''أسكادا، جي فنشي، نينا ريتشي،...عطور لماركات عالمية تزايد الطلب عليها من طرف زبائن محلات بيع العطور بالتعبئة ببلادنا، وهو ما جعل هذه التجارة تزدهر بشكل كبير، وتلقى رواجا منقطع النظير، وذلك نتيجة انتشار هذا النوع من المحلات التي تعتمد بشكل رئيسي على زيوت عطرية مقلّدة بالتعبئة حيث يمكن تركيب عطر يصل إلى مستوى الماركات المعروفة وبسعر لا يتجاوز العشرة بالمائة من سعر العطور الأصلية. انتشرت في الآونة الأخيرة محلات بيع العطور بالتعبئة بالجزائر العاصمة، بشكل ملفت للانتباه إذ لا يكاد يخلو شارع من تلك المحلات التي تعج بالزبائن، فمنهم من يطلب تعبئة زجاجته التي انتهى منها العطر أو من ينتظر تجربة عطر سمع من أصدقائه أنه لا فرق بينه وبين الماركة الأجنبية الأصلية وبسعر معقول. قصدت»صوت الأحرار« إحدى محلات بيع العطور بالتعبئة المتواجد بشارع »أودان« المسمى »الأندلس« لنرصد من خلاله مدى انتشار هذا النشاط التجاري ونستطلع آراء بعض الزبائن حول هذا النوع من الخدمة، فأخبرنا صاحب المحل أن عائلته تملك العديد من محلات بيع العطور بالتعبئة منهم المتواجد بنفس المكان، وآخر بشارع عميروش المسمى »سلطان العطور« وآخر ب» ميسونيي« وأيضا محل ببوزريعة، مضيفا أنهم ينشطون في هذا المجال منذ حوالي سبع سنوات خاصة وأنها تجارة مربحة نظرا لتزايد طلب الزبائن عليها. وأكد ذات المتحدث أن كل الفئات العمرية ومختلف الطبقات الاجتماعية يمكن أن نجدها في هذه المحلات من شباب، وطلبة في الجامعات، وعجائز، مضيفا أن عالم العطور حتى وإن كانت بالتعبئة يستقطب الكبير والصغير والغني والفقير، لأن الهدف من استعمال العطر يكمن في ترك أثر جميل في النفس، مشيرا في ذات السياق إلى إقبال عدد كبير من الأغنياء الذين أصبحوا من الزبائن الدائمين له، والذين تأكدوا من النوعية العالية للعطور المعبئة وهي بسعر أقل بكثير من ثمن العطر الأصلي الذي كانوا يستعملونه. وعن مصدر تلك العطور ومدة صلاحيتها رد قائلا أنهم يقومون باستيراد العطور المركزة أو الزيوت العطرية من عدة بلدان أهمها فرنسا واسبانيا وانجلترا ولأنها من النوعية الأولى يمكن أن تدوم لأكثر من عشر ساعات، موضحا كيفية تركيب هذا العطر بقوله »أولا يختار الزبون القنينة الزجاجية التي يفضل حجمها، لونها بعدها نقوم بتحضير الخليط المكون من الزيت العطري المختار وبالكمية التي يحددها لنضيف إليه نسبة من الكحول المخصصة للتجميل، وأضاف مفسرا »إن وجود نسبته 1 إلى 4 بالمائة من مركز عطر ما تعتبر كولونيا ومن 5 إلى 10 بالمائة تعتبر »أو دي تواليت«، في حين تعتبر أو »دي بارفان« عندما تكون من 10 إلى 20 بالمائة«. أما بالنسبة للعطور الأكثر طلبا من طرف الزبائن فيقول »شانال اف سان لورون- غابانا - فيداليتي « بالإضافة الى العديد من العطور الأخرى، ونعمل على تلبية واحترام اختيارات كل زبون كما نمنح هذا الأخير الحق في تجربة وشم العطر الذي يريده، لكي يكون له مجال أكبر في الاختيار، لكن هذا لا يمنع من إسداء بعض النصائح لهم، كعدم بخ العطر مباشرة على الألبسة، وأيضا رجٌ القارورة قليلا قبل الاستعمال، وهذا لا يمنع أيضا من جلب الزبائن عن طريق بعض الباعة الشباب الذين أضعهم أمام المحل، يحملون قصاصات ورقية مليئة بأجود أنواع الروائح، توزّع على المارّين أمام المحل و بطريقة لبقة، تجعل المار حتّى و إن كان مسرعًا لا يجد حرجًا في التوقّف ولو لدقيقتين للاستفسار عن اسم العطر أو الدخول وإلقاء نظرة على ما هو موجود. مضيفا أن العطور بالتعبئة لها جانب إيجابي لا يمكن إنكاره إذ أصبح الآن بإمكان أي شخص أن يضع عطره المفضل بواحدة من تلك القنينات الزجاجية ذات الأشكال والألوان المميزة وذات الأحجام الصغيرة، لتكون الرفيقة إلى كافة الأماكن مثل العمل، النادي الرياضي، الحفلات، المهم يمكن تعبئتها ووضعها في الحقيبة دون قلق بشأن كسرها أو ضياع الزجاجة العطرية الأصلية والأهم مساعدة مقتنيها على البقاء في انتعاش طوال اليوم. تاريخياً شاع استخدام العطر كوسيلة للتواصل والتودد فقد عمد الكهنة وبغية التقرب أكثر للآلهة في اكتشاف روائح مختلفة عبر حرق أنواع متعددة من أغصان الأشجار والزهور والأعشاب لتفوح العطور من الحضارات القديمة في بابلو مصر إلى العالم، وفي البلاد العربية ارتبطت مهنة العطار بالطب وشاع استخدام الورود وزيوتها في علاج أنواع مختلفة من الأمراض الأمر الذي أدى إلى تطور صناعة العطور عندما اخترع العرب التبخير عن طريق تجارب لإخراج الزيت من الورد. ويرجع أصل كلمة العطر في اللغة اللاتينية إلى الدخان الأبيض الذي كان يتصاعد من حرق القدماء للأغصان الخضراء في حال عدم وجود الأخشاب القاسية حيث جمعت كلمتا »بير« وتعني عبر و» فوم «تعني دخان لتكون معا «بيرفوم« العطر، وكان لانتشار الخرافة في فرنسا التي دفعت الفرنسيين إلى عدم الاغتسال عاملاً أساسياً في زيادة الطلب على العطر وتحوله إلى صناعة فاخرة كغيرها من الصناعات.