يستعد قرابة 600 ألف مترشح لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا دورة 2013 ، والتي لا يفصلنا عنها سوى شهر واحد تتفاقم فيه المخاوف ويتعزز فيه التوتر والخوف من الفشل، خاصة لدى فئة معينة من الطلبة ممن يتصفون بالنفسيات الهشة والتي يصعب التعامل معها في الكثير من الظروف، خاصة إذا تعلق الأمر باجتياز امتحانات مصيرية كالبكالوريا. ما أن يبدأ العد التنازلي لامتحانات السنة النهائية لطلبة الثانويات، حتى تلتف كل العائلات حول أبنائها المعنيين، بعضها بزيادة ميزانية الدروس الخصوصية وفي اعتقادها أنها الحل الأمثل لاجتيازس الباكز بسلام والبعض الآخر بالحث على المراجعة وتوفير الظروف الاجتماعية والنفسية المناسبة لذلك.لكن ورغم كل ما يقدمه الأولياء والمحيط العائلي من رعاية خاصة للمقبلين على البكالوريا، يبقى التخوف من التقصير سيد الموقف وسلاح ذو حدين، قد يساعد الطلبة على التركيز والاستعداد كما قد يشعرهم بالضغط مما يؤثر سلبا على نفسيتهم. منير، مروان وأيوب أصدقاء وزملاء دراسة من ثانوية عمارة رشيد، يعدون الأيام بخوف وترقب، فالموعد الذي كان يبدو لهم بعيدا يقترب شيئا فشيئا، ولم يعد يفصل بينهم وبين البكالوريا سوى بضعة أسابيع يكرم بعدها الطالب أو يهان. يقول أيوب:'' نجتمع بصفة يومية ودورية في بيت أحدنا للمراجعة في جو عائلي يحترم كوننا طلبة في القسم النهائي نقوم بالاستعداد لاجتياز امتحان مصيري، لذا تسهر أمهاتنا على راحتنا ويوفرن لنا الأجواء المناسبة من راحة وتغذية ورعاية''. أما منير فيؤكد بوعي التلميذ النجيب الممنهج:''التحظير للبكالوريا لا يتم في الشهر الأخير، وهذا هو الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الطلبة، بل يتم ذلك بانتظام طوال السنة لألا تتراكم علينا الدروس ويتجاوزنا الوقت، لقد انتهجنا أنا وزملائي طرق المراجعة المنتظمة يوميا لكل درس علي ، بينما في الشهر الأخير نقوم بمراجعة شاملة لدروس فهمناها واستوعبناها في وقتها'' فيما يرى مروان أن الانعزال عن الناس والأسرة والمجتمع لا يفيد الطالب كثيرا، بل يدفعه للانهيار وللوقوع في دوامة الضغط، لذلك نفضل المراجعة الجماعية في أوساط عائلاتنا ومع بعضنا حتى يخف لدينا الشعور بالضغط ولا نشعر بالوحدة وأيضا لأننا أثناء المراجعة الجماعية نفكر ونسأل بصوت عال مما يرسخ المعلومات في أذهاننا ويمنع عنا عدم التركيز''. أما رتيبة والدة أيوب فتقول:''لم نتسامح مع أيوب في مسألة التحاقه بالمدرسة يوميا، رغم أنه يتابع دروسا خصوصية في كل المواد الأساسية لشعبته، رغم أن عدوى مقاطعة الدروس بالثانوية صارت موضة احتذى بها الكثير من الطلبة للأسف، حيث لم تنفع تحذيرات الأساتذة من عواقب ذلك، وبعض الأولياء يعتقدون اليوم أن لا فائدة من الالتزام بالمواعيد الدراسية طالما أن أبنائهم لا يستفيدون بالشكل الكافي الوافي من الدروس النظامية، وفي ذلك جزء من الحقيقة فقط وليس كلها لأن أساتذة الدروس الخصوصية هم أنفسهم أساتذة الثانوية، لمنهم خلال دروس الدعم يقدمون أكثر الدروس والبرامج توقعا. بامتحان البكالوريا، ولا يتبعون المقرر كما في الثانوية والاتكال عليهم كليا قد يوقع التلاميذ في مأزق لا يحمد عقباه في الامتحان''. دعم الأولياء أساسي للنجاح في البكالوريا تؤكد النفسانية بديعة ثامري على دور الأولياء ونحن على عتبة الامتحانات المصيرية وتشدد على غرار كل النفسانيين على ضرورة معاملة المقبلين على البكالوريا كباقي المتمدرسين في الأطوار الأخرى، لأن تمييز طالب القسم النهائي عن غيره يحيطه بهالة من المخاوف، فالتهويل واعتبار شهادة البكالويا هي الحياة وعدم الحصول عليها نهاية العالم يدخل الطالب في دوامة من التوتر والضغط النفسي بل على العكس من ذلك، على الأولياء ترك أبنائهم على راحتهم وتحضيرهم لاستقبال النتيجة مهما كانت، لكن ما يحدث في الغالب للأسف ودون وعي من الأولياء أنهم ينقلون إلى أبنائهم مخاوفهم ويزيدون من شعورهم بالضغط. وهنا تنصح الأخصائية النفسانية الأولياء بمد أبنائهم بالثقة والتفاؤل و بالمحبة والدعم النفسي وتبديد مخاوفهم وبتوفير الأجواء المريحة لهم للمراجعة، وهذا دون إغفال التغذية السليمة والمتوازنة التي تمنح الطالب الطاقة الإيجابية. وفي هذا الإطار يؤكد أخصائي التغذية سليم محي الدبن أن على الأولياء التركيز على تغذية الطلبة المقبلين على الامتحانات المصيرية، مضيفا أن عليهم الاعتماد على الخضر والفواكه والعصائر الطبيعية والابتعاد عن المنبهات كما يعتبر الجلوكوز الوقود الرئيسي لخلايا المخ، ولذلك ينصح الأخصائي الطالب أو الطالبة بأن يأخذ كفايته منه لأن نقص الجلوكوز يؤدي إلى توقف الطالب والطالبة عن المذاكرة ويحس بخمول وتعب، وكذلك أخذ كفايتهم من الحديد لأنه من العناصر الغذائية المهمة ويساعد الطلبة على التركيز. صيادلة يؤكدون لجوء طلبة البكالوريا للمنشطات انتشار استهلاك المنشطات صار موضة في أيامنا هذه ولم يستثن القطاع الرياضي فحسب، بل حتى التلاميذ المقبلين على اجتياز الامتحانات المصيرية يقبلون على اقتناء واستهلاك الفيتامينات على أنواعها وكذا المنشطات على أساس أنها تقوي التركيز والذاكرة وتبعد شبح الوهن والإعياء. وفي جولة استطلاعية لتقصي هذا الموضوع عن قرب أكد لنا سيد علي أحد الصيادلة بحي الأبيار أن هذا هو التوقيت السنوي المعتاد الذي يبدأ فيه الطلبة المقبلين في التوافد على صيدليته لشراء المقويات والمنشطات لمواجهة التعب والإجهاد الجسماني والفكري والقدرة على السهر واستيعاب الدروس، وذكر لنا سيد علي بعض الأدوية على سبيل المثال لا الحصر ''توب فورم'' ماغروسنسايس ''سيرجنورس'' وسسيويلس وكذا'' أكسترا دو جانسون'' وكلها تساعد على إنعاش الذاكرة وتنشط الجسم وتبعد شبح الإرهاق .وأضاف الصيدلي أن كل الصيدليات تبيعهم هذا النوع من الأدوية دون وصفات طبية لأنها تدخل في زمرة الفيتامينات والمقويات كما أن أغلب الطلبة يشترونها بمفردهم، وهناك من لا يعرف أي نوع منها لذا يطلب النصح من الصيدلي. وبسؤالنا لأسامة أحد الطلبة المقبلين على شهادة البكالوريا والذي بدأ يستهلك مثل هذه المقويات تقليدا لأصدقائه الذين نصحوه بها لأنها تساعده على الحفظ والسهر والاستذكار قال: ''لا خوف من هذه الأدوية طالما أننا نستهلكها بالمعدل الذي تنص عليه العلبة، وطالما أنها مجربة من قبل وليس لديها آثار جانبية طالما أن استهلاكها مؤقت ومرتبط بفترة الامتحانات فقط، وعن سؤالنا حول ما إذا كان والديه على دراية بما يستهلكه، قال أسامة أنه يفعل ذلك خفية عنها مضيفا أن والديه لا يمكنهما أن يتفهما الأمر فهما حريصين جدا وقد يخافان عليه من إدمان هذه المقويات وأن مثل هذا الخطر قائم إذا أسيء استعمالها وبالغ الطالب في استهلاكها''.