قتحام مجموعة إرهابية لقاعدة معالجة الغاز بعين أمناس واحتجاز العاملين فيها كرهائن تمثل تطورا خطيرا على الصعيد الأمني، وتوقيتها يجعلها تبدو كرد من هذه الجماعات على العملية العسكرية التي أطلقتها فرنسا من أجل تحرير شمال مالي من قبضة الجماعات المسلحة التي تسيطر عليه. الرسالة واضحة، ما يجري في مالي قد يؤثر بشكل مباشر على الوضع في الجزائر، والجماعات التي تقاتل في الساحل لها امتداداتها في دول الجوار وهو ما يعني أن مساحة المعركة قد تتسع بشكل غير متوقع وفي أي لحظة، وبالنتيجة فإن آثار الحرب قد تصبح خارج نطاق التحكم. هناك اعتقاد أن تكون العملية التي جرت ليلة الأربعاء من الآثار المباشرة للحرب التي شهدتها ليبيا، فالسلاح الذي تم نهبه، والفوضى السائدة على الجهة الأخرى من الحدود، أعطت المجموعات الإرهابية فرصة تاريخية لتعزيز قوتها وإعادة نشر عناصرها في المنطقة، وبالنتيجة فإن الضغط الذي تتعرض له المنطقة هو من ثمار الحرب الفرنسية على ليبيا أولا والتي أدت إلى تقوية الجماعات المسلحة في الساحل التي طردت قوات باماكو من شمال البلاد، والحرب الثانية لفرنسا في المنطقة بدأت توسع رقعة النشاط الإرهابي لتمس المناطق الأكثر حيوية والتي بقيت آمنة حتى عندما كانت الدولة تواجه خطر الانهيار في عقد التسعينيات من القرن الماضي. ليس للجماعات الإرهابية ما تخسره، احتجاز الرهائن الأجانب يمثل ورقة ابتزاز مهمة بالنسبة لها، وفرنسا التي تحارب عن بعد لن تخسر الشيء الكثير، وقد تقول باريس إنها لن تفاوض ولن تدفع فدية من أجل تحرير الرهائن وأنها لن توقف عمليتها العسكرية في مالي مهما كلفها ذلك من ثمن، ولها أن تقول ذلك وتفعل ما تشاء مادامت تقاتل بعيدا عن الديار، وما دامت الحرب تتيح لها فرصة إحكام السيطرة على منطقة حيوية مرشحة لكثير من الهزات مستقبلا. الخاسر فيما يجري هو نحن على ما يبدو، لكن السؤال هل من خيار آخر يمكن الأخذ به غير مواجهة هذه الجماعات المسلحة؟ يبدو أن الهامش بات ضيقا، والبحث عن بديل قد يدفعنا إلى الإقرار بشرعية الأفعال التي ترتكب تحت عنوان الجهاد، وهذه خطوة نحو الهاوية.