قد تقصد محلا لشراء عطر ذو ماركة عالمية، وترغب قبل شرائه في تجريبه للتأكد من رائحته، إلا أن البائع يرفض أن تفتح القارورة للتعرف على رائحة العطر إذ تكون في هذه الحالة ملزما باقتنائه حتى وإن لم تعجبك الرائحة، بحجة أن هذا العطر باهظ الثمن وأنه لا يملك عينات تجريبية، وعلى خلاف هذا نجد اليوم محلات جديدة انتشرت مؤخرا بشكل ملفت للانتباه في الجزائر، والتي تؤمن لزبائنها استنشاق العطر المراد شراؤه والعمل على الإعداد لهذا الأخير بالكمية التي يرغب فيها، وأمام عينيه وتعد زيوت العطور المركزة، أساس التركيبة وهي زيوت مقلدة للأصلية بنسبة توافق قد تصل إلى 95 حسب بعض البائعين. وبغية التعرف أكثر على خصائص هذه العطور وماهيتها اقتربنا من محل لبيع مثل هذه العطور والواقع ببلكور والذي اختار صاحبه تسميته بعطور البركة، وبمجرد دخولنا إلى المحل سجلنا انتشار تشكيلة مختلفة لروائح مركزة بعضها ذات طابع أوروبي والأخرى تعبر عن أصالح وعراقة العرب من خلال الروائح المركزة للعنبر والعود.. اقتربنا من أحد الموظفين وكان منهمكا بإعداد العطر لواحد من الزبائن، حيث قام أولا بخلط كمية بسيطة من زيت العطر المركز وأضاف له الماء المقطر والكحول، بعدها قام بعملية المزج ليقوم برش العطر على يد الزبون حتى يستنشقه ويدلي برأيه، وبالفعل كان الزبون راضيا كون أن العطر قد أعد بناء على رغبته، فطلب من الموظف أن يعد له الكمية اللازمة، أثارت طريقة الاعداد فضولنا فسألنا عن مصدر هذه المستخلصات ومدى اقترابها من تلك الأصلية، فقال: "تسمى هذ المستخلصات بزيوت العطور المركزة، نقوم باستيرادها من بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا واسبانيا وانجلترا، وهي تقترب من تلك الأصلية إلى حد 95"، وحسب المتحدث فالمستخلصات الأصلية باهضة الثمن، كما أن صاحب المنتج لا يقوم ببيع منتوجه الأصلي كمادة أولية بل يبيعه كمادة جاهزة للاستهلاك أي في شكل عطر نهائي، ودون الكشف عن الوصفة التي أعد منها المستخلص، ولهذا الغرض يتجه الراغبون في إنتاج مثل هذه العطور إلى الحصول على المستخلص الذي تجتهد بعض المصانع في العمل على إنتاج نظيره لتقوم بتسويقه للراغبين في انتاج مثل تلك العطور العالمية. وعلى العموم تباع المستخلصات أو ما يسمى : ب "زيوت العطور المركزة" في قوارير للتجار بحيث يعادل فيها مليلتر الواحد حوالي 30 دج وقد يصل إلى 135 دج لأن المستخلصات تختلف عن بعضها البعض من حيث النوع والثمن، وأغلاها ثمنا هو زيت عطر العود، ويعود انتشار هذه التجارة في الجزائر إلى قيام بعض التجار بزيارة بعض الدول العربية كالسعودية ومكة المكرمة وغيرها من الدول التي تعرف فيها العطارة انتشارا واسعا ومن خلال احتكاكهم بالمتعاملين في هذا النشاط رغبوا في نشرها بالجزائر يقول المتحدث الذي يزاول هذه المهنة منذ ست سنوات . وحتى يتم إعداد العطر يقدم للزبون أولا قائمة تضم أشهر العطور العالمية العربية والأوروبية وبعد اختيار الزبون للعطر يقوم العامل الذي يشترط معرفته الدقيقة للوصفة يخلط زيت العطر المركز مع الماء المقطر، لأن الماء العادي يكون غنيا بالأملاح، التي تعيق الحصول على التركيبة الصحيحة - كما يتم إضافة الكحول لنحصل في آخر المطاف بعد عملية المزج على عطر مشابه إلى حد كبير لذلك الأصلي. زيوت العطور المستخلصة لاتؤثر على الصحة؟ وعن الطريقة التي يمكن من خلالها التمييز بين العطور الشرقية والأوروبية أشار محدثنا إلى التسمية في حد ذاتها، فمثلا هناك عطر بلقيس، وعطر المائدة إلى جانب ذلك فالعطور الشرقية تغلب عليها النكهات القوية لمستخلصات تلك الزيوت: كالمسك والعنبر والعود" وعلى الرغم من أن العطور الشرقية تعبر عن أصالة وعراقة العطارة عند العرب إلا أن العطور الأوروبية هي الأكثر رواجا لا سيما منها الفرنسية والتي تعتبر الرقم واحد في عمليات البيع حسب ذات المصدر، وإذا كانت ماركات العطور تعد من أكثر انشغالات الزبائن وخاصة النساء، فإن الجانب الصحي لا يقل أهمية، وفي هذا الخصوص يؤكد رابح أنه لم يصادف يوما وجود أي مشاكل صحية مع المقتنين لمنتوجهم، ذلك لأنهم يراعون عند شراء الزيوت التأكد من أنها مرفقة بالشهادة التحليلية والتي تعكس مدى صحة المنتج ولكن هذا لا يعني أن هذه العطور صحية مئة بالمائة، بل لديها بعض التأثيرات على الصحة كالحساسية لمن يملكون بشرة حساسة بفعل التأثر بمادة الكحول. ارتفاع ثمن العطر الأصلي وراء كثرة الإقبال على المقلد ورغبة منا في معرفة مدى إقبال الناس على مثل هذه العطور وقفنا عند واحد من هذه المحال فلاحظنا أن هناك من يدفعه الفضول فقط للتعرف على هذه الزيوت وتجريبها، في حين يلجأ البعض الآخر إلى شرائها من منطلق أنها قريبة من الأصلية إلى حد كبير، كذا لعجزهم عن امتلاك العطور الأصلية كونها باهضة الثمن، ومن جهة أخرى أعرب البعض الآخر عن رفضه لهذه العطور ومنهم أمال التي جربت ثلاث أنواع من هذه العطور الا أنها أكدت أن المصنوع منها لا يعطي العطر المطلوب كون الموظف لا يقوم بتنظيف أدوات العمل بين عطر وآخر، مما يؤدي إلى الحصول على عطر يختلف عن المطلوب، ومن جهتها تفضل راضية شراد العطر الأصلي حتى وإن كان باهظ الثمن لأنه يظل الأفضل في نظرها من المقلد الذي تزول رائحته عن الجسد بسرعة.