يرتقب أن تعيش العائلات الجزائرية دخولا اجتماعيا صعبا هذا العام بالنظر إلى كونه يتزامن مع ثلاث مناسبات هامة كلها تتطلب تكاليف مادية معتبرة وهي الدخول المدرسي المنتظر في 13 سبتمبر، وعيد الفطر المبارك ناهيك عن شهر رمضان المعظم الذي أصبح مطبوعا كل سنة بارتفاع أسعار مختلف الخضر والفواكه، ويزيد من صعوبة هذا الدخول الاجتماعي تدهور القدرة الشرائية للمواطنين واستغلال التجار لمثل هذه المواسم. لا تزال القدرة الشرائية أهم انشغالات معظم الجزائريين باعتبار أن الأجور المعتمدة لا تُلبي الاحتياجات التي تتطلبها الأسر، ورغم الإعانات والمساعدات التي تُقدمها الدولة للعائلات الفقيرة جدا خلال بعض المواسم إلا أن ذلك لا يُمثل شيئا مقارنة بحقيقة الواقع المعيش الذي أصبح يزداد صعوبة من سنة لأخرى بالرغم من الموارد المالية الهامة التي دخلت الخزينة العمومية، وإذا كانت العائلات تُعاني على مدار السنة من تراجع القدرة الشرائية فإن هذه المعاناة تكون أكثر حدة خلال المواسم الدينية أو الرسمية باعتبار هذه الأخيرة تتطلب تكاليف مالية أكثر. ومن هذا المنطلق، يُنتظر أن يكون الدخول الاجتماعي هذا العام أكثر حدة من سابقه باعتباره يتزامن مع الدخول المدرسي الذي أصبح لوحده يُنهك جيوب العائلات الجزائرية في ظل غلاء أسعار مختلف الأدوات المدرسية، إضافة إلى التكاليف التي يفرضها عيد الفطر وشهر رمضان المعظم سيما مع لجوء جل التجار إلى استغلال هذه المناسبات في رفع الأسعار وحتى التخلص من المنتوجات غير المُطابقة للمقاييس القانونية، ومن المنطقي طبعا أن يكون اجتماع ثلاث مناسبات في ظرف واحد صعبا على أي عائلة، لكن الشيء المُؤسف والذي زاد الطين بلة، هو أن ذلك يأتي موازاة مع التدهور المستمر للقدرة الشرائية خلال السنوات الأخيرة بالرغم من الزيادات المُسجلة في الأجور والتي لم تكن لها الأثر الإيجابي، كونها تزامنت مع ارتفاع جل أسعار المواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية. وبعملية حسابية بسيطة واستنادا إلى التصريحات الرسمية التي تتحدث عن1 مليون و200 ألف عائلة معوزة ستشملها إعانات الدولة خلال شهر رمضان المعظم، نجد أن هذا العدد سيرتفع إلى أكثر من 7 ملايين جزائري معوز إذا ما اعتمدنا على كون متوسط عدد أفراد العائلة الجزائرية يتراوح بين 5 و7 أفراد، علما أن الرقم الذي تقدمت به وزارة التضامن الوطني والأسرة يشمل ما يعادل 150 ألف حامل لبطاقة معوز و750 ألف مدمج ضمن الشبكة الاجتماعية و150 ألف معوق مئة بالمئة، ولم تُشر التصريحات الرسمية إلى العائلات الأخرى التي لا تدخل ضمن هذه الفئات لكنها تعاني من الفقر، من ذلك الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الظفر بمنصب ضمن الشبكة الاجتماعية أو الذين يتقاضون أجرا غير كافي لسد حتى احتياجاته الضرورية. أمام هذه المعطيات، تعمدت الحكومة تأجيل لقاء الثلاثية الذي كان من الممكن عقده قبل فصل الصيف الجاري وتمكين العمال من الزيادات التي سيتم إقرارها سواء تعلق الأمر برفع الأجر الأدنى المضمون الذي لا يُستبعد أن ينتقل حسب أعضاء قياديين بالاتحاد العام للعمال الجزائريين من 12 ألف دج إلى 15 ألف دج، أو بملف الأنظمة التعويضية التي ستُمكن بدورها الآلاف من عمال قطاع الوظيف العمومي من تحسين أجورهم ولو بشكل طفيف سيما أولئك الذين لم يستفيدوا من زيادات هامة أثناء إصدار الشبكة الجديدة للأجور. ويتطلع جل العمال إلى هذا اللقاء الذي لم يتحدد بعد تاريخ عقده، آملين أن يسهم في إيقاف التدهور الذي تشهده القدرة الشرائية وذلك عبر عدم الاكتفاء بملف الأجور بل اللجوء إلى اتخاذ قرارات جديدة تخص عملية دعم معيشة المواطنين، وهو ما تعكف حاليا المركزية النقابية على التحضير له وجعله من المطالب الأساسية عبر رفع مقترحاتها في هذا المجال ضمن ما أسمته بوثيقة القدرة الشرائية المرتقب رفعها على طاولة الحكومة خلال اللقاء المذكور.