أكد الخبير الدولي في الطاقة، نيكولا ساركيس، أن تمسك الجزائر باتخاذ سعر البترول كسعر مرجعي لسعر الغاز يعد لصالحها ومن شأنه حمايتها ضد الأخطار التي تحدق بالدول المنتجة للنفط سيما في مجال الاستثمار والعقود الطويلة، كما تحدث عن معطيات ستطرأ على السوق النفطية بعد 30 سنة ما يستدعي تعديل مبدأ المرجعية واستبداله بآليات جديدة تستجيب لواقع السوق وللمصالح المتبادلة. اعتبر الخبير نيكولا ساركيس أن الجزائر بقرار تأميميها للمحروقات بعد تسع سنوات من الاستقلال » حطمت جدار الخوف « وفاتحة الطريق بذلك أمام تصفية كاملة لنظام الامتيازات القديم . وأكد ساركيس في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية عشية الاحتفال بالذكرى ال 42 لتأميم المحروقات أنه بتحطيمها لجدار الخوف هذا غيرت التأميمات الجزائرية سنة 1971 كل المعطيات، حيث فتحت الطريق أمام تصفية كاملة لنظام الامتيازات القديم من خلال التأميمات في ليبيا والعراق وسوريا وكذا السيطرة على الوكلاء ببلدان الخليج العربية. ويرى المدير السابق للمركز العربي للدراسات النفطية ومجلة »بترول وغاز عربيين« أن إجراءات تأميم صناعة المحروقات بالجزائر شكلت »منعرجا حاسما«في تاريخ صناعة النفط والغاز العالمية. وذكر بأن الفشل الكلي تقريبا لتأميم البترول الإيراني زهاء عشرين سنة من قبل وإسقاط الوزير الأول الإيراني محمد موصادغ واغتيال وزيره للشؤون الخارجية حسين فاطمي أرعبت البلدان الحديثة الاستقلال وجعلت كلمة »تأميم« البترول »مرادفا للانتحار السياسي والجسدي«. وأضاف الخبير أن فضل الجزائر »بالغ الأهمية« كونها كانت آنذاك حديثة العهد بين البلدان المصدرة مع استقلال سياسي انتزع سنة 1962 وشركة وطنية سوناطراك كانت في السنة السادسة فقط من نشأتها. ويرى أن هذا الدور الريادي تحملته الجزائر أيضا في مجال رفع دخل البرميل المصدر من خلال رفع الأسعار وتعديل الجباية. ويعتبر ذات الخبير الدولي من جهة أخرى أن الجزائر ستستفيد من قيامها ب»تحكيم« بين ضرورة تصدير ما يكفي من النفط والغاز لتمويل تنميتها وتغطية نفقاتها الجارية من جهة والضرورة الملحة في تمديد قدر المستطاع حياة حقولها وضمان الحاجيات من الاستهلاك للأجيال المقبلة. وأكد أنه »حقيقة يمكن القول أن النفط يعد موردا طبيعيا بات وسيصبح نادرا وثمينا وعليه يكون من الأحسن الحفاظ عليه في باطن الأرض كمصدر احتياط عوض تحويله إلى موارد مالية ينخرها التضخم«، مشيرا إلى أن الخطر »كبير« لأن المحروقات التي كانت تغطي في الجزائر منذ خمسين سنة خلت نحو ثلثي الصادرات أصبحت تمثل اليوم ما لا يقل عن 97 بالمائة«. وتطرق الخبير الدولي في الطاقة إلى اتخاذ الجزائر سعر النفط كسعر مرجعي لسعر الغاز، معتبرا أن هذه المرجعية التي تعتمد عليها الجزائر تعد »ضابطا« ضد الأخطار التي تحدق بالدول المنتجة لا سيما في مجال الاستثمار، حيث يجب تكييف هذا المبدأ مستقبلا من خلال »آلية« تأخذ بعين الاعتبار مصالح البائعين والمقتنين.وأوضح ساركيس أن »الإبقاء على هذه المرجعية يعتبر في صالح الجزائر لا سيما في إطار العقود طويلة المدى ولأنه لا يمكن تفاديها ما دام النفط أهم مصدر للطاقة وهي تعتبر أيضا ضابطا يحمي ضد الأخطار التي تحدق بالدول المنتجة والتي تقوم باستثمارات هائلة على صعيد الاستكشاف والنقل والتمييع«. كما أشار إلى تطور الأمور مؤكدا أنه بعد 30 سنة ستكون حصة الغاز متساوية مع حصة النفط أي 30بالمئة من مجموع الإنتاج في الطاقات الأولية قبل أن تتجاوز حصة النفط لتصبح أهم مصدر للطاقة. وقال في هذا الصدد »في انتظار ذلك يجب تعديل مبدأ المرجعية واستبداله بآليات جديدة تستجيب لواقع السوق وللمصالح المتبادلة للبائعين والمشترين معا«.