صورة لمدينة صيدا التجوّل في بيروت له نكهة خاصة وإحساس بالسكينة ، إذ أن وجود العاصمة على تضاريس جبلية ومحاذاة لجانب البحر ، جعلها تتميز عن العواصم الأخرى، فهي باريس العرب كما يسميها الأوربيين ، وهي مدينة الكتّاب والكتاب كما نسميها نحن أمة إقرأ. وعلى ذكر الكتاب ، فالعاصمة بيروت لا تعرف معنى كلمة هذا العنوان غير موجود، فهي تتفوق على مصر وسوريا في الوفرة وكثرة دور النشر، بيد أن الأسعار مرتفعة نوعا ما ، حيث تُعرف بيروت على أنها من أغلى عواصم العالم ، ولذلك لا يُنصح بالتسوّق فيها ، فأسعارها باهظة الثمن ، وهي مدينة للسياحة فقط ، إذا علمنا أن الأشقاء اللبنانيين يفضلون التسوّق في أسواق سوريا ، فبيروت مدينة صغيرة ومزدحمة ، تكثر فيها الأبراج العالية وجلّها مصارف ومؤسسات مالية خليجية وأجنبية، إلى جانب العمارات الكبيرة المخصصة للسكن والإدارات ، مع تواجد مكثف لقوى الأمن والجيش أمام الدوائر الحكومية وإقامات المسؤولين. بيروت باختلاف طوائفها ، من العواصم التي تسهر طويلا وخاصة وسط المدينة، منها شارع الحمراء المزدان بالأضواء وكثرة المطاعم والمحلات التجارية والصّرافين، وهنا يلاحظ شباب وشابات الدول الخليجية مرتدين ألبسة غربية مواكبة للموضة متجردين من كل ما يربطهم ببلدانهم. صورة لشارع الحمراء من جانب آخر، ورغم أن هناك بذخ وتبذير عند الأغنياء ، فالذي يقابله أن العاصمة تعاني من أزمة الماء الصالح للشرب في وسط المدينة بسبب نسبة الملوحة ، كما أن العاصمة تعاني من مشكل التزود بالكهرباء ، حيث يعتبر أكبر مشكل واجه الحكومات المتعاقبة ، وحتى حكومة "نجيب ميقاتي" الحالية ، فهم الآن في محادثات مع الأجانب لجلب بواخر مولدة للكهرباء ، كما أن سكان بيروت لازالوا يستعملون قارورات الغاز المميّع مع انعدام غاز المدينة ، وهنا يعرف الجزائري أنه ورغم النقائص والتجاوزات في التسيير ، إلا أن هناك انجازات كبرى لا تحصى، وبالرجوع إلى بيروت وحالتها الاقتصادية وأزماتها المتعددة ، فهي تعيش التقدم في بعض المجالات ، محاولة الظهور بمظهر الدول المتقدمة... دولة لبنان هي صغيرة، لحد أن الزائر يمكن أن يتجول فيها شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا في مدة 15 يوما ، وهي معروفة بأماكن سياحية جذابة ، مثل : مدينتي صيدا، وبعلبك ، ومناطق: جوني ، وعنجر، وجبال الأرز ، والمغارات العجيبة ، وغيرها ، كما أنها تحتوي على أثارات قديمة ، وقد قال لي أحد الأصدقاء وهو دكتور بجامعة بيروت، أن السلطات تتفادى عمليات الحفر والتنقيب لوجود كثرة الآثار تحت الأرض، يضاف إلى أن تواجد مدينة بيروت على واجهة البحر ساعد على عامل الرطوبة دون أن ننسى التلوث، وهو حال أغلب العواصم العالمية ، هذه التضاريس الصعبة لم تمنع اللبنانيين من القيام بالرياضة في الصباح الباكر على طول واجهة البحر. منطقة جوني صيدا قلعة صيدا جانب من ميناء صيدا ساحل صيدا وأثناء تجوّل الزائر في بعض النواحي، يتراءى له المباني التي ما تزال تحمل آثار العدوان الإسرائيلي، ومنها جسر كبير على ارتفاع أكثر من 85 متر، دمرته إسرائيل وتقوم السلطات اللبنانية ببنائه بتمويل أمريكي، حسب ما هو موضح في لوحة انجاز المشروع. ومما يشّد الانتباه ، الفوارق الاجتماعية ، فطبقة الأغنياء تمتلك الفيلات وتتنقل في السيارات الأمريكية ذات الدفع الرباعي ، أما طبقة الفقراء فهي تعيش المعاناة اليومية ، غير نظيرتها التي تعيش في المناطق الشيعية الجنوبية والتي يتواجد فيها حزب الله ، فهي تتلقى مساعدات من حين إلى آخر، ففي شوارع مدينة بعلبك مثلا، يلاحظ الزائر وجود صناديق مثبتة على أعمدة الكهرباء والجدران مخصصة لجمع المساعدات المالية ، ومنها يتم توزيعها على فقراء المدينة وهي طريقة يعتمدها حزب الله في مساعدة السكان على التخفيف من مصاريفهم . من جانب آخر، مما يميّز المجتمع اللبناني كذلك ، انفتاحه على الغرب بحكم أن الغالبية هم من المسيحيين ، إلا أن هناك تعايش رغم الاختلافات الدينية والطائفية ، فمسجد الشهيد "رفيق الحريري" رحمه الله ، لا يفصل بينه وببن كنيسة كبيرة إلا ممر صغير وهذه هي قمة التعايش والتسامح ، وبالمناسبة، فالمسجد هو تحفة مبنية من الرخام ومزود بأفرشة عالية الجودة وأماكن للوضوء مجهزة بتجهيزات حديثة ، وهذا رغم مساحته الصغيرة مقارنة بالمساجد العالمية الكبرى، فقد بناه الحريري الأب ولم يدخله ، حيث اُستشّهد قبل نهاية الأشغال ودفن مع مجموعة من مرافقيه في ساحة محاذية له، وهي مقصد للزوار والسياح أيضا، وقد كانت لنا السانحة أن نؤدي صلاة الجمعة بهذا المسجد ، حيث لاحظنا حضور المسؤولين والتواجد المكثف لرجالات الأمن والجيش، وقد ركز خطيب المسجد في خطبته على المصالحة ونسيان الأحقاد والتعاون بين كل اللبنانيين على إعادة إعمار لبنان . منظر جانبي للكنيسة المحاذية للمسجد مسجد الشهيد رفيق الحريري ضريح الشهيد رفيق الحريري وفيما بعد ، كانت لنا الفرصة لزيارة البعض من الأماكن السياحية مثل صخرة "الروشه" في بيروت ، وأثار بعلبك الجميلة الواقعة على بعد 120 كلم شمال بيروت ، وبعض المتاحف والجامعة الأمريكية، هذه الجامعة ذات المساحة الكبيرة التي تتوسط بيروت حيث توجد فيها كل الفروع ، ويؤطرها أكاديميين من كبار الأساتذة . آثار بعلبك من آثار بعلبك أما في منطقة "جوني" بأعالي بيروت ، فنجد مجسمات منحوتة على الرخام لفنانين من أمثال ماجدة الرومي ووديع الصافي ، وغير بعيد عن هذه الآثار ، هناك مطعم مثير للانتباه ، حيث أنه يوجد داخل هيكل طائرة مهيأ ومحاط بنباتات وأشجار. تمثال للمطرب وديع الصافي المطعم الطائرة الجدير بالذكر، أن أفضل الأوقات لزيارة لبنان هو زيارتها في فصلي الخريف أو الربيع ، ومن الأحسن برمجة زيارة دمشق عبر البر ، فهي تبعد عن بيروت بحوالي 2 ساعتين من الزمن ، والخيار يكمن بين الحافلات أو سيارات الأجرة بسعر 17 دولار في هذه الأخيرة . من شوارع بيروت ملعب بيروت من فنادق بيروت وسط المدينة وسط بيروت وسط بيروت فمن الأحسن برمجة زيارة لبنان للسياحة ، حيث الدخول إليها يتطلب التأشيرة ، أما سوريا فلا تتطلب تأشيرة، وبذلك تكون الرحلة الجزائر لبنان ذهابا، وسوريا الجزائر إيابا، طبعا زيارة دمشق ليس الآن، بل بعد أن تتعافى إن شاء الله ، من المؤامرة التي حيكت ضدها باعتبارها رمز الصمود والقومية العربية. هنا، يكفي التذكير أنه عندما تخلت عنّا كل الدول العربية بما فيها الشقيقة موريتانيا وفرضت التأشيرة على الجزائريين أيام العشرية الحمراء ، بما فيها العراق الذي كان في حالة حرب وحصار، لم تبق لنا إلا سوريا بدون تأشيرة ، ومعها تونس ، لأنها كانت وما تزل تعيش من خيرات الجزائر. وبالعودة لذكر سوريا ، حيث قررت عدم طلب التأشيرة من الجزائريين ، وهذا موقف لن ننساه لها ، داعين لها بالخروج من أزمتها المفتعلة ، والعودة القوية للساحة العربية والدولية .(للعلم أن كل من الأردن ولبنان والعراق وحتى تركيا وايران يتسوقون من دمشق). أولم يقل فيها الشاعر قديما : لولا دمشق لما كانت طليطلة *** ولا زهت ببني العباس بغداد فتحية تقدير وعرفان لأهلنا الشرفاء في لبنان وسوريا على السواء، وعجل الله بفناء الفتنة التي تعصف ببلاد الشام وما أدراك ما بلاد الشام ! وتقبل الله صيامكم بكثير من الأجر والثواب.