عرفت محلات العاصمة في الآونة الأخيرة ميلاد نشاط تجاري جديد يتمثل في تجارة العطور الشرقيةوالغربية، وخصوصا منها العطور الفرنسية ذات الجودة العالمية وتعرف هذه المحلات التي انتشرت في قلب الأسواق ووسط الأحياء ذات الكثافة السكانية إقبالا كبيرا من طرف المواطنين من مختلف الأعمار والوظائف، الذين يقصدونها يوميا لاكتشاف عطر جديد جادت به دار العطر العربية التي دخلت باب المنافسة الشاسع، أو لاقتناء عطرهم المفضل خصوصا أن أسعار البيع مغرية جدا زيادة على الجودة· أول ما يجلب انتباهك عند دخول هذه المحلات هو الكم الهائل من الزجاجات الكبيرة المتربعة على الرفوف والتي تحمل مختلف أنواع الزيوت العطرية من مشتقات الفواكه، أوراق الأشجار، والمسك الحيواني، حيث لم يعد من الصعب إيجاد "زيت النعناع" المنعش أو زيت "الفليو" القوي الذي يستعان به لعلاج آلام الرأس أو التخلص من الرشح، إلى جانب عبير الأزهار البرية والورود وأريج التوابل الشرقية "كالقرنفل"، القرفة، الجوز ورائحة الفواكه كالليمون والبرتقال وعشرات الفواكه ذات الأصل الإستوائي وكذا زيوت العطور المخملية ذات الماركات العالمية التي تستورد من باريس· وغالبا ما يضع البائع بين يدي الزبون "كتالوج" يحمل اسم العطر الأصلي العالمي في عبوته الأصلية حتى يتمكن الشخص من معرفة عطره بسرعة مع الفصل بين العطور النسائية والعطورالرجالية رغم أن العطر النسائي يحتل حصة الأسد من المعروضات لظروف مختلفة أهمها، حرص شركات صناعة العطور على تقديم عطور بنكهات متعددة لخدمة الذوق النسائي· ويزداد الطلب على هذه المحلات أيام العيد وموسم الأعراس كما يقصدها الكثير لاقتناء نوع ما من العطور لتقديمه كهدية خصوصا أنه من حق الزبون اختيار الزجاجة التي يهدي فيها العطر إذ تتراوح أسعار الزجاجات بين 300دج و1500دج، وطبعا كلما كان السعر مرتفعا كانت العبوة أكثر جمالا وجاذبية، رغم أن سعر بعض الزجاجات يفوق 2000دج كونها مصنوعة من قشرة الكريستال، الذي يزيدها تلأ لؤا وجمالا، أما بالنسبة للعطر فيحضر حسب طلب الزبون، فإذا أراد زيتا عطريا خالصا سيضطر لدفع ثمن باهض خصوصا إذا كانت الزجاجة كبيرة أو متوسطة الحجم، حيث يتراوح سعر المتوسطة بين 800دج و1200دج· ولهذا يختار أغلب الزبائن العطر المحضر أي بإضافة "البسراي" للزيت العطري، وهنا يصبح سعر الزجاجة المتوسطة عبوة وعطر 1200دج إلا أن هذا الرقم متحول حسب نوعية الزجاجة والماركة العطرية المختارة، حيث تختلف أسعار العطور حسب الماركات والإشهار، خصوصا أن الفضائيات العربية غدت تتنافس في عرض أشكال وألوان مختلفة للعطور التي تحمل اسم مطربة أو أغنية حققت نجاحا ضاربا وغالبا ما يحتل نجوم الخليج العربي الصدارة في هذه التسميات من جملة العطورالشرقية كما تحمل عطورا أخرى أسماء أماكن يعينها مثل "القدس" وشوارع المدن· كما تتربع "المباخر" التقليدية والآلية أيضا في الرفوف والتي يرافقها العود أوالبخور، وهو نوع عطري مستخرج من شجرة العود وهو باهض الثمن إذ يستحيل أن يقتنيه الشخص البسيط، كما أنه عطر شائع في الخليج ويقدر سعر القطعة الصغيرة منه ب60 أو 80 دولار· ويؤكد محمد بائع عطر بقلب العاصمة أن النساء والفتيات هن أكثر زبائن المحل، حيث يستحيل دخول إحداهن دون اقتناء عطر لذاتها أو لشخص عزيز عليها، خصوصا أنه توجد عبوات صغيرة لا يزيد ثمنها عن 120دج، إذ يمكن أن تستعملها الفتاة لمدة أسبوع كامل زيادة على عطرها النفاذ، وغالبا ما تطلب الزبونة أسماء العطور الجديدة الرائدة، والرائجة في عالم الموضة، حيث أضحى هذا الأمر أساسيا وهاما لديهن·كما تختلف الأذواق يقول محمد فهناك سيدات يطلبن عطورا هادئة باردة وأخريات تطلبن عطورا فواحة وقوية، خصوصا أن العطور مختلفة بين الشتوية والصيفية· من جهتها السيدة أم مهدي وفية للعطور الغربية وعاشقة للماركات العالمية تقول"صراحة لم أجد فرقا كبيرا بين العطر الزيتي والعطر الباريسي ذو الجودة العالمية، خصوصا أن أسعار العطور ذات الماركات العالمية باهضة جدا تتراوح أسعارها بين 5000دج و8000دج وهذا المبلغ لا يناسب أبدا أصحاب الدخل المتوسط أو المرأة العاملة، وأنا شخصيا قد وجدت الحل الوسط كما يقال من خلال شراء الزيوت العطرية للماركات التي أحبها وهي ثلاثة، فالآن أصبح بمقدروي الإستمتاع بعطري المفضل نضير 400دج وهو أمر مشجع على الحفاظ على الأناقة، كما أن العطر هو المرآة العاكسة للمرآة التي تصنعه وهو فاضح لمزاجها ومزاياها، لهذا يجب اختياره بعناية فائقة·