الدخول المدرسي، شهر رمضان وعيد الفطر، ثلاثية صعبة على ذوي الدخل المحدود، فتزامن هذه المناسبات الثلاث مع بعضها البعض، جعل بعض العائلات في حيرة من أمرها، كون أن المصاريف كثيرة في شهر رمضان، والدخول المدرسي أيضا لديه نصيبه من الميزانية التي تثقل كاهل الآباء و الأمهات، ليحل عيد الفطر الذي لا تفوته العائلات الجزائرية للاحتفال به كما اعتادت كل عام، هذه المعادلة الصعبة يحاول البعض فكها بالإمكانيات المتوفرة لديهم، فالعديد منهم هذه السنة حرموا أنفسهم من عدة أشياء كانت تعتبر ضرورية بالنسبة لهم في السابق. كثرة المصاريف والغلاء الذي تعرفه بعض المواد الاستهلاكية، يزيد من عناء العائلات، خاصة التي لديها أطفال متمدرسون، حيث تكثر طلباتهم من أدوات مدرسية، كتب، مآزر و ملابس جديدة للدخول المدرسي الجديد، تضاف إلى ذلك المصاريف غير المنتهية في شهر رمضان، والاستعداد لعيد الفطر الذي له مكانة خاصة عند الجزائريين، والتي تفرض تحضير الحلويات المختلفة وشراء لباس العيد للأطفال وحتى للكبار، فكل هذا يتطلب من العائلات أن تصرف الكثير حتى تلبي كل هذه المتطلبات، في الوقت الذي لا يتمكن العديد من تحقيق ذلك، وبالتالي فإنها تجد نفسها مرغمة على الاقتراض وأخرى تنتظر ذوي البر و الإحسان من أجل مواجهة كل هذه الطلبات، لأن هناك عائلات كثيرة تنتظر العمليات التضامنية في شهر رمضان، سواء فيما يخص الغذاء أو الأدوات المدرسية. تزامن هذه المناسبات الثلاث أحدث عجزا ماديا لدى بعض العائلات، مثل عائلة السيد (عبد الله. ب) الذي وجدناه محتارا يفكر أمام أحد المحلات الخاصة بالألبسة، و لما طرحنا عليه السؤال حول هذه الثلاثية، سكت لمهلة ثم قال : " هذا العام نحن في مأزق فعلا، فالدخول المدرسي من جهة و عيد الفطر على الأبواب وهذا يتطلب مصاريف كثيرة، ناهيك عن شهر الصيام الذي لم ينته بعد، شخصيا لا أدري من أين أبدأ وماذا افعل؟". عائلات دون خيار... وبالمقابل، تحاول بعض العائلات إيجاد الحلول المناسبة لتجنب الضائقة المالية، حيث تكتفي بشراء منتوجات رخيصة الثمن، وتقصد الأسواق المختلفة المعروفة بانخفاض الأسعار، حتى وإن لم تكن سلعها ذات جودة، فالبعض يقصد محلات بيع الألبسة المستعملة "الشيفون" لكسوة الأبناء خلال العيد والدخول المدرسي أيضا.. في حين تجبر أخرى على شراء لباس واحد خاص بالدخول المدرسي ليكون اللباس الخاص بالعيد كذلك.. تقول السيدة (نصيرة. ن ): "هذا العام ليس كالأعوام الماضية، ففي ظل الغلاء الذي طال كل المواد وحتى الأدوات المدرسية، ما علينا سوى تكييف ميزانيتنا حسب ذلك، فبالنسبة لي ليس لدي الخيار، إذ لدي أربعة أبناء وعلي كسوتهم وشراء الأدوات المدرسية لهم وقد خيرتهم بين شراء اللباس الخاص بالدخول المدرسي أو الخاص بعيد الفطر، وقد اختاروا عيد الفطر الذي تكثر مصاريفه أيضا، فالأدوات المدرسية وحدها كلفتني الكثير، لأن أسعارها مرتفعة جدا". عائلات أخرى لم تجد سوى "الشيفون" مثلما هو الحال بالنسبة لإحدى السيدات، التي جالت مختلف المحلات من أجل شراء ملابس لأبنائها، إلا أنها وجدت نفسها مرغمة على التوجه إلى محلات "الشيفون" من أجل اختيار بعض الألبسة السليمة.. ولما طرحنا عليها السؤال، هل أن أبناءها سيقبلون بهذا اللباس؟ أجابت وعيناها تذرفان الدموع : " ليس أمامي أي حل آخر، فأنا أشتغل ولا يتجاوز أجري 12ألف دينار ، سأغسل هذه الألبسة وأجعلها تبدو جديدة". ... وأخرى تلجأ إلى الاقتراض إن المصاريف الكثيرة التي تجد معظم العائلات الجزائرية نفسها مرغمة على تدبيرها لتجاوز هذه الثلاثية، جعلت البعض منها يلجأ إلى الاقتراض كما هو الحال مع السيد ( عمر. ن)، رب عائلة، الذي أكد أنه اقترض من أجل تدبير نفقات شهر رمضان وهو الآن مجبر على الاقتراض مجددا من أجل الأدوات المدرسية لتأمين حاجيات أبنائه الخمسة من أدوات وملابس. معتبرا أن هذه الوضعية معقدة بالنسبة له، قائلا : " يبدو أنني سأبقى مدانا على الدوام ". فحسب بعض العائلات فإن القرض الذي خصصته من قبل بعض البنوك من أجل الاستهلاك، كان يساعد كثيرا على اقتناء بعض المستلزمات. ثلاثية رمضان، العيد والدخول المدرسي الصعبة على معظم العائلات، جعلت العديد منها تترقب ما ستقدمه بعض الجمعيات الخيرية ووزارة التضامن من مساعدات، وبالتالي فالعديد لا يستغنون عن قفة رمضان وينتظرون ما سيوزع عليهم من أدوات مدرسية ومآزر من أجل الدخول المدرسي، حيث أن العمليات التضامنية تعد متنفسا لبعض العائلات المحتاجة. وبهذا. فإن الكثير من العائلات الجزائرية خلال هذا الشهر، وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، بسبب هذه الثلاثية التي تستنزف الجيوب وتؤرق نفوس من لا يجدون حلولا سريعة لكل هذه الطلبات التي جاءت دفعة واحدة.