف المبعوث الخاص للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس تحضيرا لعقد جولة خامسة من المفاوضات المباشرة. ورغم التزام أعضاء الوفدين الصمت حول ما جرى في هذه الجلسة فإن تسريبات إعلامية شحيحة حول مجريات الجلستين أكدت أنهما تمتا وسط أجواء من التشنج والتوتر بسبب الخلافات الحادة والاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع إلى درجة ان المراقبين وصفوا أجواء الاجتماع بأنها تؤشر على عدم التوصل إلى حل توافقي يضمن تحقيق تسوية سلمية للنزاع. ويأتي تسريب هذه المعلومات رغم أن المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس دعا طرفي النزاع إلى عدم الإدلاء بأي تصريحات بهدف ضمان السير الحسن لمجرياته. واكتفت آن توماس المتحدثة باسم الأممالمتحدة في العاصمة النمساوية بالقول أن هذه اللقاءات التي دعا إليها روس تهدف إلى إيجاد النقاط المشتركة بين طرفي النزاع من أجل الشروع في جولة خامسة من المفاوضات المباشرة قصد التوصل إلى تسوية سياسية عادلة ونهائية للنزاع في الصحراء الغربية يقبلها طرفا النزاع ويحترم فيها حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وأضافت أن لقاء فيينا تم بدعم تام من مجلس الأمن الدولي. يذكر أن جبهة البوليزاريو مثلها في هذا اللقاء محفوظ علي بيبا رئيس البرلمان الصحراوي ورئيس الوفد المفاوض في منهاست إضافة إلى محمد خداد المنسق الصحراوي مع بعثة "المينورسو" وأحمد بخاري ممثل جبهة البوليزاريو لدى الأممالمتحدة. بينما مثل الطرف المغربي وزير الخارجية طيب فاسي فهري إلى جانب محمد ياسين المنصوري المدير العام للمخابرات المغربية وماء العنين خليهن الكاتب العام لما يسمى بالمجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء الغربية "كوركاس" الذي يترأسه عبد الرشيد ولد خليهن المتغيب الرئيسي عن هذه اللقاءات غير رسمية. وتأكد أمس من خلال تصريحات لمسؤولين مغربيين أن الرباط تسعى بكل الطرق إلى إفشال مساعي الموفد الأممي الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس حيث أكدت مصادر مطلعة أن الرباط جددت التذكير قبل يومين بموقف المبعوث الأممي السابق الهولندي بيتر فان فالسوم الذي أدلى بتصريحات غير واقعية بعدما اعتبر أن الحكم الذاتي يبقى الحل الأنسب للنزاع في الصحراء الغربية وأن استقلال هذه الأخيرة خيار غير واقعي. وتناست الرباط أن هذا الموقف المنحاز لطروحاتها هو الذي دفع بمجلس الأمن الدولي إلى رفض تجديد عهدة فالسوم واستبداله بأخر يحمل صفة الوسيط الأممي غير المنحاز إلى أي طرف. ثم أن خطاب الملك محمد السادس مؤخرا بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش لم يخرج عن المواقف المغربية المتعنتة المعتادة عندما يتعلق الأمر بالقضية الصحراوية بعد أن كرس الموقف المغربي المتمسك بمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد لتسوية النزاع مما رهن مسبقا أي مساع لتسوية ملف القضية الصحراوية وفقا للشرعية الدولية المقرة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، أمر تدركه جبهة البوليزاريو التي أكد مسؤولوها تمسكهم بحق شعبهم في تقرير مصيره عن طريق إجراء استفتاء حر ونزيه يتضمن الخيارات الثلاثة وهي الاستقلال أو الاندماج أو الحكم الذاتي. وقال أمحمد خداد منسق جبهة البوليزاريو مع بعثة "المينورسو" أن الطرف الصحراوي ذهب إلى فيينا للمشاركة في اللقاء غير رسمي بنوايا حسنة وتساءل في مقال نشره في صحيفة "الغارديان" البريطانية نشر أمس ما إذا كان المغرب على استعداد لدخول هذه المفاوضات الجديدة بنية حسنة ومن دون شروط مسبقة في هذه المفاوضات أم أنه سيسعى مجددا إلى إفشال المساعي الأممية بتمسكه بمخطط الحكم الذاتي. وذكر خداد في مقاله بأن الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار وهي أرض محتلة تنهب ثرواتها وخيراتها أمام أعين شعبها وتضخ عائداتها في الاقتصاد المغربي في وقت يعيش الشعب الصحراوي في اللجوء محروما في ظل مأساة حقيقية. من جهته اعتبر منصور عمر منصور ممثل جبهة البوليزاريو في فرنسا أنه يتعين على المغرب أن يأخذ بمبدأ التفاوض بدل محاولة فرض رؤيته الأحادية لحل النزاع في الصحراء الغربية. وقال المسؤول الصحراوي أن "الجانب الصحراوي قدم الكثير من التنازلات خدمة للقضية بما فيها التراجع عن الجمهورية الصحراوية -التي تم الإعلان عن تأسيسها سابقا- وتنحيتها جانبا إن كانت الرباط ترغب فعلا في تمكين الصحراويين من حقهم في تنظيم استفتاء عام شفاف ونزيه، لكن المغاربة يرفضون كل هذا ويقررون لمئات الآلاف من الصحراويين ما هو المناسب لهم ويقترحون عليهم حكما ذاتيا".