ما تزال الذكريات تراود مخيلة المجاهد محمد شريف ولد الحسين، مثله مثل أولئك الآباء الأبطال الذين حملوا السلاح وحاربوا الاستعمار الفرنسي بكل ما أوتوا من قوة من أجل استقلال الجزائر، كانوا مجاهدين وأبطالا بواسل في جبال هذه الأرض الطاهرة التي سقيت بدماء مليون ونصف مليون شهيد، ضحوا بكل ما يملكون فمنم من استشهد ومن منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. واحد وخمسون سنة مرت على الذكرى التي خلّدت وقف إطلاق النار وأرّخت لاستقلال الجزائر، حيث ظل وسيبقى تاريخ 19 مارس 1962 منقوشا بأحرف من ذهب في ذاكرة ووجدان الشعب الجزائري، ومن قلب المعركة كما أراد أن يسمي المجاهد ولد الحسين أحد مؤلفاته التي دونها حول تاريخ الثورة الجزائرية، تنبعث شهادات وشهادات، بهذه المناسبة أحيت بلدية أولاد فايت وبالتعاون مع جمعية بلا حدود لترقية الشباب، الذكرى وأي ذكرى للجزائر، وكانت المبادرة باستضافة كوكبة من المجاهدين الذين تفضلوا بتقديم بعض الشهادات، ليتم تكريمهم وتكريم عائلات الشهداء وأراملهم. ولد الحسين أبى إلا أن يقدم بعض الشهادات، عندما قال، لن أنسى أبدا، بل سيبقى راسخا في الذاكرة الجماعية، ذلك الاستقبال الحار والمعزز لنفوسنا الذي كان يخصنا به السكان المدنيون بتأمين تغذيتنا وإيوائنا عقب معاركنا ومسارنا الطويل والشاق في طريق عودتنا، حيث نستغرق في كثير المرات أكثر من عشر ساعات، أريد الآن أن أكتب الأحرف التي لم يكن بمقدوري تسجيلها في الأوقات الصعبة، هي كلمات لأبنائنا الشباب، أبناء هذا الشعب الغالي كي لا ينسوا أبدا شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم في المعترك ضد الجيش الفرنسي، الذي لم يتردد في تطبيق سياسة الأرض المحروقة. وقد ركز ولد الحسين في شهادته على وحشية الاستعمار الفرنسي الذي كان ينتقم من المدنيين بعد كل عملية فدائية يقوم بها المجاهدون أو أي هجوم يشن ضده، مشيرا إلى ما حدث في دوار سيدي يحيي، في إحدى الهجمات التي شنها جيش التحرير الوطني، على الساعة الثامنة ليلا، في الغد لم تخرج جيوش فرنسا وانتظرت يومين لتشن غاراتها بالطائرات وكالعادة فإن المدنيين هم من يدفعون الثمن. بدوره المجاهد دالي عبد الحميد، قال، إنه منذ سن السادسة عشر كان يوزع جريدة ممنوعة من طرف الاستعمار الفرنسي وهذا في بداية الخمسينات، وهذا ما جعله في سنة 1954 يلتحق بطريقة تلقائية بجبهة التحرير الوطني وكان ينتمي إل مجموعة أوكلت لها مهمة القيام بعديد من العمليات الفدائية بالبويرة. مباشرة بعد ذلك تم تكريم عدد من المجاهدين وفي مقدمتهم المجاهد محمد الشريف ولد الحسين، المجاهد دالي عبد الحميد، أرملة المجاهد قاسمي، بن عالية حجيلة، زهيرة مجوش وغيرهم من الوجوه التي طبعت تاريخ الجزائر المجيد، لتمرر الكلمة إلى الإمام الملياني، الذي اعتبر تصريحات هؤلاء الآباء شهادة حية لمعارك قادها هؤلاء الكبار عندما كانوا في زهرة الشباب وخرجوا في سبيل الله، كانت ثورة شعارها الله أكبر وكلمة سرها عقبة بن نافع وخالد بن الوليد ومن يحمل السلاح فهو مجاهد ومن يقتل فهو شهيد.