رئيس الجمهورية يشرف على إحتفائية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة    تربية: انطلاق عملية تحضير مواضيع امتحان شهادة البكالوريا دورة 2024    السيد العرباوي يحل ببانجول للمشاركة في أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي    الجزائر تقيم علاقات مع البهاما    معرض للمنتجات الجزائرية بنواكشوط    صالون دولي للسيارات بقسنطينة    تمثيلية جبهة البوليساريو بإيطاليا تنظم يوما تكوينيا لمرافقي الأطفال الصحراويين خلال الصيف    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    تصفيات كأس العالم 2026 : ملعب "نيلسون مانديلا" سيحتضن مباراة الجزائر وغينيا    استقبال الجرحى في الجزائر: سفير دولة فلسطين يثمن موقف دولة الجزائر المساند للفلسطينيين    الولايات المتحدة: الاحتجاجات الطلابية تمس أكثر من 120 جامعة أمريكية و ما يفوق 2000 معتقل    والي برج بوعريريج: عيد الشغل مناسبة مميزة بعد المكاسب الكبرى التي حققها الاقتصاد الوطني    مباريات مولودية الجزائر-شباب قسنطينة: رفع الحظر عن تنقل أنصار الفريقين    بطولة إفريقيا المفتوحة أنغولا-2024 للسباحة: الجزائر تفتك خمس ميداليات جديدة منها ذهبية واحدة    آدم وناس يرد على قرار نادي ليل الصادم    بن طالب ينافس أوباميانغ على جائزة أفضل لاعب أفريقي في فرنسا    الجائزة الكبرى لمدينة وهران للدراجات: فوز نهاري محمد أمين بالمرحلة الثانية    أم البواقي : تنظيم ملتقى وطني جامعة العربي بن مهيدي    الحماية المدنية: تمرين محاكاة لزلازل بالبويرة بمشاركة 4000 عون    خلال نهاية السنة الجارية : تسطير برامج فعالة لإعادة التنمية للمناطق المحرومة في عنابة    حجز أزيد من 6 كلغ من المخدرات بعنابة    قسنطينة: وفاة طفل غرقا في بركة مائية ببني حميدان    عطاف يجري بكوبنهاغن محادثات ثنائية مع عدد من نظرائه    وزير الاتصال يشرف على إطلاق إسمي صحفيين سابقين على قاعتي الندوات لملعبي نيسلون مانديلا و 5 جويلية    دراجات/ طواف البنين الدولي: الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة الرابعة    النفط يتأرجح بين توقعات أوبك+ ومخاوف بشأن بالاقتصاد الأميركي    الأمم المتحدة : إعادة إعمار غزة تتطلب أكثر من 40 مليار دولار    الايطالي جيانلوكا كوستانتيني.. فلسطين في التظاهرات الطلّابية    الاهتمام بالتكوين ضروري لتحسين أداء الأفواج الكشفية    الاتحاد الأوروبي سيمول 7 مشاريع للطاقة عبر "بنك الهيدروجين"    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي : الجائزة الكبرى "الغزالة الذهبية" من نصيب الفيلم الاسباني "ماتريا"    دعا لها مشاركون بندوة علمية بسطيف.. ضرورة بناء وتكوين قدرات فعالة في إدارة المخاطر محافظة على الموروث الثقافي    القضاء على إرهابي والقبض على عنصري دعم للإرهابيين ببرج باجي مختار    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية    أولمبياد باريس 2024 : اللجنة الأولمبية تعين برباري رئيسا للوفد الجزائري في الأولمبياد بباريس    البرلمان العربي: الصحافة العربية لها دور ريادي في كشف جرائم الاحتلال الصهيوني في فلسطين    رئيس الجمهورية يبرز أهم مكاسب الاقتصاد الوطني ويجدد تمسكه بالطابع الاجتماعي للدولة    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال الصهيوني استهدف منزلا برفح    تيارت..هلاك ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين في حادث مرور    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    لعقاب يدعو إلى تعزيز الإعلام الثقافي ويكشف: نحو تنظيم دورات تكوينية لصحفيي الأقسام الثقافية    وفاة 8 أشخاص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون خلال شهر أبريل الماضي    قسنطينة..صالون دولي للسيارات والابتكار من 23 إلى 26 مايو    الفنانة حسنة البشارية أيقونة موسيقى الديوان    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    "تحيا فلسطينا": كتاب جديد للتضامن مع الشعب الفلسطيني    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    44ألف شهيد في العدوان الصهيوني على غزة    انبهار بجمال قسنطينة ورغبة في تطوير المبادلات    بولبينة يثني على السعي لاسترجاع تراثنا المادي المنهوب    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيروت..حكاية عشق لا تنتهي
»باريس الشرق« تنبض بالحياة من جديد
نشر في صوت الأحرار يوم 26 - 04 - 2013

»يا ميناء الحبايب.. يا بيروت.. يا شط اللي دايب.. يا بيروت ..يا نجمه بحرية عم تتمرجح عا لمية ..
يا زهرة الياقوت.. يا بيروت..« حكاية عشق أصيل جمعت فيروز الطّرب مع حبّ الوطن الأمّ، كلمات معبّرة صدح بها صوتها الحزين لنكبات مرّ بها بلاد الأرز، هي 23 سنة تمرّ على انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، التي عايشتها ما بين سنوات ,1990/1975 أنا التي لم يسبق لي وأن زرت البلد، ارتبط في ذهني بتلك الصراعات الداخلية، الإقليمية والدولية التي شهدتها ربوعه، لتطأها قدماي اليوم وهي تعيش تعزيزا سلميا أهليا، غيّر الصورة وجعلني أقف عند تاريخ وأصالة يحكيها كلّ شبر من لبنان الشقيقة.
هي بيروت التي ألهمت فكر الشعراء، وتغنى بها كبار المطربين، وأسالت حبر الكثير من الاعلاميين والكتّاب..هي بيروت التي قامت من تحت الرّدم، وهي ثلاث ساعات ونصف الساعة، قضيتها جوّا رفقة الوفد الاعلامي الجزائري وصولا إليها، انطلاقا من مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية إلى مطار رفيق الحريري الدولي بالضاحية الجنوبية لبيروت، بدعوة من أكاديمية MSD للإعلاميين..
بيروت، شرقا، غربا وضاحية.. التي زرتها اليوم طوت سجلّ العدوان، الدّمار، الحصار والدّماء، ولا حديث سوى نحو الأفق وبناء مستقبل واعد، عن إعادة الإعمار وتواصل العمل بالمشاريع الإنمائية، هكذا كان يردّد جلّ من تحدّثنا إليهم من ساكنيها، بدءا من سائق الحافلة الذي أعطى العنان للراديو، فكانت لحظات جدّ معبّرة، ونحن نختصر مسافة 9 كم تقريبا، ما بين المطار وفندق أرجان من روتانا، الكائن بمنطقة الروشة، بقلب مدينة بيروت، على وقع أغاني فيروز.
من جنوب بيروت والتي تضمّ مناطق: الشياح، الغبيري، المشرفية، برج البراجنة، حارة حريك، بئر العبد، حي السلم، حي فرحات، حي الليلكي والأوزاعي، إلى أقصى نقطة غربية بها، حيث الإطلالة على البحر الأبيض المتوسّط، بدأت رحلتنا في قراءة معالم المدينة السّاحرة، و »سويسرا العرب«، أو »باريس الشرق« كما يطلق عليها، ممزوجة بأجواء منطقة »الروشة« المفعمة بالنشاط والحيوية، والبداية كانت بطلّة على صخرتي »الروشة« عن قرب، معلم سياحي لبناني عبارة عن صخرتين كبيريتين قريبتين من شاطئ منطقة الروشة في بحر بيروت الغربي، حيث استمتعنا بشمّ نسيم البحر، أمام صخرة تسمّى محليا بصخرة »الحب«.
الكنيسة تجانب المسجد
أثناء تواجدنا بالمدينة، لم نجد أية صعوبة في التعامل مع البيروتيون، باختلاف دياناتهم، سواء أكانوا مسلمين ومسيحيين، ينتمون لطوائف السنّة، الشيعة، الدروز، الموارنة، الروم الأرثوذكس، الروم الكاثوليك، الأرمن الأرثوذكس، الأرمن الكاثوليك أو البروتستانت، هناك حيث شيّد المسجد جنبا بجنب مع الكنيسة، فكان أن سمعنا أثناء جلوسنا بساحة الشهداء بوسط بيروت، صوت آذان مسجد الأمين، وإلى جانبه أصوات أجراس الكنائس القريبة منه، بمدينة شهدت منبث العلامة
عبد الرحمن الحوت، مؤلف في مختلف العلوم الدينية الإسلامية، الذي مارس عدّة مشاريع خيرية، أبرزها ترميم غالبية جوامع ومساجد وزوايا بيروت، وأنشأ عدّة مدارس إسلامية، وجورج أبيض، من الروّاد الأوائل للمسرح العربي.
كانت لحظات مريحة، ونحن نعيش تعايش البيروتيون فيما بينهم، على اختلاف دياناتهم وطوائفهم، بمحاذاة مسجد الأمين، المعروف بمآذنه الأربع وقبّته المطلية بالأزرق، والذي شيّده »رفيق الحريري« رئيس وزراء لبنان السابق، بطراز عمراني عثماني، على مساحة تفوق 10 آلاف متر مربع.
قف! فأنت في شارع الحمرا
على بعد بضع مئات الأمتار، سيرا على الأقدام وصلنا شارع الحمرا، الحي الرئيسي لبيروت القديمة، والذي لا يمكن لأي زائر للمدينة دون أن يحطّ الرحال به، نظرا لخصوصيته الثقافية، السياسية والفكرية، وعلى اعتبار أنه من أكثر المناطق اللبنانية والبيروتية استقطابا للسيّاح، نظرا لاحتوائه مظاهر وعمران تعكس أحوال المجتمع اللبناني الراهنة، ناهيك عن متاجر ومطاعم راقية، وأنشطة للترفيه والتسوّق، مسارح ومكتبات، مراكز تجارية معولمة...
عرض الأرصفة لم يشعرنا بتاتا بالاختناق المروري في السير في الكثير من نواحي الوسط، نظرا للازدحام الكبير ووجود مباني حكومية يحظر على غير المشاة المرور بها، وحيث لا تزال العديد من مرافقه ومبانيه قيد الإنشاء والتجهيز، وقفنا على طيّ البلد تدريجيا سنوات الدّمار وبانتهاجه سياسة التّعمير من جديد..
الحركة.. بل هي الحياة دبّت من جديد في شارع الحمرا، حيث تنتشر مصارف العملة الأجنبية، وكانت مقاهي »الرصيف«، فرصة لتبادل أطراف الحديث بنكهة ارتشاف قهوة بلدية لذيذة، وقراءة جريدة قد تحمل أخبارا سارّة، أما الإفطار فله موعد مع أحد أشهر المطاعم اليابانية، الأرمينية، الفرنسية، الايطالية وغيرها المنتشرة بالشارع الرئيسي وبقية متفرّعاته الدّاخلية، والتي باتت اليوم تنافس مطاعم »الفلافل«، في إطار تبادل الثقافات، زيارتنا لشارع الحمرا أشعرنا بعراقته، وأنّه وجد لاستقبال جميع الجناس واحتضان جميع الطبقات الاجتماعية.
تستقطب نصف مليون زائر سنويا مغارة »جعيتا« تحفة فنية نحتتها الطبيعة
هروبا من ضوضاء المدينة إلى حيث السكون، وعلى بعد 20 كم شمال بيروت، وحيث كان السيّاح يتوافدون على مغارة »جعيتا«، أعجوبة الطبيعة التي مكّنت لبنان من الفوز بعدّة جوائز، أهمّها جائزة القمّة السياحية سنة ,2002 باختيارها من بين 27 مشروعا سياحيا عالميا، جاء دورنا لولوج لؤلؤة السياحة اللبنانية، ضمن الوفد الإعلامي بمرافقة المرشدة السياحية »إليسار بعلبكي«، محطّة تعدّ جدّ هامّة لزائري لبنان، افتتحت عام 58 من القرن الماضي، وتقع في حضن »وادي الكلب« التاريخي، هي مؤلّفة من طابقين، سفلي مائي وعلوي جاف، تعدّ جوهرة السياحة العالمية، حيث يزورها سنويا حسب المرشدة نصف مليون زائر.
هي 150,18 ليرة لبنانية، أي 12 دولار لكل واحد منّا، تكرّمت بدفعها شركة »MSD« لفائدة خمسين صحفيا مشاركا في الدورة التكوينية، والبداية كانت بركوب »التلفريك« الثمانية نحو المغارة العليا، وانطلاقا من القلعة الجافّة، عبرنا نفقا بطول 120 مترا، وصولا إلى عالم ساحر من الجمال، أنزلنا 106 مترا تحت الأرض، ولم نجد حينها سوى ترديد »سبحان الله في فيما أبدع«، »إنّ في خلقه لشؤون«.
حيث كان الهدوء سيّد الموقف، وتحت حرارة ثابتة في ال 22 درجة مئوية، على مدار السنة، مشينا عبر جنبات المغارة، التي كانت تحوي صخورا كلسية بألوان مختلفة، عالم من الأقبية والأغوار المرتفعة، تكوينات اتّخذت شكل فطريات وشموع، صاعدة وأخرى نازلة، تجاويف وشعاب وغيرها من الأشكال المبهرة، تعلوها مصابيح، وضعت حسب المرشدة خصيصا لضمان البيئة الطبيعية للمغارة، ذات نظام ابكولوجي دقيق التوازن، لتبقى صخورها سليمة وخالية من أي شوائب، قد تؤثّر على تماسكها أو يغيّر من ألوانها.
وبعد أن قام بعض مرافقينا برمي دنانير بشبه بركة، تحويها المغارة، يقال أنّ من يفعل ذلك تحقّق أمنياته، حيث كانت مخزّنة بالأموال من كافة العملات، تنقلنا بواسطة القطار إلى المغارة السفلى والتي اكتشفت عام 1836م، ويفصلها حوالي 60 مترا عن المغارة العليا الجافّة، فكانت بحق من أجمل ما رأت أعيننا، حيث استقلينا قوارب صغيرة لعبور النهر الجوفي، لنستمتع بمناظر مشابهة، تحت درجة حرارة المغارة البالغة على مدار السنة 16 درجة مئوية، فرصة جعلتنا نرتشف قليلا من مائها، لنكون من بين 800 ألف شخص يشربون من مائها يوميا.
»جبيل« نموذج للتعايش الإسلامي المسيحي
على بعد 37 كيلومتر إلى الشمال من بيروت، نزلنا مدينة جبيل التاريخية، الواقعة بمحافظة جبل لبنان، أين كنّا على موعد مع زرقة مياه شاطئ ميناء جبيل، أو المرفأ الفينيقي لبيبلوس كما تسمّى أيضا، كانت الحفريات والمواقع الأثرية العديدة التي تحويها، تحيل إلى أنها من أقدم المدن في العالم، على غرار مرفأ جبيل وأبراجه، السوق القديم،معبد الأنصاب، المدافن الملكية، المسرح الروماني، بقايا بواية المدينة وأسوارها، القلعات البحرية، الصليبية والفارسية.
المدينة كانت بحقّ نموذجا للتعايش الإسلامي المسيحي، حيث يسكنه غالبية مسيحية وأقلية مسلمة، كما يشكّل الموارنة الثقل الأكبر عدديا، نجد المسيحيين يتوافدون على كنائس المدينة، وبالمقابل يتّجه المسلمون إلى المساجد، هذه الخيرة كانت متلاصقة مع الكنائس، فكم كان منظرا جميلا أن تطلب منّا عجوزا، كانت تحمل علية حديدية، ونحن نلقي نظرة على كنيسة »سيدة الأم الفقيرة« التصدّق ببعض الدنانير، لفائدة الأطفال المحتاجين، مؤكّدة بأن مسلمي المنطقة من أكثر المتبرّعين.
فكان أن اختلط صوت آذان مسجد السلطان عبد المجيد، معلم أثري بالمنطقة، شيد في العهد الأيوبي على أنقاض مسجد بني في عهد الخلفاء الراشدين، وأعيد ترميمه في عهد العثمانيين، بأجراس كنائس سيدة النجاة، القديس يوحنا مرقس، مارتقلا وغيرها، فكان التناغم بين مئذنة المسجد مثمنة الشكل والتي تنتهي بقبة صغيرة بيضوية يعلوها الهلال، وبين الصليب الذي كان يعلوا الكنائس.
مدينة جبيل تحوي أيضا عديد المتاحف التاريخية، على غرار متحف المتحجّرات بسوق جبيل، متحف الشّمع، متحف لويس قرداحي، متحف ذاكرة الزمن ومتحف منطقة جبيل...وغيرها.
تذكارات من السوق العتيق
السوق القديم لمدينة جبيل، مكان أثري كانت لنا جولة بين جنباته، شعرنا ونحن نلجه أننا نعيش فصول مسلسل »باب الحارة« والمسلسل الجزائري »جحا«، وحتى أسطورة »علي بابا«، بدكاكينه ذات الأبواب الخشبية، التي تتراص يمينا ويسارا على طول طريقه، والتي تناسقت والمكان الأثري، على اعتبار أنه جزء من قلعة جبيل، ومعروضاته التي شملت ملابس تقليدية على غرار الطرابيش النسائية الطويلة، والملابس الفلكلورية بألوان مختلفة، أواني تقليدية، وتذكارات مختلفة، قنينات وفوانيس يدوية، وحتى عقاقير عبّأت بداخل أكياس صنعت من مادّة »الرخيشة«، كانت قبلة السيّاح لاقتنائها.
وبعد أن التقطنا صورا تذكارية بالسوق الهادئ والجميل لقربه من الميناء، ودّعناه على أمل العودة إليه يوما ما، على وقع امتزاج رائحة البخور، برائحة المأكولات التقليدية المنبعثة من دكاكين بيعها، على غرار عجائن »مناقيش الزّعتر«، التي كانت تملأ الأرجاء، إلى جانب فطائر الجينة اللذيذة.
صنّفته »اليونسكو« من الأماكن الأثرية في العالم
متحف »بيبي عبيد«..حكاية عشق توارثتها الأجيال
كنا على موعد لتناول وجبة الغذاء بأفخم مطعم في لبنان، مطعم »بيبي عبيد« أو كما يسمّى »مطعم الرؤساء والمشاهير«، فرصة ثمينة لزيارة المتحف الذي يتواجد بغرف محاذية له، أوّل ما صادفنا ونحن ندخل المبنى الذي شيّد قبل أكثر من 800 عام، لوحة حجرية تؤرّخ لمنح »بيبي عبيد« درع منظّمة »اليونسكو« عام ,1997 تقديرا للتحف المميّزة التي جمعها جدّ العائلة الأكبر بنفسه، كما تحوي أسفلها لوحة مماثلة، تشير إلى تقليده من قبل الحكومة المكسيكية بلقب »ممثّل المكسيك للسياحة في الشرق الأوسط«.
مباشرة عند دخول المطعم يصادفك حائط، يحمل صور رؤساء، سفراء، ملكات جمال، مشاهير وغيرهم ممّن زاروا المكان وتناولوا وجباته الشّهيرة، على اعتبار أنه أقدم مطعم في منطقة »جبيل«، بغرفة مجاورة للمطعم المطلّ على ميناء جبيل، نصّبت منصّة تحوي دروعا، شهادات وميداليات سلّمت ل »جوزيه« المالك الأصلي له، منها وسام »ضابط« منح له من طرف العماد إميل لحود، رئيس الجمهورية السابق.
هي تحف فنية تعود لسنوات بعيدة، منها من جمعها قبل 5000 سنة، شملت تماثيل أثرية، تحف نادرة، حلي ومصوغات فارسية، إغريقية وفينيقية، وبعض الآثار التي استخرجها من قاع البحر أثناء الرحلات الاستكشافية التي كان يقودها، لتكون القبّعة البيضاء للرجل، محفوظة بداخل مربّع زجاجي، محطّة عادت بنا إلى زمن يعدّ في حدّ ذاته، تاريخا يؤرّخ للبنان، عبّرت عنه صور عن رحلات المستكشف.
في ضيافة لبنان أكلات شعبية.. لكل نكهة قصة
هناك عند نهاية كورنيش المنارة البحري لجهة الشرق في العاصمة اللبنانية، كان الوفد الإعلامي على موعد مع زيارة مطعم »لابلاج«بطرازه المعماري التراثي، وقهوة» الدروندي« الزجاجية، الشهيرين ببيروت، هو عبارة عن مبنى قديم، يغطّيه القرميد، يحوي قناطر تراثية، شبيهة بتلك التي تزيّن القصور، تدفعك لولوجه واكتشاف أسراره، كما يحوي أيضا شرفة، أو »التراس« كما كان يردّد أبناء المنطقة، ذات الإطلالة البانورامية على بحر بيروت وكورنيشها البحري.
يقابلك عند دخول المطعم كرسيان أثريان فخمان، تناسبا والديكور الكلاسيكي للمطعم، الذي تحكي كل زاوية منه حقبة زمنية، بطابعه الشرقي المحض، الممزوج بنوع من الحداثة والعصرنة..لدرجة أشعرتنا بالفخامة و»الفخفخة«.
بابا غنوج، الكبّة المقلية، صيادية، فطيرة الجبنة، صينية الكفتة بالخضار، التبولة اللبنانية، شاورما الدجاج، ورق عنب، الفتوش، حمّص بطحينة، فلافل.. والقائمة طويلة عريضة، أكلات لبنانية لذيذة شدّت انتباهنا، بنكهاتها التي تنمّ عن تنوّع أطباق المائدة اللبنانية، منها من تذوّقناها بذات المطعم، وأخرى بمطاعم بيروت، منها من اختصّت في إعداد أكلات معيّنة، فانفردت بوصفتها.
للمطاعم الأجنبية تواجدا كبيرا بلبنان، حيث تقدّم الأطباق الخاصة بها، على غرار المطعم الأرميني، حيث تناولنا وجبة العشاء، هو عبارة عن مبنى حجري قديم،
من عين المريسة حتى المنارة
كورنيش البحر...متنزّه يحكي الأصالة
يعرف عن كورنيش بيروت البحري، أنّه من أكثر المناطق جذبا للسيّاح، يطلق عليه كورنيش عين المريسة، أصل التسمية ينبوع ماء عذب عند الشاطئ يصب في البحر حيثُ ترسوا مراكب الصيّادين، وسُمّيَ ينبوع عين الريّسة أي المرسى الصغير بصيغة »المَرْسه« أي قطعة من الحبل.
وقيل، أن أصل التسميّة يعود إلى تحريف كلمة الريَّسة أي الرئيسة، وثمة قصة لا إثبات لها، أن مركباً يضمّ مجموعة من الراهبات، تحطَّم عندَ شاطئ العين فغرقت معظم الراهبات ونجت القليلات، ومن بينهم الريِّسة التي أكرمها البحارة وضربوا لها مخيماً عند العين، وصار الناس يملؤون جرارهم من هذه العين، التي كانت تشرف عليها الريِّسة، التي ما لبثت أن شيّدت ديراً قرب العين، وسمّاها العامة دار المريِّسة أو عين المريسة، نسبة إلى الدير الذي ما لبث أن اندثر.
عند خروجنا من مطعم »لابلاج« وقفنا للحظات بمحاذاة السور الحديدي، المنصب على طول الكورنيش، نراقب عن قرب تدفّق أمواج البحر، فكانت شبيهة بتلك التي عشناها بمحاذاة صخرة »الروشة«، حيث كان المصوّر يحمل آلة قديمة، للتصوير الفوري، يعرض علينا التقاط صور بمحاذاة المنطقة الشهيرة، فكان منظرا يسحر العقول قبل القلوب، زادته مناظر النخيل الموزّعة على طول المكان، جمالا أخّاذا،
وكم تمنّينا مشاهدة الصيادين وهوّاة صيد السمك وهم يركنون قواربهم ويحملون معدّاتهم عن قرب، غير أن زمن الليل الذي صادف زيارتنا للمكان حال دون ذلك.
هي دي بيروت بمعالمها الأثرية، بمتاحفها على غرار المتحف الوطني، متحف الجامعة الأميركية، متحف سرسق، بيروت المركز الأساسي في لبنان لشركات التلفزة، والمطبوعات الصحفية، ودور نشر الكتب، هي بيروت بمعالمها التاريخية، بمراكزها التجارية ومبانيها بالطراز العمراني الشرقي، بيروت الثقافة الفن والموضة، ببساطة هي بيروت التي رأيت فأحببت..ودّعنا بيروت التي قضينا بها لحظات لا تنسى في جوّ أخوي جمع الوفد الإعلامي بممثّلي الأكاديمية والبيروتيون...، ولساننا يردّد أجمل ما قالت فيروز »لبيروت من قلبي سلامٌ لبيروت وقُبلٌ للبحر والبيوت...« وحلم يراودنا أن نزورها »كلّ سنة مرّة«..
لفائدة 50 صحفيا من شمال إفريقيا والشرق الأوسط
بيروت تحتضن تكوينا للإعلاميين في مجال التثقيف الصحي
احتضنت بيروت، مؤخّرا، تكوينا ل 50 صحفيا من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في مجال التثقيف الصحي، أشرفت على تنظيمه أكاديمية MSD للإعلاميين، بقاعة الاجتماعات رقم 2 بفندق روشة أرجان من روتانا، حيث تعرفّ هؤلاء على المزيد من المعلومات عن صناعة الأدوية وخدمات الرّعاية الصحيّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكيف تعمل MSD على دعم وتطوير هذا القطاع، بكلّ ما تمتلك من إمكانيات وموارد، وكذا تسهيلها وصول المرضى للبدائل العلاجية والعقاقير المختلفة، بالإضافة لجهودها المتميّزة في قطاع الأبحاث والتطوير، بهدف ابتكار المزيد من العقاقير المتطوّرة.
مبادرة الأكاديمية اندرجت في إطار تقديم كلّ الأدوات التي يحتاجها الصحفيون، بهدف تطويعها واستخدامها في تثقيف وتنوير الرّأي العام، حول عدد من أهمّ الموضوعات المرتبطة بصناعة العقاقير وخدمات الرعاية الصحية، حيث تطرّق الدكتور فيصل القاق، أستاذ محاضر بكلية العلوم الصحية بالجامعة الأمريكية ببيروت، إلى تأثير الإعلام على وضع السياسات الصحيّة، من خلال إيصال معاناة المرضى ونقل المعلومة الصحية المفيدة إلى أصحاب القرار، وبذلك توجيههم لتبنّي سياسات فاعلة في المجال الصحّي، والبحث عن حلول ناجعة للمعضلات المطروحة فيه.
طبيب أمراض النساء شدّد على الدور البارز التي تلعبه وسائل الإعلام على اختلافها في تنوير الرّأي العام، بتثقيفه حول الأمراض التي تهدّد صحّة الأشخاص، وكذا دفعهم لتغيير نظراتهم لمرض ما، معيبا انحصار أقلام بعض الإعلاميين في نقل الخبر دون قراءة ما وراءه، على غرار التحدّث عن أشخاص يعانون السّمنة، على سبيل المثال لا الحصر، دون التطرّق لأسباب انتشارها ..
من جهته تطرّق يعقوب حدّاد، من أكاديمية MSD، إلى أهمية ابتكار عقاقير جديدة للفئات الأكثر احتياجا، والتي تضمن حصول المرضى على العقاقير والمستحضرات الدوائية التي يحتاجون إليها، مشيرا إلى أنه وبفضل التطورات الهامة في العلاج ومنع الأمراض، زادت منذ عام ,1980 الحياة المتوقّعة لمريض السرطان بمقدار ثلاث سنوات، وأن الأبحاث توصّلت إلى أن الأدوية والعقاقير ساهمت لوحدها بحوالي 50 إلى 60 بالمائة، من الزيادة في نسب الشّفاء والنجاة من المرض.
في سياق ذي صلة كشف الدكتور يعقوب حدّاد أنّ الفضل في خفض حالات الوفاة الناتجة عن قصور القلب والأزمات القلبية، يعود بشكل جزئي للعقاقير الجديدة، وذلك بنسبة 45 بالمائة خلال العقد الأخير فقط، مذكّرا بأنه وخلال ثلاث سنوات فقط من طرح أوّل عقّار مضاد لفيروس الإيدز، انخفضت الوفيات بما يقارب ال 70 بالمائة، مشيرا إلى أنّه بإمكان العقاقير والمستحضرات الطبية خفض النفقات الصحية عن طريق منع الأمراض وإدارتها بطريقة سليمة، وفيما أكّد ممثل ال MSD أنّ تطوير عقّار جديد واحد يستغرق وقتا طويلا، يتراوح ما بين 10 إلى 15 سنة، بكلفة 3,1 مليار دولار تقريبا، وأنها تتزايد بمقدار الضّعف خلال العقد الأخير، أرجع ذلك لوجود عوامل مؤثّرة على التكاليف، منها طول التجارب الإكلينيكية، التحديات في ضمّ متطوعين لهذه التجارب، وكذا صعوبة الوصول للعقاقير الخاصّة بعلاج الأمراض المستعصية والمزمنة عن طريق التقدّم العلمي.
أما الأستاذة جيهان بطاينة من الأكاديمية، فقد تطرقت خلال مداخلتها إلى طريقة الوصول للمرضى الأكثر احتياجا للدواء، من خلال حصولهم على الأدوية والعقاقير، لتعرّج للحديث عن أنظمة الرعاية الصحية واقتصاديات الرعاية الصحية، بينما ركّز سامر العلي على الأمراض الأكثر انتشارا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منها السكري، أمراض شرايين القلب وتصلّب الشرايين، مشيرا إلى أنّ السكري يعدّ من الأوبئة العالمية الأكثر انتشارا، حيث يعاني منه حاليا أكثر من 285 مليون شخص، منهم 6,26 مليون بالغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أنه يلقي بأعباء اقتصادية جسيمة على أنظمة الرعاية الصحية، في الدول سابقة الذّكر.
سامر العلي كشف عن أنّ معدلات انتشار السكري في الجزائر، بلغت 5,7 بالمائة من إجمالي عدد السكّان، وأن أمراض القلب تتسبّب في 11 بالمائة من كل حالات الوفاة بين الجزائريين، مضيفا أن كل مريض بالسكري ينفق 413 دولار في المتوسّط سنويا على العلاج، مما يستدعي حسبه تنوير الرأي العام والفاعل السياسي حول خطورة ذات الأمراض التي تهدّد صحّة المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.