شهد المعرض الذي احتضنته ساحة بلدية القبة مؤخرا تحت شعار «تراثنا فخر لنا»، والذي يمتد على مدار أسبوع كامل، توافد أعداد كبيرة من الزوار للاطلاع على ما جادت به أنامل الحرفيين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر على الأجنحة لعرض حرفهم في أبهى حلة. وقد تحولت ساحة بلدية القبة إلى معرض مفتوح يحوي مجموعة متميزة من الحرف والصناعات التقليدية التي بقي بعض الحرفيين أوفياء لها من خلال الحفاظ عليها من الزوال باعتبارها جزءا من التراث وتمثل أصالة المجتمع وعراقته، وهو ما حدثنا عنه رئيس فدرالية الحرفيين والصناعات التقليدية، رضا يايسي، الذي قال : «انطلاقا من فكرة مبدأ الحفاظ على التراث الذي ارتأينا أن يكون شعار المعرض وتفعيل وإنعاش السياحة الداخلية بالعاصمة، قررنا كفدرالية أن نخصص للحرفيين فضاء يخرجون إليه حرفهم ليعرفوا الجمهور بأهمية هذه الصناعات التقليدية ، ولنمكنهم من تصريف بضاعتهم، لا سيما وأن الشغل الشاغل للحرفيين اليوم هو عدم وجود أسواق يتم من خلالها بيع معروضاتهم. وأضاف «بعد النجاح الذي عرفه معرض الصناعات التقليدية ببلدية بلوزداد، قررنا تعميم المعرض على مستوى 57 بلدية بدءا من بلدية القبة التي تعرف مشاركة 40 حرفيا، تليها بلدية باب الزوار التي من المنتظر أن تعرف مشاركة حرفيين من 48 ولاية، وكل هذا في سبيل دعم الحرفيين وتشجيعهم على حفظ هذه الحرف التي تسير يوما بعد يوم نحو الزوال على غرار النقش على النحاس والدباغة». من جهته، قال السيد عز الدين كآلي مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية الجزائر: «إن مثل هذه المعارض تكشف للجمهور عن مدى التنوع الذي تزخر به الجزائر في مجال الصناعات التقليدية، وتعكس من ناحية أخرى مدى تمسك الحرفيين بنشاطهم، الأمر الذي يستدعي تشجيعهم ودعمهم، وهو عموما ما عكفت عليه وزارة السياحة، التي قامت مؤخرا بإعادة تحيين المنشور المتعلق بدعم الحرفيين من الصندوق الوطني لدعم نشاطات الصناعات التقليدية. وحسب المتحدث، فإن المطلوب اليوم من الحرفيين وأصحاب الصناعات أن يروجوا للصناعات التقليدية، بإدخال بعض الإبداعات أو الابتكارات التي تجلب اهتمام وانتباه الزوار إليها، وبالتالي نتمكن من إعادة إحياء هذه الحرف بقليل من الإبداع الفني الذي لا يمس طبعا بأصالة الحرفة في حد ذاتها. وقد حضرت سميرة كركوش عضو بالبرلمان، نائب عن الجزائر العاصمة، حفل افتتاح المعرض، وصرحت ل”المساء”، أن الحرفيين اليوم في حاجة الى الدعم والتشجيع، لا سيما وأنهم يسهمون في الحفاظ على تراثنا، وبحكم أن الفدرالية تفكر اليوم في إنشاء فضاء دائم ليتسنى للحرفيين الاجتماع فيه لعرض إبداعاتهم، نعمل نحن كبرلمانيين على دعم مثل هذه المبادرات الإيجابية. وتجولت «المساء» بأجنحة المعرض وكان لها لقاء مع بعض الحرفيين، فكانت البداية مع «عمي الهاشمي بن ميرة»، الذي له خبرة في مجال صناعة النحاس تزيد عن 51 سنة، وحول حرفة النحاس والمتاعب التي تعرفه، قال: «تسهم هذه المعارض في تقديمنا للجمهور، وتصريف بضائعنا، غير أن الانشغال الكبير الذي تعاني منه هذه الحرفة هو افتقارها للمادة الأولية التي جعلتنا عاجزين عن نقل خبرتنا للشباب الراغب في التعلم». من جهته، حدثنا حميد لعجالي، حرفي في صناعة السلالة، عن إعجابه الكبير بالمعرض، حيث قال: «هذه المعارض أنعشت صناعتنا إلى درجة أني أصبحت غير قادر على تلبية رغبات الزبائن الكثيرة من منتوجات السلالة على غرار القفة، المظلة والحصيرة. وشد جناح الحلويات اهتمام النسوة، اللواتي رحن يسألن العارضة عن الطريقة التي تمكنهن من الالتحاق بمدرستهن للتعلم، وفي دردشتها مع «المساء»، قالت مريم غزالي، صانعة حلويات، أن مدرستهن تضع بين أيدي النسوة ستة كتب خاصة بالحلويات والعجائن، وتفتح للنساء الراغبات في التعلم آفاقا واسعة، ليتحولن إلى نسوة منتجات وأصحاب مشاريع ناجحة وتحديدا في مجال صناعة الحلويات التي تعرف اليوم انتعاشا كبيرا. ومن بين الأجنحة التي استقطبت اهتمام الجمهور، جناح الأحذية الذي أبدع فيه أحمد العربي في عرض أحذية مصنعة محليا، حيث قال في حديثه ل «المساء»، أن الإقبال الكبير عليه جعله يتيقن بأن المواطن بدأ اليوم يستعيد ثقته شيئا فشيئا في لمنتوجات المحلية، وهو طبعا أمر يشجعنا على المزيد من العطاء، لوضع حد للسلع المستوردة وتحديدا الصينية منها.